من يخلف الرئيس عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية...؟ قد يكون التساؤل الأكثر تداولاً على أجندة صانعي القرار الفلسطينيين والإسرائيليين والإقليميين والدوليين، فالعالم يدرس ويراقب المشهد لو حصل مكروه للرئيس محمود عباس الذي يبلغ من العمر 83 عاماً، وبات واضحاً عليه المرض والأرق في جلسة مجلس الأمن الأخيرة.

فلسطين ليست كباقي المناطق، فهي منطقة محتلة أقيمت على أراضيها دولة الاحتلال الإسرائيلي التي صنعها الغرب لتفصل بين الشرق والغرب، وتكون لواء عسكري متقدم في المنطقة لحماية مصالح الغرب.

من هنا تنبع الأهمية لدى العالم بهوية الرئيس القادم، وتعكس حجم التدخلات في صناعة هذا القرار من كل الأطراف الدولية، وبذلك تختلف زوايا الرؤية من دولة لأخرى، فكل دولة تبحث عن مصالحها، وللأسف الشديد أصبحت بعض القيادات الفلسطينية محسوبة على محاور وعلى دول.

أربعة سيناريوهات مطروحة هي:

1. سيناريو احترام القانون الأساسي المعدل لعام 2005م.

2. سيناريو تعيين نائب رئيس قبل رحيل الرئيس عباس.

3. سيناريو القبول بتولي رئيس الحكومة أو نائب رئيس حركة فتح مقاليد السلطة.

4. سيناريو الصراع الداخلي والفراغ الأمني.

 

أولاً: سيناريو احترام القانون الأساسي المعدل لعام 2005م.

تنص المادة (36- فقرة 2) من القانون الأساسي المعدّل على ما يلي: " إذا شغر مركز رئيس السلطة الوطنية في أي من الحالات السابقة يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتاً لمـدة لا تزيد عن ستين يوماً تجرى خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقاً لقانون الانتخابات الفلسطيني". وهو ما حصل بالضبط بعد وفاة ياسر عرفات حيث تم تعيين رئيس التشريعي روحي فتوح رئيساً للسلطة لمدة شهرين، واستلم الرئيس عباس السلطة من فتوح بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2005م.

وفقاً لهذا السيناريو، فإن عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي سيكون هو رئيس السلطة الفلسطينية بعد رحيل الرئيس محمود عباس.

يبقى التساؤل وفق هذا السيناريو: هل ستوافق حركة فتح على ذلك...؟ هل سيوافق الاحتلال والمجتمع الدولي...؟ هل تمتلك حماس الأدوات لتنفيذ هذا القرار الدستوري...؟

أعتقد أن الإجابة لا، لا أحد من الأطراف السابقة سيقبل بأن تقود حماس السلطة، وبذلك سيمارسون الانتقائية في احترام القانون والدستور، هذا إن وافق أصلاً د. عزيز دويك الذي أنهكه المرض نتيجة الاعتقالات المتكررة من الاحتلال والمضايقات المختلفة من الأجهزة الأمنية لأسرته طوال المرحلة الماضية.

ووفقاً لهذا السيناريو تبقى الكرة في ملعب حماس وحلفائها عبر العمل الجاد لعقد جلسة للمجلس التشريعي بكل الطرق والوسائل لانتخاب هيئة برلمانية جديدة تقدم حماس من خلالها على التوافق على هيئة مكتب مقبولة دولياً تقود المرحلة وتؤسس لانتخابات عامة في كل المؤسسات السياسية لتوحيد النظام السياسي الفلسطيني وإنهاء الانقسام.

أما على صعيد حركة فتح والقيادة الفلسطينية فقد تذهب لعقد جلسة للمجلس الوطني وتمرير اجراء تعديلات في القانون الأساسي، تضمن اغلاق الباب أمام وصول أي شخصية لا تقبلها حركة فتح.

ثانياً: سيناريو تعيين نائب رئيس قبل رحيل الرئيس عباس.

قد يكون هذا السيناريو قوياً لمنع صراع محتمل بين أقطاب حركة فتح من الطامحين لهذا المنصب، ولكن في المقابل يحتاج هذا المنصب لتعديل في القانون الأساسي الذي لا يمكن تعديله دون عقد جلسة للمجلس التشريعي وبأغلبية ثلثي النواب وهذا يشكل مستحيل نظراً لهيمنة حماس على البرلمان بأغلبية 70 مقعداً.

إلا أن المرحلة الراهنة والتي يغيب فيها القانون لصالح السياسة والمصالح والفواعل الخارجية، فإنه من المحتمل العمل على هذا السيناريو والتوافق على شخصية مقبولة داخلياً وخارجياً.

 

ثالثاً: سيناريو القبول بتولي رئيس الحكومة أو نائب رئيس حركة فتح مقاليد السلطة.

قد يكون أحد المداخل المهمة لحل معضلة ما بعد الرئيس عباس هو التوافق على شخصية رئيس الحكومة أو نائب رئيس فتح تولي مهمة رئاسة السلطة، وبذلك احداث تقاسم وظيفي بين أقطاب الحركة في الضفة الغربية بحيث يتولى رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية ورئاسة السلطة والحكومة وحركة فتح، شخصيات وازنة تمثل كل مناطق الضفة الغربية من شمالها حتى جنوبها، ووفقاً لهذا السيناريو قد تغيب غزة عن المشهد القيادي ما لم يعاد توحيد حركة فتح واعادة الاعتبار لمؤسساتها.

 

رابعاً: سيناريو الصراع الداخلي والفراغ الأمني.

قد لا ينجح الرئيس عباس تفكيك هذه المعضلة خلال حياته، وبذلك بعد رحيله قد لا تستطيع حركة فتح حسم المشهد وبذلك الدخول في صراعات جانبية تضعف من بنية السلطة الفلسطينية وتصبح الضفة الغربية على موعد مع فراغ أمني وسياسي، يربك حسابات الجميع.

الخلاصة: إن الحل الأمثل هو في إحياء المؤسساتية السياسية الفلسطينية على أسس ديمقراطية تعددية، وأن يعمل الجميع على انهاء الانقسام والعودة للشعب لتجديد شرعياته السياسية بما يضمن احترام القانون والنظام العام.