مستعيناً بأجواء النكبة التي هجر منها الفلسطينيون من أرضهم وطردوا منها عام 1948، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واثقًا هذه المرة من تنفيذ خطته الاستعمارية الجديدة لضم أجزاء من الضفة الغربية.

وعادت ذاكرة الشعب الفلسطيني لأحداث النكبة التي شكلت مأساة إنسانية وتشريد لعدد كبير من السكان وقتل المئات وسرقة آلاف الأراضي، بجريمة لن ينساها التاريخ.

وبعد 72 عاماً من "النكبة" الأولى، تعهد نتنياهو صاحب أطول فترة حكم في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، بعد يوم واحد من بدء محاكمته بتهمة الفساد بتنفيذ تلك الخطة في يوليو/تموز المقبل ولا ينوي تغييره، إذ يرى في الأجواء الدولية والإقليمية الحالية "فرصة تاريخية نادرة"، لضم الضفة الغربية لكيانه.

كلمات نتنياهو، ناجمة عن أسباب عدة، أولها انشغال العالم بجائحة "كورونا"، والتي استثمرها خلال الجولة الانتخابية وما صاحبها من تشكيل حالي ائتلافي موحد، وثانيها موقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي يعد أكبر الأقطاب دعماً له، وثالثها ضعف ردود الفعل الرافضة لخطته الاستعمارية خاصة في ظل الوهن والهوان العربي والعجز الفلسطيني والتردد الأوروبي.

وفي مقابلة مع صحيفة "ماكور ريشون" الإسرائيلية، أكد نتنياهو عزمه ضم 30% من مساحة الضفة الغربية إلى سيادته، أو ما يعادل 50% من المنطقة المصنفة (ج)، والتي تمثل 60% من مساحة الضفة تقع تحت سيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، وفق اتفاقية أوسلو الثانية عام 1995.

وهنا يبرز السؤال الأهم: ألم يحن وقت اللحمة الفلسطينية لمواجهة "النكبة الجديدة"؟، أم أن القيادة ستكتفي بالشعارات والتهديدات دون تطبيق فعلي على أرض الواقع؟.

أساس المواجهة

المختص بالشأن الإسرائيلي وجيه أو ظريفة، قال إن البرنامج السياسي لحكومة الاحتلال بين "نتنياهو وغانتس" يكمن في ضم الأراضي خاصة في غور الأردن والمرتفعات الغربية للضفة الغربية والمستوطنات.

وأكد أبو ظريفة، خلال حديثه لـ "الوطنية"، أن هذه رؤية استراتيجية ليست جديدة وما جعلها أكثر تفاعلاً هي "صفقة القرن"، مشددًا على أن هذه الحكومة حكومة ضم، والتعامل معها يجب أن يكون على أساس أنها حكومة معتدية وتريد أن تأخذ الأرض الفلسطينية وتصادر حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته.

وأوضح أن على كل الفلسطينيين أن يدركوا أن المعركة مع الاحتلال أصبحت مفتوحة وأن العلاقة معه علاقة صراع ولا تنسيق أمني ولا علاقة تعاون ولا علاقة مفاوضات أو تسوية.

وأشار إلى أنه يجب أن يتوقف كل حديث عن التنسيق الأمني، وذلك يتطلب استراتيجية وطنية فلسطينية واضحة ومتفق عليها وأن يشارك الجميع فيها.

ونوه إلى أنه من ينفذ هذه الاستراتيجية الوطنية قيادة فلسطينية متفق عليها، ووجود هذه القيادة يتطلب إنهاء الانقسام، فلا يمكن أن يكون هناك انقسام وأن يكون هناك قيادة موحدة، وأن تبدأ ساعة الوحدة الوطنية.

وأضاف: "يجب التخلص من كل الاتفاقيات مع إسرائيل، لأن الاتفاقات معها أصبحت غير قائمة ولا يمكن أن تؤدي إلى الدولة الفلسطينية"، لافتاً إلى أن يجب تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني على المستوي الوطني والمستوي الدولي.

ووفقًا لأبو ظريفة، يجب الحفاظ على قضيتين أساسيتين، الأولى: الحق السياسي والقانوني للشعب الفلسطيني والتي كفلتها قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسه حق تقرير المصير، الثانية: مسألة تثبيت هذا العشب في أرضه، وبالتي يتطلب أن يكون هناك موقف قوي فلسطيني وأن يسانده ظهير عربي واسلامي ليشكل داعم ومساند له، وأيضاً موقف دولي يحافظ على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، يعتبر أن دولة الاحتلال هي دولة مارقة ويجب أن يكون هناك عقوبات عليها.

آليات التنفيذ

ويتوافق الكاتب والمحلل الساسي حسام الجني مع سابقه، إذ رأى أن تصريحات نتنياهو حول قرار الضم تؤكد أن رد الفعل الفلسطيني غير مؤثر حتى اللحظة.

وأكد الدجني، أن الرد الوحيد القادر على خلط الأوراق هو وحدة وطنية حقيقية، في إطار قيادي للتوافق على استراتيجية وطنية ووضع آليات التنفيذ.

ونوه إلى أن ذلك يحتاج لتقييم حقيقي للمسار السياسي وأدوات تحقيقه، عبر نقل ثقل منظمة التحرير للخارج أو قطاع غزة من خلال انتفاضة عارمة في الأراضي الفلسطينية.

وأيضاً إعادة تعريف دور ووظيفة السلطة الأمنية والسياسية وهذا يحتاج لتوجهات جديدة لعمل الدبلوماسية الرسمية والشعبية في الخارج.

إلى جانب سياسة اقتصادية جديدة تنسجم والتوجيهات الجديدة وتقوم على ركيزة أساسية وهي مسئولية الاحتلال على كافة الاراضي المحتلة، وفق الدجني.

وينتظر الفلسطينيون، ما ستؤول إليه الأوضاع في شهر "نكبة الضم" وهنا المقصود به شهر يوليو/ تموز، وفي حال نفذ القرار الاستعماري الجديد، هل ستقف القيادة بالضفة وغزة موقف رجل واحد؟.

المصدر : الوطنية - وجيه رشيد