يشهد قانون الأحوال الشخصية الجديد في مصر والذي أقره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بخصوص الطلاق والزواج موجة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

فخلال شهرين سيتم الإنتهاء من قانون الأحوال الشخصية الجديد، والذي ينص على إنشاء صندوق لدعم الأسرة ويموله المقبلون على الزواج حديثا، بحيث يتم إقرار مبلغ معين من المال يدفعه العريس ويضاف إلى مصروفات عقد القران.

وأعلن وزير العدل المصري عمر مروان عن إنشاء صندوق لدعم الأسرة تساهم فيه الدولة بنحو مليار جنيه.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن الاختلاف وارد بين الأسر، وقد تحدث بينهم عدة أزمات تؤثر على حالة الأطفال، نتيجة عدم التفاهم بينهم وعدم الإنفاق على الأطفال، لذلك سيتم إنشاء صندوق لدعم الأسرة المصرية يتم تمويله من المقبلين على الزواج والحكومة، بحيث ما سيتم جمعه من أموال من المقبلين على الزواج ستدفع الحكومة مثله.

ووجه الرئيس السيسي، بإنشاء صندوق لرعاية الأسرة ووثيقة تأمين لدعمها ماديا في مواجهة النفقات والتحديات ذات الصلة بمسائل الأحوال الشخصية، مع توفير المصادر التمويلية للصندوق ودعمه من قبل الدولة، وذلك حفاظا على الترابط الأسري ومستقبل الأنجال.
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أهمية طرح قانون الأحوال الشخصية للحوار المجتمعي خلال الفترة المقبلة.

وطالب المستشار عمر مروان وزير العدل بالحديث عن آخر مستجدات التعديلات، وإجراء حوار مجتمعي.

وحول القانون، فقد أبدى البعض قلقه من عدة مواد معلنة، مثل توثيق الطلاق الذي رفضه الأزهر من قبل، ووجوب أخذ المأذون موافقة القاضي قبل إتمام عقد الزواج بعد الاطلاع على فحوصات طبية للزوجين، وهو ما رآه البعض نوعا من التدخل في أدق تفاصيل شؤون المواطنين، خاصة تلك التي تتصل بالأبعاد الدينية والاجتماعية، في حين يترقب الجميع بدء الحوار المجتمعي حول القانون.

فمن جهة، يرى خبير اقتصادي أن هناك حرصا حكوميا على ابتكار صيغ تمويلية كل فترة -بشكل غير منهجي- من جيوب المصريين، بما يضر بالاقتصاد في نهاية المطاف. في حين يلفت خبيران في شؤون الأسرة إلى أهمية النظر لأولويات المجتمع واحترام مؤسسة الأزهر الشريف، في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة في الفترة الأخيرة.

لم يقتصر الجدل -في الساعات الأخيرة- على إنشاء صندوق جديد لرعاية الأسرة، بل امتد لبعض المواد التي تم الكشف عنها في مقابلات إعلامية أو بيانات رسمية.

ووفق بيان رسمي لرئاسة الجمهورية، فقد قامت لجنة إعداد مشروع القانون -برئاسة القاضي محمد عبد الرحمن- بعقد 20 اجتماعا في الفترة الماضية، لصياغة قانون متكامل ومفصل، مع إلغاء تعدد القوانين الحالية في هذا الإطار التي تبلغ 6 قوانين، وانتهت إلى الصياغة الأولية لعدد 188 مادة، وجاري استكمال المسودة الأولى لمشروع القانون.

ويتضمن مشروع القانون الحفاظ على الذمة المالية لكل زوج، ونصيب كل منهم في الثروة المشتركة التي تكونت في أثناء الزواج، بالإضافة إلى إعادة صياغة وثيقتي الزواج والطلاق بما يضمن اشتمالهما على ما اتفق عليه الطرفان عند حالتي الزواج والطلاق، فضلا عن توثيق الطلاق كما هي الحال في توثيق الزواج، وعدم ترتيب أي التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها به.

وأكد وزير العدل المصري المستشار عمر مروان -في تصريحات متلفزة قبل يومين- أنه لا توجد مشكلة شرعية في إقرار توثيق الطلاق في قانون الأحوال الشخصية الجديد، ردا على سؤال عن استمرار اعتماد الطلاق الشفوي.

