أدان المركز الفلسطيني لحقوق الانسان احتجاز طفل في مركز توقيف للبالغين، وما تعرض له داخل المركز، مطالبًا النيابة العامة بفتح تحقيق حول ملابسات احتجازه ومعاملته في مكان خاص بالبالغين، بدلا من مؤسسة الربيع.

ووفق المركز فقد وصل الطفل مصطفي فايق عبد ربه سلمان(16) عاماً، من سكان بيت لاهيا إلى المستشفى الإندونيسي بجباليا شمال قطاع غزة، يوم السبت الموافق 2 سبتمبر 2017، في حالة موت سريري، والذي كان موقوفاً داخل نظارة مركز شرطة بيت لاهيا منذ حوالي شهرين أثر اتهامه بالمشاركة في شجار. 

ووثق المركز إفادة شقيق الضحية الذي قال إنه "في صباح يوم الخميس الموافق 31 اغسطس 2017 توجهنا إلى مدير مركز شرطة بيت لاهيا بطلب للسماح لمصطفى بقضاء العيد في المنزل مع الاسرة، إلا إن طلبنا قوبل بالرفض". 

وأضاف شقيقه "سمح لنا بزيارته أول ايام عيد الأضحى المبارك، وفي اليوم الثاني صباحا تكررت الزيارة بحضور والدته، وخلال الزيارة شكى لنا مصطفى من المعاملة السيئة التي يتلقاها في مركز التوقيف، وكان شديد الحزن لعدم قضائه العيد معنا".

وأكد أن العائلة تلقت اتصالاً بأن مصطفى قام بشجار في الحجز وأصيب وتم نقله للمشفى الاندونيسي بجباليا، وعندما توجهت العائلة للمشفى وجدت مصطفى لا يتحرك وقد وضعت عليه أجهزة الإنعاش، وكان ظاهرا على جسده أثارا لجروح قطعية في البطن والكتفين وآثار لتورم في العنق، وقالت الشرطة لهم إنه انتحر باستخدام ملابسه الداخلية (الشباح) في حمام النظارة، ليتم بعد ذلك نقله إلى مستشفى الشفاء في حالة موت سريري حيث ماتت جميع خلايا الدماغ، كما أفادتهم الطواقم الطبية.

 

وبالمقابل أفاد مدير النظارة بالمركز بأن “عدد الموقوفين داخل النظارة 70 موقوفاً تم إعطاء إجازة العيد  55 منهم وتبقى داخل النظارة 25 ، وقد كان وقت الحادثة داخل الغرفة التي كان داخلها المواطن سلمان 8 أشخاص آخرين ، وقد توجه لدورة المياه "الحمام" للاغتسال، وقد كان على باب الحمام موقوف آخر يريد الاغتسال هو الآخر، فطلب منه مصطفي أن يغتسل هو الأول فوافق، وقد قام مصطفى بالدخول للحمام، وقام بفتح صنبور المياه، وبعد حوالي 10 دقائق افتقده الموقوف الآخر، فقام بالطرق على باب الحمام فلم يجب ، فقام هو و4 من السجناء بفتح الباب فوجدوه معلقاً بنافذة الحمام، حيث انه قام بتمزيق ملابسه الداخلية "الشباح" وقام بربطه في النافذة وقام بتعليق نفسه، وقد قام حارس النظارة بعمل تنفس صناعي له، ومن ثم تم نقله بسيارة شرطة للمستشفى الإندونيسي.

وقد علق مدير النظارة على احتجاز طفل في مكان مخصص للبالغين بأنه "يملك بطاقة شخصية، وجسده ضخم كيف يصنف على أنه طفل"، وأضاف أن العائلة لم تقدم طلب للخروج بإجازة في العيد كما زعموا، كما لم تقدم ورقة صلح مع العائلة الأخرى، ولذا لم يطلق سراحه، لأنه لا يوجد ضمانات لعدم الاعتداء عليه من العائلة الأخرى (الطرف الآخر في الشجار الذي احتجز).

وعبر المركز عن قلقه واستغرابه من الروايات المتضاربة التي ساقها مركز التوقيف عن ملابسات إصابة الطفل مصطفى، وتعارض الرواية الرسمية، مع حقيقة الجروح والرضوض الموجودة على جسم الضحية، والتي لا يمكن تفسيرها إنها نتاج محاولة انتحار باستخدام ملابسه الداخلية.

وأبدى المركز استغرابه الشديد من المعايير التي يتبعها مدير النظارة في تحديد سن الطفولة، والتي تفتقر إلى المهنية وتخالف القانون بشكل واضح، بل أن نتائجها اصبحت واضحة بعد أن أقدم الطفل مصطفى على الانتحار (كما تقول رواية الشرطة) نتيجة لظروف احتجازه في مكان لا يتناسب مع عمره العقلي.

وأكد المركز أنه لا يمكن قبول منطق حجز الطفل في مركز احتجاز لمدة شهرين، ورفض اخراجه بكفالة، بادعاء أن ذلك لحمايته من بطش العائلة الاخرى (الطرف الآخر في الشجار)، وتعتبر إن هذا المنطق بتناقض مع العدالة، وقرينة البراءة، ويجعل المتهم ضحية لضعف الأمن وعدم قدرته على توفير الحماية للمواطنين.

وطالب المركز بالتحقيق باعتبار مركز الاحتجاز المسؤول الأول عن حياة المساجين وذلك بموجب المادة (7) من قانون رقم (6) لسنة 1998 بشأن مراكز الاصلاح والتأهيل، وضرورة التحقيق في احتجاز طفل خلاقا للقانون، وعن المعاملة السيئة التي تعرض لها الأخير، وعن ظروف وملابسات الحادث الذي أودى به إلى حالة موت سريري.

وأدان المركز احتجاز الطفل مصطفى على ذمة قضية شجار لأكثر من عشرين يوماً، مع العلم إن قانون الطفل الفلسطيني وفي المادة (69) يؤكد على اعطاء "الأولوية للوسائل الوقائية والتربوية ويتجنب قدر الإمكان الالتجاء إلى التوقيف الاحتياطي والعقوبات السالبة للحرية".

وشدد المركز على الاحكام الواردة في المادة (20) من قرار بقانون رقم (4) لسنة 2016 والذي أكد على، أن يكون احتجاز الحدث (الطفل) على ذمة التحقيق استثناء إذا “كانت ظروف الدعوى تستدعي ذلك"

يرى المركز أن الطفل مصطفى قد تعرض لإجحاف خطير بحقوقه كطفل وفق القانون الفلسطيني واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 الملزمة للسلطة الفلسطينية، وتبدأ المسؤولية التقصيرية منذ حجز الطفل على ذمة التحقيق بشكل تعسفي لمدة شهرين في مكان غير مخصص للأحداث، بما عرضه للخطر والمعاملة السيئة، حتى انتهى الأمر بالحادث المأساوي الذي أفقده حقه بالحياة، المكفول بالقانون الفلسطيني والمعايير الدولية الملزمة للسلطة الفلسطينية.

المصدر : الوطنية