يترقّب اللبنانيون اليوم الإثنين لإعلان نتائج الانتخابات النيابية بعد أن أدلوا بأصواتهم أمس الأحد، في أول انتخابات منذ الانهيار الاقتصادي في البلاد. 

لم تصدر وزارة الداخلية أي أرقام رسمية بعد، ما عدا نسبة تقريبية للاقتراع بلغت نحو 41.04% التي تعد متدنية جداً مقارنة بدورة عام 2018 النيابية التي سجلت 49.68%، كما لم تحسم بعد أصوات المغتربين.

وبحسب النتائج الأولية، فقد خسر أرسلان مقعده النيابي أمام المرشح عن المقعد الدرزي في دائرة جبل لبنان الرابعة عاليه مارك ضو المنضوي في لائحة "توحدنا للتغيير" التي تمثل المجتمع المدني، مع الإشارة إلى أن السياسي الدرزي البارز طلال أرسلان كان انتخب عضواً في البرلمان عام 1992 وأعيد انتخابه لدورات 1996، 2000، و2009، و2018، باستثناء عام 2005 الذي خسر فيه مقعده حينها.

وبحسب أرقام أولية، فقد أحرز الثنائي "حزب الله"، و"حركة أمل" تقدماً في دائرة الجنوب الثانية، إحدى معاقلهما، لكن المجموعات المدنية قد تكون أحدثت خرقاً هو الأول من نوعه في عقر دار "حزب الله" في دائرة الجنوب الثالثة، وذلك لصالح المرشح عن المقعد الأرثوذكسي في حاصبيا مرجعيون الياس جرادي بوجه النائب عن "الحزب السوري القومي الاجتماعي" أسعد حردان، في حين تمكن نائب "القوات" أنطوان حبشي وبعد معركة شرسة ونهار تخلله الكثير من الإشكالات والضغوطات والمخالفات من انتزاع المقعد الماروني وإحداث خرق في دائرة بعلبك الهرمل التي كان يريد الحزب الاستحواذ عليها كلها، خصوصاً لما تمثله من أهمية عسكرية وأمنية واستراتيجية لعملياته.

كذلك، أفادت معلومات عن تمكن لائحة الوزير السابق الخارج من عباءة "تيار المستقبل" أشرف الريف بالتحالف مع "القوات" ونائب المستقبل السابق عثمان علم الدين من تأمين 3 حواصل علماً أن ريفي كان خسر معركة عام 2018، فيما حازت لائحة فيصل كرامي التي يتحالف فيها مع جهاد الصمد على حاصلين، وحصلت شخصيات محسوبة سابقاً على "تيار المستقبل" وتضم بشكل خاص مصطفى علوش وسامي فتفت على حاصل واحد، فيما حصلت اللائحة المدعومة من رئيس الوزراء نجيب ميقاتي على حاصلين.

وتميزت الانتخابات بمشاركة كثيفة ونشاط استثنائي للوائح معارضة تضم مرشحين من خارج الطبقة السياسية التقليدية يرون أن تحقيق "خروق" ولو محدودة في لوائح الأحزاب النافذة والقوى المتجذرة في النظام السياسي، يعتبر انتصاراً.  لكن نسبة المشاركة فيها كانت متدنية، إذ بلغت 41 في المئة، وفق وزارة الداخلية. ويبلغ عدد الناخبين 3,9 ملايين.

  وتأتي هذه الانتخابات وسط انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وبات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة.

   كما أتت بعد نحو عامين على انفجار الرابع من آب/أغسطس 2020 الذي دمر جزءاً كبيراً من بيروت وأودى بأكثر من مئتي شخص وتسبّب بإصابة أكثر من 6500 آخرين. ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، عن تخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية.

   وهو الاستحقاق الانتخابي الأول بعد سلسلة أزمات هزت لبنان خلال العامين الماضيين بينها انهيار اقتصادي واحتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة وانفجار كارثي في بيروت. لكنّ عناصر عدة قد تحول دون ترجمة النقمة الشعبية ضد السلطة التي يُحمّلها كثر مسؤولية الانهيار الاقتصادي وشلل المؤسسات، بينها القانون الانتخابي المفصّل لصالح الأحزاب التقليدية.

   ويضمّ البرلمان 128 نائباً. والغالبية في المجلس المنتهية ولايته هي لحزب الله وحلفائه وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري الذي يشغل منصبه منذ 1992.

   وإن كان متوقّعا أن تبقى الكفة مرجحة في البرلمان الجديد لصالح القوى السياسية التقليدية، تحدثت ماكينات أحزاب ومجموعات معارضة ليلاً عن خروق في عدد من الدوائر، أبرزها دائرة في الجنوب عادة ما تكون كلّها من نصيب لائحة مشتركة بين حزب الله وحلفائه.

   وشاركت في الانتخابات مجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019 طالبت برحيل الطبقة السياسية.

  وبدا منذ البداية أنه سيكون صعباً أن تترجم النقمة الشعبية في صناديق الاقتراع بسبب عوامل عدة أبرزها نقص الموارد المالية لدى المعارضين وضعف الخبرة السياسية، وقانون انتخابي معقد مفصل على قياس الأحزاب التقليدية وتشتت المعارضة وعدم اتحادها في لوائح مشتركة. 

وساهمت الأزمات، خصوصاً انفجار المرفأ، في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين، لا سيما الشباب الذين هاجر آلاف منهم.

ورغم النقمة التي زادتها عرقلة المسؤولين للتحقيق في الانفجار بعد الادّعاء على نواب بينهم مرشحان حاليان، لم تفقد الأحزاب التقليدية التي تستفيد من تركيبة طائفية ونظام محاصصة متجذر، قواعدها الشعبية التي جيّشتها خلال الحملة الانتخابية.

ويُرجّح أن يحتفظ حزب الله وحركة أمل بالمقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً)، لكن لا يستبعد محللون أن يخسر الحليف المسيحي الأبرز للحزب، أي التيار الوطني الحر، عدداً من مقاعده بعدما حاز وحلفاؤه 21 مقعداً عام 2018.

   كما جرت الانتخابات في غياب أبرز مكون سياسي سُنّي بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي أعلن مقاطعة الاستحقاق، بعدما احتل الواجهة السياسية سنوات طويلة إثر مقتل والده رفيق الحريري في 2005. 

   ووثقت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات "لادي" التعرّض لمندوبيها في مناطق عدة بالتهديد أو الضرب، الجزء الأكبر منها في مناطق نفوذ حزب الله. وأظهرت مقاطع فيديو وصور مرافقة مندوبين عن حزب الله وحركة أمل  ناخبين خلف العازل في بعض الأقلام الانتخابية.

المصدر : وكالات