تتسارع الأحداث السياسية على الساحة الفلسطينية في عدة اتجاهات، خاصة بعد التفاهمات الأخيرة التي جرت بين حركة حماس والتيار الإصلاحي في حركة فتح برعاية مصرية.

وتزامن ذلك مع حراك دولي يتزعمه المبعوث الأممي لعملية السلام نيكولا ملادينوف الذي يزور غزة للمرة الثالثة على التولي ويتلقى فيها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وسط معلومات أنه يقود وساطة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس.

وأغضبت هذه التفاهمات الرئيس محمود عباس الذي أصدر قراراً بإحالة أكثر من 6 آلاف موظف مدني إلى التقاعد المبكر، وذلك إضافة إلى الإجراءات السابقة التي اتخذها ضد قطاع غزة، من بينها تقليص الكهرباء الإسرائيلية التي وصل إلى نحو 55 ميجاوات.

ويقول المحلل السياسي طلال عوكل، إن السبب الأساسي لهذه التطورات هو رفض الرئيس قبل نهاية العام الماضي طلب مصر المصالحة مع النائب محمد دحلان.

وأوضح أن موقف السلطة ومصر ما زال كما هو ولم يتغير، "لذلك لن تثمر زيارة الرئيس المقبلة لمصر ولن تقبل مقترحاته، إلا إذا وافق الرئيس على هذا البند الذي تم رفضه والمتفق عليه من قبل دول الرباعية العربية.

رئيسًا في المستقبل

وأضاف "حماس لم تنجح بالتفاهم مع دحلان ومصر إلا عندما قدمت أجوبة وتنازلات طرحها الجانب المصري، ولذلك التقدم الحاصل بين مصر وحماس مقرون باستمرار وتطور التفاهمات مع دحلان".

وقال إن الأحداث الأخيرة والغياب الكبير عن المشهد السياسي سابقًا أعطت دحلان حاضنة لا بأس بها تؤهله أن يكون رئيسًا في المستقبل، "لكن ليفوز بالرئاسة عليه أن يكون بالداخل وليس متحكمًا من الخارج ومعطل الإمكانيات".

وكان رئيس التيار الإصلاحي في حركة فتح محمد دحلان الذي ولد في غزة وترعرع فيها قال إنه ليس في وارد الترشح لرئاسة السلطة، لكنه سيكون جزءًا من أي فريق يملك رؤية وقيادة حقيقية، متهمًا الرئيس بتحويل ما تبقى من السلطة إلى آلة أمنية.

العلاقات الثنائية

ويرى المحلل السياسي حسام الدجني، أن العلاقة بين حركة حماس والتيار الإصلاحي في حركة فتح تجاوزت مرحلة العلاقات الطارئة التي يستفيد كل واحد منهما من الأخر، حيث حسم كل منهما أوراقه لتكوين علاقة ثنائية كأي حركة وتيار أو حركة وحركة.

وأوضح الدجني أن التيار الإصلاحي يمتلك أوراق قوة على الصعيد الداخلي والخارجي، وهناك مصالح متبادلة ومشتركة مع حماس.

وكان الطرفان قد أعلنا في وقت سابق على لسان قادتهما أن هذه التفاهمات تأتي بناءً على قاعدة تخفيف الحصار عن أبناء الشعب الفلسطيني بغزة وخدمة القضية الفلسطينية وانقاذها.

إنقاذ ما يمكن إنقاذه

وتابع " هناك خسائر كبيرة تترتب على الرئيس والسلطة الفلسطينية بسبب الإجراءات الأخيرة التي فرضها على قطاع غزة، أو الخصومات السياسية التي يكتسبها جراء تحركاته الأخيرة".

وشدد على أن تصرفات الرئيس تخدم مصالحة حماس ودحلان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مع وجود كل هذه التحالفات الدولية والعربية ضد القضبة الفلسطينية.

وأضاف أن حماس لا تتجاهل قرار الرئيس بتمكين حكومة التوافق دون سبب، وإنما لعدم تقديم استفسارات عن ألية عمل الحكومة بغزة، مؤكدًا أنه لو وافقت الحكومة على تبني كافة مرافق قطاع غزة إضافة إلى موظفي غزة سوف تلغي اللجنة الإدارية على الفور.

وبين أن مسألة رئاسة دحلان لفلسطين من خلال بوابة غزة أمر مستقبلي يحدده الشعب الفلسطيني من خلال العملية الانتخابية الديموقراطية وبتوافق شعبي، ولا يمكن أن تفرضه قوة دولية أو عربية.

حكومة وحدة

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي عماد محسن، إن المطلوب من الرئيس محمود عباس بعد زيارته المنتظرة إلى مصر القدوم إلى غزة، داعيًا المجلس التشريعي إلى الانعقاد كونه المؤسسة الفلسطينية الوحيدة التي تمتلك الشرعية، وذلك لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع الجميع، بدلًا من استخدام سياسة التضيق.

وأضاف "أبو مازن لا يملك شيء يقدمه للجانب المصري بعد أن حذر أبناء الشعب الفلسطيني كافة من بعض الدول قاصدًا مصر والرياض والأردن، وعقب رفضه العرض المصري بمصالحة داخلية فتحاوية".

وتابع أن ما يقوم به النائب دحلان وتياره الإصلاحي وحركة حماس من تفاهمات يأتي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

يشار إلى أن القائد في التيار الإصلاحي سمير المشهراوي كان قد صرح خلال لقاء سابق على قناة الغد أن أجندة التيار ليس فيها أي جديد، وإنما كل ما هو موجود منصوص عليه في اتفاقات سابقة أهمها اتفاق المصالحة في القاهرة عام 2011.

وبين أن النائب محمد دحلان غير معني بكرسي الرئاسة من خلال بوابة غزة.

المصدر : الوطنية - فادي بارود