يتصدر تساؤول حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديد، الحديث عبر مواقع التواصل الاجتماعي في كل عام، بين بين محرم لها ومجيز.

حيث يحتفل الكثير من المسلمين بنهاية السنة من دون نية “التشبه بالنصارى أو تبني معتقداتهم”، ولكن الاحتفال بالنسبة لهم لقاء في إطار عائلي تطبعه الفرحة والبهجة لا غير.

في الجانب الآخر الذي يعترض على الاحتفال، نجد الشيخ علي فركوس، الذي أفتى بعدم جواز الاحتفال برأس السنة الميلادية، وألحقه بالمولد النبوي، وقال إنه “لا يختلف حكمُه عن حكمِ الاحتفال بالمولد النبويِّ؛ إذ لم يكن موجودًا على العهد النبويِّ، ولا في عهدِ أصحابِه وأهلِ القرون المفضَّلة”.

فقد أعادت إدارة الموقع الرسمي للشيخ فركوس، نشر فتوى له تتعلق بحكم جواز الاحتفال بعيد نهاية السنة الميلادية، وجاء في السؤال محل الفتوى التالي: “ما رأيُ الإسلامِ فيما يُعْرَف الآنَ باسْمِ: «عامٌ سعيدٌ» احتفالًا برأس السَّنَة الميلادية؟”، وقال الشيخ في إجابته “فيجدر التنبيهُ ـ أوَّلًا ـ إلى أنه ليس للإسلام رأيٌ في المسائل الفقهية والعَقَدية على ما جاء في سؤالكم؛ لأنَّ الآراء تُنْسَبُ لأهلِ المذاهب الاجتهادية المختلِفة، وإنما للإسلام حكمٌ شَرْعِيٌّ يتجلَّى في دليله وأمارته”، وتابع “ثمَّ اعْلَمْ أنَّ كُلَّ عملٍ يُرادُ به التقرُّبُ إلى الله تعالى ينبغي أَنْ يكون وَفْقَ شَرْعِه وعلى نحوِ ما أدَّاهُ نبيُّهُ صلَّى الله عليه وسلَّم، مُراعِيًا في ذلك الكمِّيةَ والكيفية والمكان والزمان المعيَّنة شرعًا، فإِنْ لم يَهْتَدِ بذلك فتحصلُ المُحْدَثاتُ التي حذَّرَنا منها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في قوله: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(١)، وقد قال تعالى: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْ﴾ [الحشر: ٧]، وقال تعالى: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓأَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٦٣﴾ [النور]”.

وللحكم بعدم جواز الاحتفال بهذه المناسبة، رغم عدم وجود نص صريح بخصوصها، قدم جملة من الاستنباطات، وذكر “الاحتفالُ بمولِدِ المسيحِ ـ عند النصارى ـ لا يختلف حكمُه عن حكمِ الاحتفال بالمولد النبويِّ؛ إذ لم يكن موجودًا على العهد النبويِّ، ولا في عهدِ أصحابِه وأهلِ القرون المفضَّلة، وإنَّ كُلَّ ما لم يكن على عهدِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابِه دِينًا لا يكون اليومَ دِينًا على ما أشارَ إليه مالكٌ ـ رحمه الله ـ لمَّا قال: «مَنِ ابْتَدَعَ فِي الإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم قَدْ خَانَ الرِّسَالَةَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗا﴾ [المائدة: ٣]»(٢).

على الجانب الآخر، وفي صف المدافعين عن مشروعية الاحتفال وتهنئة النصارى بعيدهم، نجد رئيس رابطة العالم وزير العدل السعودي السابق الشيخ محمد العيسى، الذي قال في حديث لقناة “أم بي سي”، إنه “لا يوجد نص شرعي يمنع تهنئة غير المسلمين بـ”الكريسماس” وغيرها من الأعياد الأخرى، لافتًا إلى أن تبادل التهاني مع غير المسلمين، صدر بجوازها فتاوى من علماء كبار في العالم الإسلامي، ولا يجوز الاعتراض على أي مسألة تتعلق باجتهاد شرعي”.

وأكد العيسى، أن الاعتراض فقط يكون في المسائل المجمع عليها إجماعا قطعيا، وليس ظنيا، مشيرا إلى أن تهنئة غير المسلمين، مصلحة ظاهرة تخدم سمعة الإسلام، مضيفًا أن الإسلام يبيح أكل طعام “أهل الكتاب”، وهي الذبائح، ولم يبح طعام غيرهم مستدركا، وهذا لا يعني الإقرار بدينهم.

وأشار إلى أن الزواج عند أهل الكتاب، يتم على عقيدة “باسم الأب والابن والروح القدس”، معلقا، ورغم ذلك زواجهم صح على عقيدتهم بدليل لو أسلموا لا يطلب منهم تصحيح العقد، قائلا، ولا يفهم من ذلك الإقرار بعقيدتهم أو التشجيع عليها، متابعًا أن الهدف من هذه التهاني، هو تعزيز التعايش والوئام، في عالم هو اليوم أحوج ما يكون لذلك.

ومن الأصوات التي تنادي بمشروعية الاحتفال والتهنئة به، الأكاديمي والأستاذ بجامعة باتنة الحاج دواق عضو مؤسسة “مؤمنون بلا حدود”، الذي كتب على صفحته في فايس بوك “أتوجه لكل مؤمني العالم ومسيحييه بالتبركة والتهنئة بانبثاقة روح الله وتجلي كلمته ومولد ابن مريم المسيح عيسى على نبينا وآله وعليه السلام رزقنا الله نصرته”، ليس عليه عضو لجنة الإفتاء سابقا بجمعية العلماء المسلمين الشيخ زين العابدين بن حنفية بالقول “هذه التهنئة للنصارى لا تجوز، ولو ذكر فيها ما يخالف عقيدتهم في المسيح وأمه عليهما الصلاة والسلام، فإن العبرة بما يعتقدونه ويحتفلون به وهو أنه إله أو ابن إله أو ثالث ثلاثة ففي هذا الكلام لبس الحق بالباطل”.

وبين الآراء الفقهية أو الاجتهادات التي يقودها بعض ممن يوصفون بـ”المتنورين”، يرى عدد من الجزائريين أن احتفالهم برأس السنة الميلادية لا يرتبط بمعتقدات دينية، بل هي “جلسة بين أفراد العائلة للسمر والفرح ولا غير”.

 

حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية : -

 

 

ما حكم الاحتفال بليلة رأس السنة؟

 

 

المصدر :