وذكر الوزير أنه من المتوقع الانتهاء من مشروع القانون كاملا خلال شهر، على أن يتم طرحه بعد ذلك للحوار المجتمعي.

وكانت هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، فبراير/شباط 2017، رفضت مقترحا للرئيس السيسي بإقرار توثيق الطلاق كشرط لوقوعه، وأقرت وقوع الطلاق الشفوي المستوفي لأركانه وشروطه، مؤكدة أن هذا هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ولم يحدث أي تغيير في موقفها حتى الآن، وفق ما هو معلن.

في سياق متصل، يرى عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ومدير أكاديمية بسمة للسعادة الزوجية، محمود القلعاوي، أن أي تمرير لمسألة شرعية في القانون المقترح من دون موافقة صريحة معلنة من الأزهر الشريف ستجهض القانون.

ويضيف القلعاوي -في حديثه للجزيرة نت- أن شيخ الأزهر أعلن من قبل عدم جواز إلغاء الطلاق الشفوي، ورفض مطلب الاعتداد فقط بتوثيق الطلاق، فضلا عن أن هيئة كبار العلماء أكدت ذلك، وأجازت فقط لولي الأمر تعزير من يتخلف عن توثيق الطلاق أو يتلاعب به، وهو التعزيز الذي نأمل فقط أن نراه في القانون، لأن المعلن غير واضح ويمكن تغييره، وفق تعبيره.

ورفض المستشار الأسري تحميل الشباب أي أموال لصالح الصندوق الجديد، مؤكدا أنه أمر تعسفي للغاية، ويجب حذفه من القانون، فضلا عن احترام رأي المؤسسة الدينية قبل أي تمرير.

من جانبها، أعربت مديرة مركز "أسرتي" للاستشارات الاجتماعية، المستشارة الأسرية منال خضر، عن خشيتها من أن ما تم إعلانه من مواد في القانون الجديد يشكل "بالونة اختبار" قبل تمريره، خاصة أن بعضه يشكل مخالفة صريحة لاحتياجات المصريين وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن رأي مؤسستهم الدينية المتمثلة في الأزهر، الأمر الذي يهز استقرار المجتمع، وفق تعبيرها.

وأوضحت منال خضر -في حديثها للجزيرة نت- أنه منذ ظهور نقاشات القانون المقترح للعلن خلال اليومين الماضيين، تلقت أسئلة من جمهورها مليئة بالقلق والغضب، معربة عن استهجانها لما وصفته "بتعامل واضعي القانون معه على أنه عديم الأهلية وقاصر".

وتساءلت المستشارة الأسرية والاجتماعية: "كيف يطالب المشروع المقترح مكونات المجتمع المصري -سواء في الصعيد أو الوجه البحري- باستئذان القاضي قبل الزواج الثاني؟ وكيف يتجاوز البعض ما أعلنه الأزهر في الاعتداد بالطلاق الشفوي بالبحث المريب عن توثيق الطلاق فقط؟ وهل المطلوب من الأعباء المالية الجديدة تعجيز الشباب عن الزواج ؟".

وأكدت منال خضر أن المجتمع المصري -وفق ما يأتيها من استشارات- في حاجة إلى التيسير وإنفاق كل ذي سعة من سعته والانشغال بتثقيف المجتمع بقيمة الأسرة وضوابطها، وترك الأمور الشرعية لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، من دون تلاعب بالألفاظ ووضع بعض المواد الجميلة لتمرير مواد أخرى سيئة.

وكانت 4 مؤسسات مصرية -على الأقل- أعدت مشروعا بقانون للأحوال الشخصية، وهي الأزهر الشريف، والمجلس القومي للمرأة، ومؤسسة قضايا المرأة الحقوقية، وأحزاب سياسية مثل حزب النور وحزب الأمل، فضلا عن مؤسسات حقوقية عدة، في حين شكلت رئاسة الجمهورية لجنة لإعداد القانون.

وأعلن الأزهر أكثر من مرة أن قانونه المعد يختلف عن غيره من حيث الصياغة والمضمون، كما أنه يعالج القضايا الأسرية وفق مصلحة المجتمع، ويتميز عن غيره بأنه أخذ في اعتباره ما قُدِّم من مقترحات قوانين.

المصدر : وكالات