بنظرة عامة على ملاحظات النقابات المهنية، وقبل الدخول في مناقشتها تفصيلياً ، يمكن تسجيل التقييم التالي :

اولاً - يُلاحظ ان كافة الملاحظات التي قُدمت قد خلت من أي حجج أو تبريرات لاقناعنا بها ، وفي هذا المقام يحضرني قول أحد الفلاسفة " اني أحترم آراءك اذا قمت بتبريرها ، أما اذا بررت آراءك فقط بأنك تؤمن بها ، فليس ثمة ما يدعوني الى احترامها " 
فالملاحظات او التعديلات في الأخير ليست روشتة تقدمها ليتم صرفها ، فالملاحظات ستخضع للنقاش والحوار بل والصراع حولها خاصة اذا كانت ستؤثر على استدامة الصندوق ، أو ستعرضه للاستنزاف مما يؤدي الى عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه المنتفعين

ثانياً - بعض الملاحظات تُعبر عن رؤية محدودة ، ولا ترى الأمور بأبعادها وتأثيراتها على استدامة صندوق الضمان ، متجاهلة ان معيار قبول الملاحظات ألاّ تُخل بالتوازن في معادلة الانصاف مقابل الاستدامة ، وقد عبرنا في مقال سابق ان نظام الضمان الاجتماعي قائم على معادلة الانصاف مقابل الاستدامة ، وكل منهما قيد على الآخر ، لان المبالغة في الانصاف ستؤدي الى افلاس ، كما ان المبالغة في الاستدامة ستؤدي الى اجحاف ، والحل هو تحقيق التوازن بين الانصاف والاستدامة ، وبين واردات الصندوق ونفقاته

ثالثاً- بعض الملاحظات تُعبر عن اسقاط الرغبات والتمنيات على الواقع ، ولا تعبر عن الفهم العميق لمبادئ وقواعد الضمان الاجتماعي ، مع العلم ان القوانين ( كما يؤكد الفيلسوف كانط ) يجب أن ترتكز على حماية الحقوق لا محاولة خلق السعادة للمواطنين ،

رابعا - ربما موقف النقابات المهنية يرجع الى تخوف من أن الضمان الفلسطيني سيؤثر على صناديق التقاعد في تلك النقابات المهنية

واخيراً الملفت للنظر ان كل الاحتجاجات المعارضة والاصوات الرافضة لقانون الضمان الاجتماعي تركزت في الضفة الغربية ولم يجرِ مثيل لها في قطاع غزة ،مع ان القانون يشمل كل أراضي السلطة الفلسطينية !

وقبل ان انتقل الى بحث ومناقشة الملاحظات ال 27 ارجو ان يفهم الجميع انني انطلق من المهنية ولا اتقبل اية آراء بسهولة الا بعد اخضاعها لمنطق العقل ، وهذا ليس موجهاً ضد أحد ، ولا يحمل الاساءة لأحد ، فانا هنا اناقش آراء وافكار بمعزل عن الاشخاص الذين قد اكن لهم كل احترام وتقدير

يتبع ...