منذ عام 1885 بدأ السير توماس جونستون ليبتون ببيع الشاي بأسعار زهيدة للعمال الفقراء، وبعدها حاول أن يزيد من جودة الشاي فصنع "شاي ليبتون" الذي بات يُباع في كل أنحاء العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط ومصر والخليج حتى يومنا.

وقد أتت كلمة الشاي من الفارسية "جاي"، ويعتقد البعض أن الشاي أتى من الهنود الحمر، فيما ورد في الموسوعة الإيطالية أن أصل الشاي هو بلاد الصين، حيث اعتاد الملك شينوق شرب الماء الساخن بعد غليه، وكان مغرمًا برعاية الأعشاب وجمعها والتداوي بها.

وفي إحدى المرات، ترك بعض أوراق الشاي في الحديقة وبالصدفة حملت الريح من ورق الشاي الجاف إلى القدح الساخن، وعندما تذوق طعمه استساغه وانتشر بعدها في الصين وخارجها.

وبسبب الانتشار والاستهلاك الواسع للشاي حول العالم والذي يُعد المشروب الثاني الأكثر استهلاكًا على الأرض بعد الماء، فقد لاقى شهرة في كثير من الثقافات وفي العديد من المناسبات الاجتماعية المختلفة، ووصل الأمر إلى ظهور ما يسمى بـ "حفلات الشاي".

وتتنوع عادات الشعوب في طريقة تحضير وشرب الشاي، فباختلاف العادات حول العالم نجد طرقًا وابتكارات قد نعدها غريبة في مجتمعنا العربي إلّا أنها تلاقي رواجًا بالنسبة لأهلها، وهذه بعض منها:

الصين: يشرب الصينيون شاي الياسمين بدون إضافة سكر على الإطلاق، ويمتاز بنكهة ورائحة عطرية تغري بشرب أكبر قدر منه.

تايلند: يحب الشعب التايلاندي الشاي المثلج، وعادةً يقتصر شرب الشاي الساخن على الضيوف الأجانب.

الهند: الشاي واحد من أهم المشروبات الساخنة الأكثر شعبية في الهند، ويستهلك يوميًا في جميع المنازل تقريبًا مع إضافة الكثير من الحليب، ومع أو بدون التوابل.

سيرلانكا: هي من أشهر الدول في زراعة وصناعة وتصدير الشاي، وفي العاصمة كولمبو توجد أكبر الشركات العالمية التي تتحكم في تحديد مستوى وسعر الشاي عالميًا. ويتناول شعب سيرلانكا الشاي مر المذاق ويستمتعون به.

بريطانيا: يمكن وصف الشاي بأنه المشروب الوطني في بريطانيا، وبدأت استيراده منذ عام 1660، واسم الشاي هناك لا يشير فقط إلى المشروب بل إلى الوجبة الخفيفة التي يتم تناولها بعد الظهر. ويفضل الانجليز شرب الشاي الأسود والإيرل جراي وشاي الياسمين الصيني، وانتشر مؤخرًا الشاي الأخضر الياباني، ويضيفون السكر أو الحليب أو الليمون. ويُكثر شرب الشاي في أوقات محددة مثل "شاي الفراش" في السادسة صباحًا، وشاي الحادية عشر صباحًا وآخر في وقت متأخر من اليوم.

منغوليا: يفضل المنغوليين لبنة الشاي الأساسية ولذا يقومون بطحنها إلى مسحوق، ويضيفونها إلى الماء حتى الغليان، ثم يضيفون حليب الماعز إليه.

التبت: يشرب أهالي التبت الشاي بعد خلطه جيدًا بالملح والزبدة، ويحصل أهالي التبت على الشاي من الصين في صورة قوالب مضغوطة يقطعون من القالب قطعة مناسبة، ويضعونها في وعاء به ماء بارد، ثم يغلونه حتى يصبح المنقوع أسود داكن اللون، بعد ذلك يضيفون إليه قليلًا من الملح يعقبه قطعة من الزبد.

موريشيوس: وهي جزر صغيرة تقع وسط المحيط الهندي، وللشاي دور هام في ثقافة الجزيرة، حيث يقدم في جميع المناسبات الاجتماعية وأماكن العمل خاصة بعد اعتماد العاملين عليه كوسيلة لزيادة انتباههم وانخراطهم في أشغالهم، ويشرب شعب موريشيوس الشاي الأسود مع الحليب والسكر.

نيوزيلندا: يعشق الشعب النيوزيلندي تناول الشاي حتى أنه يخصص أوقاتًا محددة لذلك، وقد انتشرت العديد من المقاهي التي تقدمه.

كندا: يقول الشعب الكندي بغلي إبريق الماء ثم يضيف إليه أوراق الشاي لبعض دقائق، ثم يُفرغ في إبريق آخر ليكون جاهزًا للتناول، وعادة ما يضيفون الجبن والسكر إلى الشاي.

