تقرير/ وجيه رشيد

"الحاجة أمُ الاختراع".. مقولة جوهرية ترجمتها هنادي أبو هربيد من بيت حانون شمالي قطاع غزة على أرض الواقع بتصميمها جهازًا محليًا يعد الأول من نوعه في فلسطين، يعمل على تجفيف مختلف المنتجات الزراعية بالطاقة الشمسية.

داخل منزلها، اخترعت هنادي (23 عامًا) خريجة هندسة الطاقة المتجددة، المجفف الشمسي الهوائي بأدوات بسيطة موفرة للطاقة، ليصبحَ نواةَ مشروعها الخاص بتجفيفِ الفواكه والخضار والأعشاب.

ويعتمد الجهاز الذي أطلقت عليه اسم " Hybrid solar heat pump dryer" أي "مجفف شمسي هوائي هجين"، على طرقٍ مبتكرة تقللُ وقتَ الإنتاجِ وتُحافظُ على جودةِ المنتج.

                     Image

فكرة الجهاز

يعمل الجهاز على تجفيف المنتجات الزراعية من فواكه كالعنب والكيوي والتمر والخضروات بأنواعها والأعشاب بجميعها بواسطة "مجفف شمسي هوائي هجين" موفر للطاقة.

وقالت هنادي، خلال حديثها لـ "الوطنية"، إن المجفف يدمج بين مصدرين للطاقة، الأول مجمع شمسي هوائي والثاني مضخة حرارية لرفع الكفاءة بشكل كامل وتقليل استهلاك الطاقة، مشيرة إلى أنه نظام موفر للطاقة.

وتوضع الفواكه والخضراوات بعد تقطيعها يدويًا، على صفيح حديدي داخل الجهاز الذي بقلل وقت الإنتاج وحفاظ على جودة المنتج، تحت حرارة من 45 إلى 80 درجة مئوية.

وتتراوح المدة الزمنية للتجفيف من 16 ساعة إلى 24 ساعة، بكمية تقارب من 60 إلى 100 كيلو جرامًا.

وأشارت إلى أن سعر الجهاز مناسب لأصحاب المنشآت الغذائية الكبيرة والصغيرة وحتى التعاونية والخيرية، بما يسهم في تجفيف الفواكه والخضار والأعشاب محليًا وبأي فلسطينية.

                      Image

ولادة الابتكار

عام 2020 بدأت رحلة، فارتفاع تكلفة تجفيف الأغذية باستخدام الطاقة الكهربائية واستهلاكها كميات كبيرة من الطاقة وغلاء الأجهزة المستوردة بشكلٍ عالي وتواجد الطرق التقليدية الغير صحية والنظيفة في التجفيف، كلها أسباب دفعت المهندسة هنادي للتفكير بتمعن لابتكار جهاز موفر للطاقة ويؤدي الغرض المطلوب.

وأكدت أن الوسائل التقليدية والكهربائية تؤثر على جودة المنتجات، منوهة إلى أن غزة تهتم كثيرًا بالمنتجات الغذائية كالأعشاب العطرية والفواكه كالتمر والمشمش والزبيب والتين والخضروات مثل البندورة والبقوليات.

ولفتت إلى أن عملية التجفيف مهمة للتغلب على موسمية المحاصيل الزراعية، إلى جانب كونها أحد أهم الطرق لحفظ الغذاء محليًا وعالميًا.

من هنا ولدت فكرة إدخال تكنولوجيا الطاقة المتجددة الحديثة في المجال الغذائي لتصنيع مجفف شمسي هوائي هجين يعمل بمصدرين موفرين للطاقة للتجفيف بوقت قصير وبجودة عالية وبتكلفة أقل.

           Image

منتجات مجففة أمنة أكثر من المستوردة السامة

وأضافت: "نحاول إنتاج منتجات غذائية مجففة تكون أكثر استدامة واستقرار وتحقيق الأمن الغذائي من خلال تقليل تكاليف الإنتاج باستخدام تقنيات موفرة للطاقة في عملية التجفيف".

وتابعت: "تستورد غزة كميات كبيرة جدًا من المنتجات المجففة سنويًا بأسعار باهظة وتحتوي على إضافات ضارة كالسكر أو يتم معالجتها كيميائيًا باستخدام أكاسيد الكبريت السامة لذلك يظهر لونها اللامع البراق".

واستطردت: "في نفس الوقت مراعاة أن تكون المنتجات المجففة بشكل طبيعي من دون أي إضافات سكرية أو أي مواد كيميائية وذلك للحفاظ على القيمة الغذائية".

واعتمدت المهندسة على مواقع التواصل الاجتماعي في عملية عرض المنتجات المجففة بأنواعها المختلفة.

         Image

صعوبات وعوائق

وواجهت هنادي معضلات جمة كعدم ثبات أسعار المواد الخام وازديادها بسبب الإغلاقات المستمرة للمعابر وتأثير الحرب الأخيرة غزة وارتفاع الأسعار بشكلٍ جنوني، فضلًا عن تأثير جائحة "كورونا".

ونوهت إلى أنها تواجه أيضًا عدم وجود أدوات ومعدات خاصة بالمشروع مما يزيد من وقت التحضير وذلك لأنني أستخدم أدوات ومكن يدوية من أجل تحضير المنتجات لعملية التجفيف.

         Image

طموحات 

تعمل المهندسة حاليًا على تجهيز مكان خاص لمشروعها الريادي الصغير، لفتح خط إنتاج خاص لتجفيف المنتجات الغذائية لتسهيل عملية التصنيع بما يشمل تجهيز المكان المناسب لعرض المنتجات بسهولة على من يرغب في الشراء.

وتطمح أن تكون قادرة على فتح خط إنتاج لتصنيع الأغذية المجففة، وإنشاء مكان خاص مجهز بكافة الأدوات والمعدات اللازمة للبدء بالعمل، بما يساعد على جعل المنتجات متوافرة في الأسواق.

وتأمل بتطوير مشروعها ليصبح شركة متخصصة في الأغذية المجففة باستخدام أحدث تكنولوجيا التجفيف الشمسي الهجينة.

اختراعات مبتكرة بأدوات بسيطة سيكون لها أثرها على واقع الغزيين بخلق فرص عمل جديدة لألاف الخريجين الجامعيين والعاطلين عن العمل وتوفير الجهد والوقت والتكلفة في إنتاج منتجات غذائية صحية وآمنة محليًا بما يحافظ على الجودة، ما يتطلب دعم أصحاب هذه المشاريع والاختراعات من قبل الجهات الرسمية والأهلية والتعاونية للقضاء على البطالة والفقر وضنك العيش في مجتمع ربعه من الشباب.

             Image  

             Image

المصدر : الوطنية - وجيه رشيد