أكد رئيس هيئة مكافحة الفساد المستشار أحمد براك، أن دولة فلسطين ترجمت إرادتها السياسية ‏في مكافحة الفساد بالتزامها الراسخ بالمعايير الدولية للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وذلك من خلال ‏اعتمادها لآليات ونظم وتشريعات تساهم بالحد من الفساد ومنعه وملاحقة مرتكبيه وضمان تقديمهم للعدالة‎.‎

جاء ذلك خلال ترؤسه لوفد دولة فلسطين المشارك في مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم ‏المتحدة لمكافحة الفساد في دورته الثامنة، الذي عقد في دولة الامارات العربية المتحدة، بمشاركة كل ‏من مدير عام ديوان رئيس هيئة مكافحة الفساد سعيد شحادة، ومدير عام الشؤون القانونية في الهيئة رشا ‏عمارنة، ومدير عام الوقاية والتوعية في الهيئة حمدي الخواجا، ومدير عام المعلومات والمتابعة في الهيئة ‏عصام عبد الحليم، والنائب المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في فيينا صفاء شبات، وممثلة عن ‏وزارة الخارجية والمغتربين‎.‎

وأوضح براك، خلال كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن أهم هذه الآليات والنظم كان ‏اقرار قانون مكافحة الفساد المعدل الذي صدر في العام 2010، والذي عُدل ليكون أكثر تواؤما مع أحكام ‏اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بالإضافة الى انشاء هيئة مستقلة تعنى بمكافحة الفساد تختص بمهمتي ‏الوقاية وإنفاذ القانون، ونيابة متخصصة لمكافحة الفساد، ومحكمة متخصصة بالنظر في جرائم الفساد‎.‎

وتقدم خلال المؤتمر بمشروع قرار لتعزيز استرداد الموجودات لدعم تحقيق أهداف التنمية ‏المستدامة "2030"، مؤكداً أن موقف دولة فلسطين هذا يندرج ضمن مواقفها الداعمة باستمرار الجهود ‏الدولية والإقليمية الهادفة إلى تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومبادئها.

وأشار إلى أن دولة فلسطين ‏أيدت مشاريع القرارات السابقة بشأن مسألة استرداد وإعادة الأصول في الدورتين السادسة والسابعة من ‏البرنامج، حيث تأمل فلسطين كدولة نامية أن تساهم مع الدول الأخرى في الكفاح من أجل الحصول على ‏الحقوق المشتركة في التنمية المستدامة‎.‎

ولفت إلى أن دولة فلسطين سعت منذ حصولها على صفة دولة مراقب في هيئة الأمم المتحدة للانضمام الى ‏كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية إيماناً منها بالتزامها الثابت بالمشاركة الفاعلة في الجهود الدولية والاقليمية ‏على كافة الصعد والمستويات، والتي كان من ضمنها انضمام فلسطين إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة ‏الفساد في العام 2014، علماً أن فلسطين التزمت طوعا بأحكام الاتفاقية منذ العام 2005 قبل الانضمام لها، ‏وكذلك انضمامها مؤخرا الى منظمة الشرطة الدولية (الانتربول) الأمر الذي يعزز من جهود دولة فلسطين ‏في مكافحة الجرائم بشكل عام وجرائم الفساد بشكل خاص، ويسمح لها بملاحقة المتهمين والفارين من وجه ‏العدالة على المستوى الدولي‎.‎

وأوضح، أن دولة فلسطين بقيادة هيئة مكافحة الفساد وبالشراكة مع مختلف فئات المجتمع ‏الرسمية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني أطلقت الاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية الثالثة لتعزيز ‏النزاهة ومكافحة الفساد 2020-2022، بنهج تشاركي إيمانا منها بضرورة تكاتف الجهود وإشراك فئات ‏المجتمع كافة في جهود مكافحة الفساد‎.‎

وقال، إن هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية تمكنت مع شركائها من تنفيذ ما يقارب (2000) نشاط وفعالية، ‏هدفت الى تعميم المعرفة والتوعية بآثار الفساد ومخاطره والوقاية منه، شارك فيها ما يزيد عن (150) ألف ‏مشارك، حيث طالت تلك الأنشطة كافة قطاعات المجتمع ومكوناته‎.‎

