لا ينكر أحدنا أهمية جامعة بيرزيت الواقعة على مقربة من مدينة رام الله حيث مقر قيادة السلطة الفلسطينية، حيث انها تعتبر من أبرز الجامعات الفلسطينية، وتحظى باهتمام كبير من فصائل العمل الوطني والاسلامي، لا سيّما من حركتي فتح وحماس اللتين تتنافسان باستمرار  للسيطرة على مجلس طلبتها وزمام الأمور بداخلها.

وترتبط الجامعة بالنسبة للكثيرين بالطابع الرمزي الذي تحمله، حيث يُنظرُ إليها كجامعة ليبرالية أقيمت قرب محافظة رام الله وسط الضفة الفلسطينية، الأمر الذي ساهم في تحويلها ولفترات طويلة كمركز جذب للطلبة من بقية مناطق الضفة والقدس، نظرا لموقعها الجغرافي إذ أنها قريبة نسبياً من بقية المناطق، إضافة لسمعتها الأكاديمية التي خرجت نُخبا من الطّلّاب المتميّزين على الصعيد السياسي والنضالي أو على مستوى المواجهة مع الاحتلال.

أبرزت نتائج انتخابات مجلس طلبة الجامعة من جديد أن القوتين الرئيسيتين ما زالتا تقودان الساحة الفلسطينية وبقوة، على عكس ما يدعيه قيادات اليسار الفلسطيني، بأن قوتهما وجماهيريتهما تتقلص من منطقة إلى أخرى، ومن مرحلة سياسية إلى ما يليها، فهذه جدليتهم التي لا تتوقف.

النتائج تثبت دوماً وأبداً أن التعددية السياسية واقع حقيقي كحالة طبيعية فلسطينية لا يمكن الابتعاد عنها، وان البعد عن الشراكة السياسية، يقوض الطاقات ويهدرها، لكن قرار الصندوق هو سيد الموقف والذي يقضى بقبول الآخر والتعاون معه.

حركتا فتح وحماس لهما حضورهما ووزنهما في الساحة الفلسطينية، وكل حركة لها ظروفها الخاصة، وتحاول كل منهما المحافظة على جمهورها، مع ملاحظة أن حالة التدافع هي سنة كونية لن تتوقف خصوصاً في الحالات السياسية، ويسجل لبيرزيت الحرص الدائم لوجود التنافس فيها بشكل ديمقراطي وحضاري.

لكننا اليوم أمام مشهد جديد يتساوى فيه أبرز المتنافسين في الانتخابات "كتله الشهيد ياسر عرفات التابعة لحركة فتح، مع كتله الوفاء الاسلامية التابعة لحركة حماس " والتي حصدت كل منهما 23 مقعداً مع فارق الاصوات لصالح الاولى رغم أن الأخيرة تصدرت المشهد لجولات وصولات ليست في بيرزيت فقط إنما في معظم جامعات الوطن.

وهنا نقف حائرين أمام علامات الاستفهام الواقعة خلف ما الذي جعل حماس وكتلتها الانتخابية تخسر من شعبيتها ؟؟؟

هذا السؤال الذي تعد إجابته سهله عند الجميع في وضع الاعتقالات والمضايقات التي تمارسها الأجهزة الأمنية في الضفة ضد حماس وأنصارها شماعة لتعليق الخسارة عليها، وإن كان هذا سبب له دوره الكبير لكنه ليس السبب المباشر والرئيس في ذلك، بل ما تنتهجه حركه حماس في غزة خلال الايام السابقة وكان أبرزها حالة القمع التي شهدها القطاع كان هو السبب الرئيس والمباشر في فقدانها لعدد من الذين ناصروها طوال السنوات الماضية. لان الاعتقالات لم تتوقف منذ سيطرة حركة حماس علي قطاع غزة عام 2007.

لم يعد المشهد كما كان سابقاً لأننا أمام تطورات على مدار اللحظة تتطلب من الجميع وقف الملاحقات والاعتقالات وترك المساحة الكافية لممارسة حرية الرأي والتعبير، والمشهد الحالي يثبت حاجتنا الملحة لإعادة تقييم الموقف وقراءة نتائج الانتخابات وتقييمها.

أملين انتهاء المضايقات إلى غير رجعة، وبقاء جامعة بيرزيت في حالة متقدمة من الوعي والتطور الحضاري، بما يخدم الطلبة ويصب في مصالحهم بعيدا عن التشنجات والانطواء، وعدم الانفتاح وقبول الآخر.