لم يختلف العرب عن سواهم من الأمم الأخرى في التداوي بالأعشاب والعقاقير التي هدتهم إليها الصدفة ثم التجربة، ولجأ بعضهم إلى السّحرة والكهنة والعرّافين، ثم جاء الإسلام ونقل العرب من ظلام الجهل إلى نور المعرفة، ومن ضيق الشرك إلى رحاب التوحيد، وهنا فتحت صفحةٌ جديدةٌ في تاريخ الطب تضاف إلى الصفحات الإنسانية السابقة.

إنّ الطب الذي مورس في عهد النبوّة - والذي هو في الأساس طب العرب قبل الإسلام - هو جزءٌ من الطب العربي والإسلامي وليس رديفاً له، فليس من مهمّة الأنبياء تعليم الناس الطب أو الفلك أو الهندسة أو الرياضيات أو الفيزياء الفلكية أو الكيمياء الجزئية، بل مهمّتهم هي التوجيه الأخلاقي لهذه العلوم حتى تستخدم لصالح الإنسانية ضمن إطار المصالح والمفاسد.

ولقد حفّز رسول الله أصحابه على دراسة الطب فقال - كما روى أبو داود بسند صحيح -: "تداووا فإن الله لم يضع داءً إلا ووضع له دواء غير داء واحد الهرم".

من هذه المنطلقات العامة انطلق أطباء المسلمين يتعرّفون على الطب اليوناني من خلال البلاد الإسلامية المفتوحة، واستقدموا أطباء الرومان ثم أخذوا يترجمون كل ما وقع تحت أيديهم من كتب طبية فارسية أو إغريقية في العهد الأموي.

ومع قدوم العصر العباسي تبلورت معارف المسلمين الطبية الخاصة بهم، وأخذوا يصحّحون أخطاء الأطباء الأولين، فجاء ابن النفيس وصحّح خطأ جالينوس الذي كان سابقاً يعتقد بوجود ثقب بين بطيني القلب الأيمن والأيسر، فوضع ابن النفيس نظرية "الدورة الدموية الصغرى" والتي تقول إنّ الدم يذهب من الأوردة إلى القلب ومن هناك ينطلق إلى الشرايين، لكن للأسف نسب هذا الإنجاز العظيم لويليام هارفي، ولعلّ الحق كان مع أرازموس داروين حين قال: "في العلم يحظى بالشرف الشخص الذي يقنع العالم وليس أول شخص قدّم الفكرة".

وكان أطباء الحضارة الإسلامية أوّل من فرّق بين المغص الكلوي والمغص المعوي في زمن لم تتوفر فيه الأشعة السينية ولا المقطعية، وكانوا أوّل من فرّق بين الشلل الناتح عن سبب مركزي والناتج عن سبب خارجي في زمن لم تتوفر فيه أشعة الرنين المغناطيسي.

وكان طب الحضارة الإسلامية سيد العالم لمدة 8 قرون، فكانت كتب الرازي وابن سينا مواداً إجبارية في الجامعات الغربية، ثم دخل المسلمون عصر الظلمات الذي خرج منه الغربيون بعدما اتكؤوا على طب الحضارات التي سبقتهم، فأمسوا سادة العالم في الطب بعدما كانوا عالة على غيرهم، وصار المرجع إليهم اليوم في تحديد الدواء المناسب من غير المناسب، والمعتمد من غير المعتمد، والآمن من غير الآمن.

أما المسلمون فتوقفوا في نفس المربع الذي توقف فيه ابن سينا والرازي، وصار الممارسون الشعبيون يتحدثون بنفس لغة القرون المفضلة الأولى ويستخدمون نفس أدويتهم بزعم أنها إما نبوية أو تراثية مجربة.