‎وبيّن أن الهيئة تمكنت من تضمين قيم النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد في المناهج ‏الدراسية، كما عملت على إعداد مساقين جامعيين بالتعاون مع الجامعات الفلسطينية، التحق بهمها أكثر ‏من 8 آلاف طالب‎.‎

وأضاف: في مجال إنفاذ القانون، قامت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية ومنذ إنشائها، بوضع آليات عمل ‏وبرامج تكفل انسياباً سهلاً لعملية تلقي البلاغات واستقبال الشكاوى والمشتكين من أفعال الفساد، كان آخرها ‏اطلاق تطبيق الكتروني عبر الهاتف يسمح بتقديم الشكاوى والبلاغات مع خيار عدم ذكر هوية المبلغ. وقد ‏تلقت الهيئة منذ إنشائها (3949) شكوى وبلاغا، تعاملت معها واتخذ الاجراء والمقتضى القانوني بشأنها، وقد ‏احيل بعد التثبت والبحث والتحري والتحقيق الذي أجرته الهيئة (437) ملفا الى السلطات القضائية المختصة، ‏فيما تشير الاحصائيات الى أن عدد القضايا التي أحيلت لمحكمة جرائم الفساد حتى منتصف الشهر الماضي ‏‏11/2019 قد بلغ (208) قضايا سجلت امام محكمة جرائم الفساد، تم الفصل في (173) قضية منها، وقد بلغ ‏عدد الأحكام الصادرة بالإدانة من بين تلك الاحكام (123) حكماً‎.

وأكد براك اعتماد نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء والأشخاص وثيقي الصلة بهم، تشجيعا ‏للإبلاغ عن الفساد، حيث دخل هذا النظام حيز النفاذ مؤخرا، ومنحت بموجبه الحماية لطالبيها، مشيرا إلى أن ‏هيئة مكافحة الفساد سعت للتواصل مع مختلف الدول الاعضاء باتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد من أجل ‏إبرام مذكرات للتفاهم والتعاون معها في مختلف المجالات، حيث أبرمت الهيئة (6) مذكرات تفاهم وتعاون ‏دولية حتى اليوم، وجاري العمل على توقيع المزيد منها باعتبار ذلك متطلب بموجب الاتفاقية الأممية‎.‎

وأوضح أن دولة فلسطين قد أبدت رغبتها الصادقة بالمشاركة الفاعلة في الآليات المتعلقة باستعراض تنفيذ ‏الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، فخضعت للاستعراض للفصول المستعرضة بالدورة الأولى وأنهت عملية ‏الاستعراض بنجاح، وقامت بعرض التقرير كاملا، بالاضافة للخلاصة الوافية على الموقع الخاص بالأمم ‏المتحدة، وكذلك على الموقع الالكتروني لهيئة مكافحة الفساد وقامت بنشره. كما خضعت لعملية الاستعراض ‏للدورة الثانية، وتشارك باستعراض نظرائها سواء بالدورة الأولى أو الثانية التي ما زالت مستمرة آملة أن ‏تكلل بالنجاح. ‏

كما شاركت فلسطين في اجتماع الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد الذي عقد على هامش ‏المؤتمر، وتم التباحث بين الدول العربية لمقترحات تدريبية ودراسات وورش عمل تقدم بها أعضاء الشبكة، ‏علما بأن فلسطين إحدى الدول التي أسست هذه الشبكة‎.

يذكر أن هذا المؤتمر يعتبر أحد أهم التجمعات الدولية التي تمنح الفرصة للدول الأعضاء الموقعة على ‏اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد للاجتماع من اجل تعزيز التعاون فيما بينها لتحقيق أهدافها الواردة في ‏الاتفاقية، حيث شارك في المؤتمر حوالي ثلاثة آلاف مشارك من 185 دولة ليعتبر من أكبر التجمعات الدولية ‏التي تعنى بمناقشة القضايا المتعلقة بمكافحة الفساد‎

المصدر : الوطنية