لم تكن "قمة العقبة" سوى جزء من حراك طويل ومتواصل ضد المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية ازدادت شراسته منذ بداية عام 2022.

على الرغم من ظهور بوادر فشل "قمة العقبة" أثناء وبعد انعقادها يوم الأحد الماضي، فإنّها تعكس استمراراً لمخططات لن تتوقف لوأد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي يمثل تحدياً كبيراً وحقيقياً أمام برنامج المقاومة الفلسطينية في ظل تساوق السلطة الفلسطينية مع مخططات الاحتلال.

لم تكن "قمة العقبة" سوى جزء من حراك طويل ومتواصل ضد المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية ازدادت شراسته منذ بداية عام 2022. لقد جرّبت "دولة" الاحتلال كل الأدوات الأمنية والعسكرية لإنهاء المقاومة في الضفة، وجميعها فشلت فشلاً ذريعاً، رغم نشر "جيش" الاحتلال أكثر من 60% من قواته في الضفة الغربية.

وها هي اليوم تعود لتجرّب وسيلة أخرى سعياً لجلب الهدوء وتمرير حسم الملفات مع الفلسطينيين، مستعينة بالإدارة الأميركية والوسطاء العرب، ومن قبلهم ومن بعدهم التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية ودفع الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى السيطرة على المقاومة، وهو رهان خاسر في ظل افتقار السلطة إلى التأييد الشعبي، وعدم الإيمان ببرنامجها الذي أثبت فشله على مدار 3 عقود.

لقد بدأ الحراك التآمري بخطة إنهاء المقاومة في جنين، وعدوان "كاسر الأمواج"، ولقاءات حسين الشيخ مسؤول ملف التنسيق الأمني مع الإدارة الأميركية في واشنطن، ولقاءات "غانتس-عباس" في رام الله، وزيارة المسؤولين الأميركيين لـ"دولة" الاحتلال ورام الله، وآخرها زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبقاء وفد أميركي في "تل أبيب" لمتابعة التوصل إلى خطة القضاء على المقاومة، وصولاً إلى اتصالات مسؤولي السلطة مع رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، والاتفاق على عقد "قمة العقبة" في الأردن، ومن بعدها قمة أخرى في منتجع "شرم الشيخ" في مصر ستعقد الشهر المقبل.

إنّ مسلسل التآمر على المقاومة في الضفة المحتلة لم يتوقف للحظة، لكنّه يجد الكثير من العقبات أمامه، ففي الوقت الذي يسعى المتآمرون على المقاومة لوضع الخطط للضغط على الفلسطينيين فقط لوقف المقاومة، تأتي الخطوات الاستفزازية التي تقوم بها حكومة المتطرفين لتفجر الأوضاع رغماً عنهم. 

وفي هذا الأمر، تجد المنظومة الأمنية في "دولة" الاحتلال نفسها في حيرة واضحة، إذ إنَّ زيادة الضغط والإيغال في الدماء الفلسطينية كان يراد منه ردع الفلسطينيين، إلَّا أنَّه على عكس ذلك يزيدهم مقاومة.

من ناحية ثانية، لم يعد الشعب الفلسطيني مُغيَّباً أمام المسؤولين في السلطة الفلسطينية، فقد باتت كل خططهم مكشوفة، وبرنامجهم لا يحظى بدعم وتأييد من الفلسطينيين الذين أظهرت استطلاعات الرأي أنّ غالبيتهم يؤمنون بالمقاومة كخيار لمواجهة الاحتلال بأشكالها كافة، بل بات الفلسطينيون متنبهين للمصالح الشخصية للفريق المحيط بالرئيس محمود عباس ضمن معركة خلافته التي تقترب مع دخوله عامه التاسع والثمانين.

ورغم التآمر على المقاومة في الضفة، والمخططات التي يقودها الاحتلال، والتي تتعاون معه فيها السلطة الفلسطينية والدول العربية، فإنَّ حالة المقاومة هناك تعبِّر عن رأي عام وتوجهات جيل فلسطيني كامل لا يؤمن سوى بخيار المقاومة والمواجهة مع الاحتلال.

إنّ الثابت الوحيد في جميع المخططات التي تتساوق معها السلطة الفلسطينية أنّها تُغلِّبُ المصلحة الإسرائيلية على حساب المصلحة الفلسطينية، إذ إنَّ الضغوط تُوجَّه فقط ناحية الفلسطينيين، فيما لا يُلزمُ أحدٌ حكومةَ المتطرفين بأي وقف لخطواتها الهادفة إلى حسم الملفات مع الفلسطينيين.

ورغم كل هذا التآمر، فإنّ جميع المعطيات على الأرض وسياسة حكومة المتطرفين والمستوطنين تؤكد أننا بدأنا أو سنبدأ قريباً بانتفاضة فلسطينية شاملة ضد الاحتلال لن توقفها كل المؤامرات، وأنَّ الجهات التي استطاعت سابقاً إسكات الفلسطينيين باتفاقيات سياسية مع الاحتلال لم تعد قادرة على هذا الدور في وقت باتت الكلمة الآن للمقاومة، سواء الفصائلية أو الفردية. 

تتمثّل خيارات المقاومة في مواجهة هذه المؤامرات والمخططات في:

- الاستمرار في التحركات الميدانية لمواجهة الاحتلال، ورفض المخططات ومجابهتها، وعدم السماح للاحتلال وأعوانه باجتثاث العمل المقاوم المسلح من الضفة الغربية المحتلة، وإن لزم تدخل قطاع غزة، إضافة إلى رفض المخططات التي يقودها الفريق المحيط بالرئيس محمود عباس لتسوية الطريق أمام أشخاص بعينهم لقيادة السلطة بعد عباس على أسس أكثر انبطاحاً وتفريطاً بالحقوق والثوابت الفلسطينية. 

- تصعيد المقاومة الفلسطينية في مختلف الجبهات، وخصوصاً الضفة الغربية المحتلة، وتقديم الدعم والإسناد لتصاعد الحالة المُقاوِمَة في الضفة الغربية المحتلة، لتحقيق هدف ردع حكومة الاحتلال المتطرفة وتعقيد الحسابات أمامها كي لا تذهب لحسم الملفات.

- الضغط على السلطة الفلسطينية شعبياً وميدانياً وإعلامياً للتراجع عن خطواتها ضد المقاومة، ومطالبتها بوقف المطاردة للمقاومين والإفراج عن المعتقلين منهم، وإعادة السلاح الذي تمَّت مصادرته للمقاومين، ووقف الخطوات الميدانية لجمع السلاح في الضفة الغربية.

- العمل بكل الجهود لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، والاتفاق على إستراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الاحتلال ومخططات الحكومة اليمينة المتطرفة. وفي حال استمرت السلطة وقيادتها في سياستها الحالية، يجب الذهاب نحو تشكيل جسم وطني جديد في حال فشل كل جهود إصلاح منظمة التحرير.

- الاستعداد لمعارك كبيرة وشاملة مع الاحتلال تتشارك فيها مختلف الجبهات الفلسطينية في الداخل والخارج، لتكون حرباً متعددة الجبهات.