لقد أطلعت على معظم ما صدر عن ما يُسمى الحراك ضد الضمان ، وكذلك على بيانات النقابات المهنية المنخرطة في الحراك او التي ايدته ، وكذلك بيانات العديد من الشركات واصحاب العمل ورجال الأعمال حول موقفهم من قانون الضمان.

وفي سلسلة من المقالات ( او المنشورات ) سأقوم بعرض هذه الملاحظات ومناقشتها تباعاً

وسأبدأ بمطالب ممثلي الحراك ضد القانون او كما يسمون انفسهم حراك من اجل ضمان عادل ، كما نشرها موقع الاقتصادي في رام الله :

لقد نشر موقع الاقتصادي أهم مطالب الحراك من اجل ما سماه قانون ضمان اجتماعي ، عادل وهي سبعة مطالب ، سنعرضها ونناقشها :

المطلب الأول للحراك هو اختيارية الانضمام

حيث يطالب الحراك " باختيارية الانضمام لقانون الضمان الاجتماعي ، تعمل فيها المؤسسة خلال الفترة المقبلة على اقناع المنشآت والشركات للانضمام عبر مزايا تفضيلية اكثر جذباً من قانون العمل الحالي "

1- حول اختيارية النظام لقد كتبت سابقاً مقال بعنوان : لماذا قانون الضمان ليس اختيارياً واجبت فيه على هذه الملاحظة ، لذلك لن اكرر هنا ما جاء في المقال

ولكني سإقول ان من يطالب باختيارية الانضمام للضمان ، لا يفقه الف باء القانون من جهة ، ولا يفقه خصائص ومبادئ انظمة الضمان الاجتماعي من جهة ثانية ، وينطبق عليه المثل " مجنون يحكي وعاقل يسمع " .

اذ كيف يمكن ان يكون القانون اختيارياً؟ هل يمكن ان يكون قانون ضريبة الدخل اختيارياً ؟ او ان نطالب بان يكون قانون العمل اختياريا ؟ او نحتج لان قانون السير ليس اختيارياً ؟ او ان نتساءل لماذا قانون العقوبات ليس اختيارياً ؟ بحيث يختار المُدان باحدى الجرائم ان كان يريد ان تنفذ به العقوبة ام لا ؟!

ومن جهة أخرى الا يعلم من يطالب باختيارية الضمان ، ان احد اهم خصائص انظمة الضمان الاجتماعي هي ان تكون اجبارية لكل العاملين بأجر ، وليس هذا فقط ، بل ان المعايير الدولية للضمان وخاصة اتفاقية العمل الدولية رقم 102 التي وضعت معايير الضمان وتشكل المرشد لكل انظمة الضمان في كافة البلدان تنص على الزاميتها ، هذا اذا كان المطالبون بالاختيارية حريصون على ان يتوافق قانوننا مع المعايير الدولية

2- لانه لا يوجد عاقل يمكن ان يصرح انه ضد الضمان الاجتماعي الذي يشكل اهم حلقات حماية العامل لذلك هم يتسترون بعبارات مثل :

نحن مع الضمان ولكن لماذا لا يكون اختيارياً ؟

نحن مع الضمان ، ولكن لماذا لا يتم تأجيله ؟ مع ان القانون صدر عام 2016 واعطى مدة عامين ليتم اعداد كل التجهيزات المطلوبة حتى يتم تنفيذه في بداية نوفمبر 2018 ، فلماذا الصحوة الآن عندما اقترب تنفيذه ؟

3- ثم ان هذا المطلب يريد من مؤسسة الضمان ان تعمل على " اقناع المؤسسات والشركات للانضمام عبر مزايا تفضيلية اكثر جذباً من قانون العمل "

ولاحظوا عبارة " ان تعمل مؤسسة الضمان على اقناع الشركات " وليس العمال ، الا يفصح ذلك عن هوية من يحرك الحراك ؟

أما حول اقناع الشركات ان قانون الضمان به مزايا تفضيلية اكثر جذبا من قانون العمل ، فهو فعلا كذلك وقد كتبت مقالا وضحت فيه ان قانون الضمان افضل لصحب العمل مقارنة بقانون العمل الفلسطيني ، وحتى بقانون الضمان الأردني.

وفي الأخير يمكن ان يتفهم المرء المطالبة بتدرج النظام وليس باختيارية النظام ، بمعنى ان يبدأ النظام مثلا بالشركات التي تشغل 20 عاملا فما فوق ، وبعدها بالشركات التي تشغل 10 عمال فما فوق وهكذا ، وهذا المطلب يمكن ان يناقش مع مؤسسة الضمان.

وللحديث بقية