كشف تقرير حقوقي في إسرائيل عن الأوضاع غير الإنسانية المزرية للأسرى الفلسطينيين داخل معتقلات الاحتلال، فيما أعلن الجيش عن فتح ملفات تحقيق في حوادث يشتبه فيها بقيام قواته بانتهاك حقوق المدنيين الفلسطينيين خلال الحرب على غزة.

وفي تقرير لما يُعرف بـ”الدفاع الجماهيري” أو “الدفاع العام” التابع لوزارة القضاء الإسرائيلية، ووظيفته تقديم الدفاع المجاني عن معتقلين لم يوكلوا محامين للدفاع عنهم، جاء أنه في الأشهر الأخيرة، وعلى ضوء استمرار الحرب، لاحظ “الدفاع العام” أزمة غير مسبوقة في السجون والمعتقلات، حيث شهدت اكتظاظا غير مسبوق في الزنازين للأسرى الأمنيين والجنائيين، بالإضافة لاعتقالهم في ظروف غير إنسانية، وصلت إلى حد إلزامهم بالنوم على أرضية الزنزانة في بعض الحالات.

كما جاء في التقرير أن “الدفاع العام” يتفهّم الوضع الاستثنائي المرافق للحرب، والحاجة إلى استيعاب معتقلين وأسرى كثر في هذه الفترة، لكن مع ذلك، يؤكد أنه لا يمكن الموافقة على الوضع الذي يتم فيه وضع آلاف الأسرى والمعتقلين في مساحة غير صالحة للحياة لفترة طويلة ومتواصلة.

ازدحام شديد

طبقا لهذا التقرير، ففي معتقل الكرمل، اكتشف مندوبو الدفاع العام اكتظاظا صعبا للغاية. فعلى سبيل المثال في إحدى الزنزانات تم وضع 13 معتقلا بدلا من 10. إذ حظي كل معتقل بمساحة 2.24 متر مربع فقط، واضطر كل الأسرى فيها إلى استعمال حمام واحد. وفي معتقل الدامون، اتضح ان إدارة السجون تلزم بعض الأسرى بالنوم على فراش على الأرض بدلاً من توفير الأسرّة لهم، إذ أفاد أحد المعتقلين أنه يجبر على النوم على فرشة في أرضية الزنزانة منذ أكثر من أسبوع.

بدون كهرباء

أما في معتقل القدس، فقد وجد مندوبو “الدفاع العام” أن أسرّة المعتقلين لم تشمل فراشا للنوم بالمرة، وأوضحت إدارة السجن أن حرمان المعتقلين من الفراش هي نتيجة سياسة رسمية لإدارة سلطات السجون تجاه الأسرى الأمنيين. وهذه إشارة لتعليمات وزير الأمن القومي المدان بالإرهاب إيتمار بن غفير.

كذلك صرّحت إدارة السجن المذكور في القدس، أنه وبحسب السياسة ذاتها، فإن إدارة السجن تقطع الكهرباء عن الأسرى الأمنيين يوميا من الساعة الخامسة صباحا حتى التاسعة ليلا. وأوضح الأسرى في شكواهم أمام مندوبي “الدفاع العام” أن إدارة المعتقل تعمل على قطع الكهرباء عن الأسرى الفلسطينيين خلال ساعات تناول الطعام، وتجبرهم على تناول وجباتهم في العتمة.

وفي ردّها على استجوابات مندوبي الدفاع العام، زعمت إدارة المعتقل أن هنالك تعليمات مختلفة للتعامل مع الأسرى الأمنيين العرب، والتي تختلف عن التعامل مع الأسرى الأمنيين اليهود.

زنازين مكتظة

في إشارة مبطنة لسياسات الانتقام التي يقودها بن غفير، يؤكد التقرير الحقوقي الإسرائيلي أن أزمة المعتقلات الحالية بدأت قبل تدهور الوضع الأمني، حيث شهدت الزنازين اكتظاظا وظروفا متردية عانى منها الأسرى والمعتقلون. وبناء على ذلك، اتخذ القرار الحكومي 1903 والذي ينص على وضع خطة طويلة الأمد لضمان نجاعة وتوسيع مسطح المعتقلات، وأبرز الحلول التي شملتها الخطة الحكومية كانت توسيع المعتقلات وبناء أخرى جديدة حتى عام 2027.

كما يؤكد الدفاع العام، وعلى ضوء اعتقال آلاف الأسرى الجدد خلال الحرب، على ضرورة اتخاذ خطوات فورية لخفض الاكتظاظ في السجون ويضيف التقرير الإسرائيلي: “لكن للأسف، يبدو أن المسؤولين يفضلون الاستمرار بالاتكال على حلول طويلة الأمد تعتمد على بناء المزيد من المعتقلات مستقبلا”.

معتقلون دون إدانة

على ضوء الأزمة الخطيرة، يطرح “الدفاع العام” عددا من الخطوات لمعالجة وتخفيف أزمة الاكتظاظ في المعتقلات: خفض نسبة الاعتقالات، حيث إن 40% من المحتجزين في السجون الإسرائيلية هم معتقلون لم تتم إدانتهم بعد.

هذا المعطى، يؤكد على ضرورة مراجعة سياسة الاعتقالات التي تتبناها أجهزة إنفاذ القانون، خاصة بكل ما يتعلق بالمخالفات غير الخطرة.

إضافة إلى خفض اللجوء إلى فترات السجن القصيرة، وخفض مدة السجن عبر اللجوء إلى إطلاق السراح المشروط، حيث إنه في السنوات الأخيرة، نشهد تراجعا كبيرا في نسبة الأسرى المحررين قبل انتهاء فترة حكمهم.

ويقترح الدفاع العام تبني منظومة تعتمد في الأساس على الإفراج المبكر عند الحديث على فترات سجن معينة وبوجود سلوك حسن.

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة “هآرتس” اليوم الثلاثاء، عن أن الجيش الاسرائيلي بدأ يحقق في عشرات الحالات التي يشتبه بأن جنوده اقترفوا فيها انتهاكات للقانون الدولي بحق المدنيين الفلسطينيين خاصة داخل قطاع غزة. واللافت أن ذلك يأتي بعد أربعة شهور من الحرب. والسؤال: هل كان جيش الاحتلال سيفعل ذلك لولا دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وهل ستتم محاسبة المتورطين في قتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين؟

المصدر : وكالات