 

تاريخ الطب النبوي

الطب النبوي كما يعرفه أنصاره بأنه هو مجموع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم مما له علاقة بالطب، سواءً كان آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، ويتضمن وصفات داوى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ممن سأله الشفاء، أو أنه دعا إلى التداوي بها، كما أنه يتضمن توصيات تتعلّق بصحة الإنسان في أحوال حياته من مأكل ومشرب ومسكن ومنكح، ويتضمن تشريعات تتصل بأمور التداوي وأدب الطب في ممارسة المهنة وضمان المتطبب في منظار الشريعة الإسلامية. يبدو أنه من الصعب تحديد تاريخ معيّن لانطلاق الطب النبوي في ثوبه القشيب الذي نعرفه به اليوم، فالمرحلة الأولية منه كانت عبارة عن نصوص قرآنية عامة تتحدث عن إرشادات صحية عامة، ونادراً ما دخلت في تفاصيل علاجية كما فعلت نصوص السنة المروية في الموطأ، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم، والبيهقي. وليس مقصود هذا الكتاب استقصاء كل الكتب التي ألفت في هذا المجال، والتي بلغت أكثر من 30 كتاباً مخصصاً للكلام عن الطب النبوي، لكن المقصود الإشارة إلى كثرة المؤلفات التي وضعت في القرون الماضية، إن وجود هذا الكم الهائل من التراث في موضوع الطب النبوي دعا الدكتور حسن الفكي في كتابه "أحكام الأدوية في الشريعة الإسلامية" إلى الاعتراف بأن "الطب النبوي في حاجة إلى دراسة عميقة، تجلي قدره العظيم... وتجمع بين ما ظهر من تعارض بينه وبين الحقائق الطبية الحديثة والتي بلا شك إما أن تتفق معه وإما أن تكون باطلة... فهو بحاجة إلى باحث متضلع".

الأعشاب في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم:-

ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار وأنا أنهى أمتي عن الكي.

ورواية مسلم: إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطة محجم، أو شربة من عسل، أو لذعة بنار وما أحب أن أكتوي.

وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام.

قال ابن شهاب: والسام الموت، والحبة السوداء الشونيز. هذه رواية البخاري. ورواية مسلم: إِنَّ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ. وَالسَّامُ الْمَوْتُ، وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الشُّونِيزُ. وأرشد صلى الله عليه وسلم إلى بعض الأعشاب مثل القسط  البحري.

العسل

يعد العسل من المنتجات الموغلة في سرداب التاريخ، وكان قديماً يستخدم في تحلية الطعام، واستخلص منه المصريون القدماء أكثر من 900 وصفة علاجية، وتم استخدامه من قبل معظم الشعوب القديمة لعلاج التهابات البلاعيم واستخدم أيضاً لالتئام الجروح وعلاج قروح الجلد، واستخدمه المصريون والآشوريون واليونانيون والرومان والصينيون والألمان - في الحرب العالمية الأولى - كمادة معقمة مضادة للالتهابات، والعسل الخالص غير المصنع غني بمضادات الأكسدة والفيتامينات والأحماض الأمينية والإنزيمات والكربوهيدرات والمعادن، أما المصنع منه فإنه منزوع القيمة الغذائية.

يقول الله تعالى: "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون (68) ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون 69))"

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "قال بعض من تكلّم على الطب النبوي: لو قال فيه: "الشفاء للناس" لكان دواءً لكل داء، ولكن قال:" فيه شفاء للناس" أي يصلح لكل أحد من أدواء باردة، فإنه حار، والشيء يداوى بضده، وقال مجاهد بن جبر في قول "فيه شفاء للناس" يعني القرآن" انتهى كلام ابن كثير.

 

حبة البركة

ورد أن رسول الله أوصى باستخدام حبة البركة كونها تعالج جميع الأمراض عدا الموت.

استخدمت حبة البركة كعلاج منذ أكثر من 3000 سنة، ولقد بدأ استخدامها في الشرق الأوسط ثم انتقلت من هناك إلى أوروبا وإفريقيا والهند، ولقد كان المصريون القدماء يعتقدون أن هذه الحبة تلعب دوراً حاسماً في الحياة الآخروية، ولقد وجدت حبيبات حبة البركة في معبد فرعون مصر "توت عنخ أمون".

استخدم أطباء اليونان حبة البركة لعلاج الصداع وآلام الأسنان واحتقان الأنف ودودة الأمعاء، ثم عندما جاء الإسلام كان العرب يتداوون بحبة البركة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري: "عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام".

- الربو

قامت دراستان على الأقل بإثبات أن حبة البركة تثبط أعراض الربو، وهناك دراسة أشارت إلى أن زيت حبة البركة قادر على تقليل مستوى "الإيزنوفيل" وأجسام المناعة من فئة إي ((IgE & esoinphil المسؤولين عن ظهور أعراض الربو والحساسية ما يدعم استخدامه كعلاج مساند للعقارات الطبية.

