حكم الاحتفال بعيد الحب "الفالنتين" سؤوال يثير الجدل في كل عام عبر منصات التواصل الاجتماعي، على الرغم من معرفة أصل هذا اليوم والمخالف للشريعة الاسلامية.

العماء أفتوا بحرمة الاحتفال بهذا العيد، وذلك لما يأتي:

لما لهذا العيد من جذور تاريخية، إما وثنية وإما نصرانية، ومثل هذا لا يجوز الاحتفال به.

لأن فيه تشبه بالغير فيما يخالف ما جاء به الشرع، روى أبو داود عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم". ولا شك أن التشبه هنا واضح بما هو مخالف للشرع.

كونه عيدا لغيرنا يجعل الحرمة مصاحبة له إذ أبدلنا اللهُ من الأعياد ما فيه غنى، وفي الحديث "إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الفطر، ويوم النحر". رواه أحمد (13622). وقال محققو المسند "إسناده صحيح على شرط مسلم".

اشتماله على مخالفات شرعية، ومنها العشق أو الحب المحرم.

قصة عيد الحب والقديس فالنتين واللون الأحمر من خلال (الرابط التالي) .

الحب في الإسلام

والذي أود الحديث عنه هنا هو الحب بمعناه المعروف والمشهور. المعنى الذي ضاع بين الناس، بين داع إليه ومنفر عنه، وبين مبيح ومحرم، ومادح ولاعن، ومضيِّق وموسِّع، حتى احتار البعض في أمر الحب.

والحق أن الحب الذي تعارف عليه الناس بين الجنسين من الرجال والنساء أمر لا يمنعه الشرع ما دام بضوابطه الشرعية؛ وهل تقبل حياة بغير حب؟! أم هل تستمر حياة بدون عذابه إن وجد، وألمه إن غاب؟!

وحتى لا يفهم كلامي خطأ أقول إنه لا يقبل شرعا أن يتعلق الرجل بامرأة متزوجة أو مخطوبة، كما لا يجوز لامرأة أن تتعلق برجل أجنبي، أما مجرد الإعجاب من أحد الطرفين الذي يخالطه تمني اللقاء الشرعي (الزواج) فلا مانع منه شرعا.

إن محاولة النفور مما تعارف عليه الناس من الحب هو هروب من فطرة الله {التي فطر الناس عليها} [الروم: 30]، وقتل للغريزة التي استودعها الله قلوب البشر، ولهذا أقر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحب، بل عاشه بين زوجاته، وقوّمت أقواله صلى الله عليه وسلم اعوجاج من يعوج من الناس في هذا المجال.

أما إعجاب الرجل بالمرأة فقد أشار الله تعالى إلى هذه الغريزة فقال سبحانه: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا} [البقرة: 235]، قال ابن جبير: يقول: إني فيك لراغب وإني لأرجو أن نجتمع. وقال الضحاك: يقول: احبسي علي نفسك فإن لي بك رغبة. فتقول: وأنا مثل ذلك، فتتوق نفسه لها. (تفسير الطبري ج 2 / 531). لكن هذا في غير الطلاق الرجعي.

ولأن الإعجاب بالجنس الآخر غريزة لم يأمن النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عمه الفضل بن العباس أن يديم النظر لامرأة لا تحل له، روى مسلم عن جابر قال: وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر.

ولهذا لم يعب أحد موقف أم سليم حين جاءها أبو طلحة معجبا راغبا، وخاطبا ناكحا. روى النسائي عن أنس، قال: خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري وما أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها.

ولم يحارب النبي صلى الله عليه وسلم غريزة الحب، وإنما أخبر أن نهاية الحب لا تكون إلا زواجا، أما التلاعب بمشاعر الناس فأمر مقيت يأباه الإسلام ويرفضه، روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لم ير -نر- للمتحابين مثل التزوج".

بل لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم حب مرثد بن أبي مرثد لامرأة تسمى "عناق" وكانت مشركة معروفة بالزنا، وكل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم "يا مرثد، الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، فلا تنكحها". رواه الترمذي.

وقد تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من حب مغيث لبريرة التي أعلنت صراحة أنها لا تحبه. وقد روى البخاري عن ابن عباس، "أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس "يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثا" فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لو راجعته". قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال "إنما أنا أشفع". قالت: لا حاجة لي فيه".

ولهذا لم يكن غريبا أن يقرن النبي صلى الله عليه وسلم بين حب النساء وقربه من ربه في حديث واحد، روى أحمد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حبب إلي من الدنيا: النساء، والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة".

هذا هو الحب يا سادة وليس حب التنهد والبكاء على الوسادة.

إنه الحب الصادق الذي يتبعه زواج ينتج عنه أولاد يعيشون جميعا في حب وسعادة.

المصدر : وكالات