أعلنت وزارة الأسرى استشهاد الأسير القائد خضر عدنان بعد 87 يوماً من إضرابه عن الطعام، وبذلك يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 237 شهيدًا.

وباستشهاد الأسير عدنان متأثراً باضرابه عن الطعام لنيل الحرية، تصدر تساؤول عبر منصات التواصل الاجتماعي، بالحكم الشرعي لمن يتوفى مضرباً عن الطعام.

وبحسب الفقهاء، فإن المضرب عن الطعام ليس منتحرا، ولا قاتلا للنفس، لأنه لو أراد ذلك لتخلص من حياته في دقيقة واحدة، بشرب سم، أو بحرق نفسه، أو بشنق نفسه، أو بقطع وريده، فلماذا يلجأ إلى الإضراب عن الطعام الذي يستمر أياما بل شهورا، لماذا يعذب نفسه لو كان قراره الانتحار أو قتل النفس؟ وهذه مسألة مهمة لا بد أن يقف عليها من يتعرض لهذه الفتوى، أن يعرف طبيعة الموضوع الذي يفتي فيه، ويكيفه تكييفا صحيحا، حتى لا يتحدث عن موضوع، ويكون كلامه في واد والحقائق في واد آخر، فينزل نصوصا في غير موضعها.

فإن المضرب عن الطعام لو أدى اجتهاده في الأمر لوفاته، فهو مغفور له بصبره وثباته في سجنه، وهو ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم في حالة صحابي انتحر، أي قتل نفسه، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه:

“أن‏ ‏الطفيل بن عمرو الدوسي ‏‏أتى النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏فقال: يا رسول الله، هل لك في حصن حصين، ومنعة؟ قال: حصن كان ‏‏لدوس‏ ‏في الجاهلية، فأبى ذلك النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏للذي ‏ذخر ‏‏الله‏ ‏للأنصار ، ‏فلما هاجر النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏إلى‏ ‏المدينة‏ ‏هاجر إليه‏ الطفيل بن عمرو، ‏‏وهاجر معه رجل من قومه،‏ ‏فاجتووا‏ ‏المدينة،‏ ‏فمرض، فجزع فأخذ ‏‏مشاقص ‏‏له، فقطع بها‏ ‏براجمه،‏ ‏فشخبت‏ ‏ يداه حتى مات، فرآه ‏‏الطفيل بن عمرو‏ ‏في منامه، فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطيا يديه فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فقال: ما لي أراك مغطيا يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت، فقصها ‏ ‏الطفيل‏ ‏على رسول الله‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ “اللهم وليديه فاغفر”.

ودليل الآخر: موقف غلام (أصحاب الأخدود) الذي أراد الملك قلته، ولم يفلح، يقول صلى الله عليه وسلم عن موقفه: فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: باسم الله، رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه، فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام”.

كما أن هناك فرقا بين المنتحر والمضرب عن الطعام في السجون والمعتقلات، فالمنتحر إنسان يائس من الحياة، أما المضرب عن الطعام فهو مملوء بالأمل، عينه على المستقبل أن يكون مستقبلا مملوءا بالحب، والخير، والعدل والسلام. والمنتحر كاره للحياة، والمضرب عن الطعام محب لها، مقبل عليها، يريدها بعزة وكرامة، لا بذلة ومهانة، لا يقبل بالضيم، ولا بأي حياة كحياة الحيوانات، يهمه أن يعيش حرا كريما.

المصدر : وكالات