 

- السرطان

لا أعرف دراسة استطاعت إثبات أن حبة البركة تصلح كعلاج للسرطان في جسم الإنسان، لكن بعض الدراسات أشارت إلى قدرة حبة البركة على تحبيط الخلايا السرطانية في معدة الفئران وهذا ليس سبباً كافياً لاعتمادها علاجاً للسرطان في الوقت الحاضر.

- تسكين الآلام

يستخدم البعض حبة البركة لعلاج الآلام الناتجة عن الصداع والروماتيزم لكننا في الواقع لا نملك إثباتاً علمياً مقنعاً لهذه الاستخدامات على أرض الواقع.

 

- الالتهابات

يقوم البعض باستخدام زيت حبة البركة كمضاد للبكتيريا والفيروسات والفطريات والدوديات، لا دليل على نجاح هذا الاستخدام في جسم الإنسان.

التمر

قال النبي عليه السلام - كما جاء في "صحيح مسلم" -: "بيت لا تمر فيه جياع أهله"، وإن بعض الأبحاث العلمية تتنبأ بتصدر التمر للسلم الغذائي في المستقبل وربما سيحوز لقب الفاكهة المثالية بسبب احتوائه على الكربوهيدرات والدهون والبروتينات والفيتامينات والألياف و15 ملحاً ومعدناً.

وبرغم الاستخدام العالمي للتمر في الطعام إلا أنه – للأسف - لم يتم دراسة فوائده الصحية بما يتناسب مع حجم استخدامه.

وذكر الدكتور عبدالباسط الدرويش أن البلح يشفي من مرض البلاجرا (pellagra) وهو مرض ناتج عن سوء التغذية ونقص فيتامين النياسين، ولأن البلح يحتوي هذا الفيتامين فإنه يعد عاكساً لآثار المرض السلبية، من الناحية النظرية نقل الدكتور صحيح، لكن وجود هذا الفيتامين لا يقتصر على البلح وحده بل يمتد إلى أي طعام يحتوي على نسبة عالية من البروتينات.

نقل المحدثون - كما روى "صحيح مسلم" - حديث "من تصبح بسبع تمرات عجوات لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر"، لكن هل هذه الخاصية في تمر العجوة مستمرة إلى يومنا المعاصر بعد تبدل وتطور السموم بحيث يصبح من الاستحالة علاجها بفاكهة كهذه؟

إن الإمام المازري في شرحه لـ"صحيح مسلم" يخطو بنا خطوة كبيرة حين يصرح: "لعل ذلك كان لأهل زمانه صلى الله عليه وسلم خاصة أو لأكثرهم إذ لم يثبت عندي استمرار وقوع الشفاء بذلك في زماننا"، فالمازري يعطل العمل بظاهر الحديث العام ويذهب إلى أن فائدة العجوة لعلاج السموم مخصوصة لأهل زمان النبي وليس زمانه هو، ويدلل على كلامه بالتجربة. 

- السواك: ورد عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام "لولا أن أشق أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، فهو مطهر للفم ويقضي على الجراثيم ويعزز الهضم ويقلل من ألام الضرس.

- الحلبة: تساعد في تقليل السكر في الدم وعلاج ألم الطمث وخفض التوتر.

- الزنجبيل: يعمل على علاج الغثيان والقيء وألم الطمث.

-الريحان: يتمتع بفاعلية في محاربة الشيخوخة وتقليل الالتهاب ومضاد للأكسدة، كما يحتوي الريحان عل بعض الفيتامينات مثل فيتامين (A,E) والحديد والماغنسيوم والكالسيوم.

- الأترج: جاء الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثل المؤمنين الذي يقرأ القرآن مثل الأترج طعمها طيباً وريحها طيباً"، ومن فوائد الأترج بحسب كلام ابن قيم الجوزية:

إذا جعل في الثياب منع السوس.

رائحته تصلح فساد الهواء.

يساعد في تعطير رائحة النفس والفم.

يساعد في عملية الهضم بطريقة سريعة..

المصدر : وكالات