ايرلندا: ظلت ايرلندا لفترة طويلة واحدة من أكبر مستهلكي الشاي في العالم بمعدل أربعة كؤوس للشخص في اليوم الواحد، إلا أن المعدل قد يصل إلى ستة أكواب أو أكثر.

مصر: يعتبر الشاي المشروب الأول في مصر بمعدل 5.5 مليار لتر شاي سنويًا، ويختلف تناوله ما بين المناطق المختلفة فالبعض يفضله ثقيل والآخر خفيف، كما يتناوله البعض مع الحليب أو بالسكر الزائد. ويعد تقديم الشاي إلى الزائر واجب للضيافة الأول في مصر.

شمال أفريقيا: في دول الشمال الأفريقي عمومًا يشتهر الشاي الأخضر بالنعناع الطازج والسكر، ويعد تكرار تقديم أكواب الشاي للضيف من سمات الكرم في هذه الدول.

مالي: يعتبر تناول الشاي بعد الوجبات عادة من عادات الشعب المالي الذي يفضل غليان مسحوق الشاي مع الماء في فرن من الطين ثم إضافة السكر، ويحرص هذا الشعب على أن يكون الانتهاء من إعداد الشاي مع انتهائهم من تناول الطعام ليتم التناوب ما بين تناول الطعام والشراب في وقت واحد.

المغرب: أصبح تناول الشاي في المغرب عادة شائعة على نطاق واسع بعد كل وجبة تقريبًا، ويقدم عادة مع أوراق النعناع الطازجة الخضراء، والسكر البني. ومما يلفت الانتباه في إعداد الشاي على الطريقة المغربية جمال الأدوات المستعملة لتحضيره وتقديمه، فالصينية والبراد "الإبريق" مصنوعان من الفضة اللامعة المزينة بنقوش يدوي دقيقة.

تركيا: الأتراك يحبون شرب الشاي وخاصةً الأسود، وهو من تقاليدهم العريقة، وتنتشر عادة تناول الشاي وتبادل الأحاديث في المحلات المخصصة، ونظرًا لإمكانية زراعة الشاي على الضفة الجنوبية من مناطق البحر الأسود بدأ الأتراك تدريجيًا في الاعتماد على أنفسهم في زراعته.

وفي العادة يدعو الأتراك ضيوفهم لتناول الشاي، ومنه الشاي التركي الذي يتميز بمرارة قوية ولا يستسيغه كثيرون، ونوع آخر أكثر شعبية يُعرف باسم شاي التفاح التركي ويتميز بتركيبته القوية وطعمه الحلو والحامض في آن واحد.

اليابان: يرتبط تناول الشاي بطقوس تنبع من التقاليد اليابانية، ويجري تحضير الشاي وفق طقوس معينة تتم وفق ترتيب وتلقين في معاهد متخصصة تقوم بالتعريف باحتفالات تقديم الشاي. وعند صب الشاي يجب الحرص دائمًا على استقامة الذراع وملء الكوب الأول إلى الربع، والثاني إلى النصف والثالث إلى ثلاثة أرباع، ثم يعاد الصب لملء الاقداح بمنسوب واحد لضمان أن يكون الشاي في جميع الأكواب بلون واحد وقوة واحدة. وتُعرف طقوس تقديم الشاي باللغة اليابانية باسم "سادو".

روسيا: كان الروس أول من استورد الشاي من الصين عبر منغوليا، حتى وُجد ما عُرف بطريق الشاي وبقى حتى افتتاح القطاع الأول من الخط الحديدي العابر لسيبيريا في عام 1880، وحينها بدأ كذلك نقل الشاي من الهند وسيلان.

ويفضل الروس الشاي الخفيف، ويقدم الشاي ثقيلًا في إبريق، ويخففونه في الفناجين مباشرة بماء غال من "السماور"، ويعود تطور وجود الشاي بروسيا إلى إنتاج السماورات في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. ويتناول الروس الشاي مع أنواع مختلفة من المقبلات والفطائر والحلوى والفاكهة. ويشكل تبادل الأحاديث جزء من جلسات الشاي التي تتكرر على مدار اليوم.

وقد تغنى الشعراء في وصف الشاي، وكتبوا الأشعار يتغنون به، منهم من قال:

فقد ولعت نفسي بشاي معطر *** لئن كان غيري بالمدامة مولعا

مذاب عقيق صب في كأس جوهر *** إذا صب في كأس الزجاج حسبته

وأنشق منه عبق مسك وعنبر *** به أحتسي شهدًا وراحًا وسكرًا

ويصحو بكأس الشاي عقل المفكر *** يغيب شعور المرء في أكؤس الطلا

فاحبب به من منعش غير مسكر *** يجدّ سرور المرء من دون نشوة

المصدر : الوطنية