انطلقت منذ صباح اليوم الأحد، عمليات الاقتراع في الانتخابات التشريعية في السويد، وسط منافسة شديدة بين "يمين" استعدادا للعودة إلى الحكم بدعم لأول مرة من اليمين المتطرف، و"يسار" يسعى للفوز بأربع سنوات إضافية.

وتوجه السويديون إلى صناديق الاقتراع في ظل استطلاعات للرأي تتوقع لليمين الحلول لأول مرة في تاريخه في المرتبة الثانية، إذ بات حزب ديمقراطيي السويدي اليميني المعادي للهجرة في موقع يسمح له بمساعدة اليمين على العودة إلى السلطة، بعدما ظل لفترة طويلة منبوذا على الساحة السياسية.

ورغم ذلك، لا تزال الاشتراكية الديمقراطية المنتهية ولايتها ماجدالينا أندرسون، أول امرأة رئيسة للحكومة في السويد، تحظى بأكبر نسبة من الثقة بين الناخبين للبقاء في منصبها، متقدمة بفارق كبير على خصمها المحافظ من حزب المعتدلين أولف كريسترسون (32%).

ومن المتوقع ظهور النتائج الأولية فور إغلاق مراكز الاقتراع، وستعلن الجهة المشرفة على الانتخابات النتائج الجزئية الأولى في المساء.

وتبين آخر استطلاعات الرأي مستوى التغيرات في هذا البلد الإسكندنافي (نحو 10.7 ملايين نسمة)، وتحديدا لناحية التحوّل من بلد مضياف ومنفتح على المواطنين الجدد، كما أطلقوا على المهاجرين واللاجئين، إلى تنافس على التشدد حيال سياسة الهجرة والاندماج.

وكانت المواضع التي هيمنت على الحملة الانتخابية، تدعم حظوظ المعارضة اليمينية، كالإجرام وتسوية الحسابات الدامية بين العصابات، ومشكلات الاندماج، والزيادة الحادة في فواتير الطاقة وغيرها. 

 ولايزال الفارق ضئيلا في نوايا الأصوات بين التكتلين الجديدين المحتملين، وهما تكتل الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر وحزب اليسار وحزب الوسط إلى يسار الساحة السياسية، وتكتل المعتدلين والمسيحيين الديمقراطيين والليبراليين وديمقراطيي السويد إلى اليمين.

وتشير آخر استطلاعات الرأي   إلى حصول تكتل اليسار على 49.1% إلى 50.1% من الأصوات، مقابل 49.2% إلى 49.9% لليمين واليمين المتطرف.

كما تشير استطلاعات الرأي إلى حصول الاشتراكيين الديمقراطيين على 26.4% إلى 29.5% من الأصوات، وهو ما يقارب أدنى مستوى تاريخي لهم قدره 28.3% عام 2018، متقدمين على ديمقراطيي السويد (19.8% إلى 21.0%) والمتعتدلين (16.2% إلى 18.%).

يذكر أن حزب “ديمقراطيو السويد” اليميني المتطرف الذي تأسس في عام 1988، يعد وريث مجموعة من النازيين الجدد، ويعادي الأجانب والمهاجرين، ويطالب بطردهم من السويد، وكان معزولا من قبل، ويكاد يكون منبوذا وكان ينال 1% من أصوات الناخبين قبل أقل من عشرين عاما.

لكنه تمكن من توسيع نطاق وجوده في أوساط الطبقات العاملة والمتقاعدين عبر التخويف من وجود الأجانب على فرص العمل ومستوى الرفاه الاجتماعي.

وتمكن بفضل خطاب معادٍ للهجرة ودفاعه عن دولة الرعاية الاجتماعية التقليدية، من كسب تأييد طبقات العمال والمتقاعدين وذوي المهارات الضعيفة، وبصورة رئيسية بين الرجال، مستغلا موجات الهجرة الضخمة إلى السويد التي قاربت 500 ألف مهاجر منذ عشر سنوات، ما يمثل حوالى 5% من المواطنين.

وأثارت التقارير حول إمكانية تمكن تحالف بين اليمين التقليدي واليمين الشعبوي المتطرف بهزيمة تحالف الأحزاب الاشتراكية في انتخابات الأحد قلقا واسعا.

غير أن السيناريوهات المتوقعة لمكاسب الأطراف المختلفة، تعتمد بشكل كبير على مدى نجاح قادة الأحزاب الحاكمة والمعارضة في إبراز مقاربة مقبولة للناخب السويدي في خضم التحولات العاصفة في المشهد الدولي، وانعكاساتها على حياة الناس.

وسواء اختارت الأغلبية بقاء أندرسون رئيسة حكومة يسار الوسط بعد 8 سنوات من حكمه أو اختارت مرشح يمين الوسط، أولف كريسترسون عن حزب الاعتدال، فإن الخريطة البرلمانية القادمة لن تستطيع تجاهل أن اليمين الشعبوي بات له ثقل وتأثير بالمشاريع المقبلة، بما فيها ترجيح وصول كريسترسون إلى الحكم، وذلك مع تقارب نتيجة الكتلتين، يسار ويسار الوسط واليمين ويمين الوسط.

جدير بالذكر أن الانتخابات السويدية تجري على ثلاثة مستويات مختلفة، هي انتخابات البرلمان الوطني المكون من 349 مقعدا، وانتخابات مجالس المقاطعات العشرين إضافة الى انتخابات المجالس البلدية الـ 290، حيث لا تشكل هذه المستويات الثلاثة تسلسلا هرميا، بل لكل منها مسؤوليات في مجالات خاصة.

وتهدف الانتخابات التي تعتمد النسبية إلى منح 349 مقعدا بالإجمال، ووحدها الأحزاب التي تحقق أكثر من 4% من الأصوات تحصل على مقاعد.

ويتطلب تعيين رئيس للوزراء حصوله على أغلبية مطلقة من الأصوات المؤيدة بشرط ألا يصل عدد المعارضين له إلى 145 صوتا.

ودعي حوالي 7.5 ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم، غير أن عملية الاقتراع بدأت بالفعل، إذ تسمح السويد بالتصويت مسبقا، وغالبا ما تكون المشاركة مرتفعة جدا في البلد البالغ عدد سكانه 10.3 ملايين نسمة، وتخطت 87% عام 2018 مسجلة أعلى مستوياتها منذ 30 عاما.

 

 

المصدر : وكالات