تعتبر الانتخابات هي بوابة أساسية في عالم الديموقراطية التي يجب أن تسود في الدولة، فهي من تحدد المجلس التشريعي ورئيس الدولة والمجلس الوطني لفلسطين بواسطة الشعب حيث تتم عملية الانتخاب حسبما يرى الشعب من يصلُح لإدارة بلاده.

ستدخل فلسطين في 22 مايو المقبل في هذا الاختبار الديموقراطي الذي سيحدد السلطة التشريعية ورئيس الدولة ثم المجلس الوطني، علما بأن تلك الانتخابات الفلسطينية ستُجرى بعد مرور ما يزيد عن 10 أعوام بعد اعلان الرئيس الفلسطيني مرسوم رئاسي يُقر ذلك.

كان المرسوم الرئاسي بمثابة مفاجأة فجرها الرئيس عباس بإعلانه الانتخابات، حيث دولتنا الفلسطينية كانت قد خضعت للانتخابات مرتين طيلة حياتها السياسية، هذه سوف تعتبر الثالثة "إن نجحت".

من المعروف أن الصراعات تحدث كثيرا على السلطة، والأطماع تزيد بها، والطامعين والمتسلقين يرغبون في الاستمرار في الحكم، حيث تخضع الضفة الغربية تحت ادارة السلطة الفلسطينية بينما قطاع غزة تحكمه حركة "حماس" بعدما سيطرت على غزة بعد أحداث عام 2006 والخلافات التي سبّبت بانقسام فلسطيني الأطول على مرة التاريخ، والذي تجرع مرارته الشعب الفلسطيني.

السلطة الفلسطينية أقدمت على اقرار اجراء الانتخابات قبل انهاء ملف الانقسام بين حركتي فتح وحماس، حيث بدأوا بالشروع بترتيبات الانتخابات وهناك الكثير من الملفات عالقة، نتساءل هل هناك اتفاق داخلي بين الحركتين ونتيجة الاتفاق قُررت الانتخابات؟

من الصعب للغاية أن تتخلى إحدى الحكومتين عن الحكم في المناطق التي تسيطر عليها حالياً، ومن الصعب أن تجد الحكومتين يدخلان الانتخابات في قائمة واحدة مشتركة حيث رؤى كل تنظيم يختلف عن الآخر إلى إذا حدثت التنازلات الكثيرة من الحركتين بأشياء قد تكون خفيّة على الشعب.

يجب أن نعلم أن الانتخاب مهمة جدا لنا كفلسطينيين في الوقت الحالي بالذات، حيث عانينا الكثير خلال فترة الانقسام وحدثت الكوارث في أبناء شعبنا، بدلاً من أن نكون يداً واحد تصفع الاحتلال وتدحره عن أرطنا، كان الاحتلال المستفيد الأول من حالة الشرخ الوطني والانقسام الفلسطيني.

سيُرشّح "أبو مازن" نفسه في قائمة فتح للدخول للانتخابات الرئاسة، وعلى إثر ذلك أعلن أمس عن إجراءات جديدة تخدم قطاع غزة وحل الأزمات العالقة منذ سنوات معتبراً غزة هي حاضنة للسلطة وداعمة لحركة "فتح"، كل ذلك من أجل الانتخابات.

ورغم وجود نسبة قليلة بالمئة من نجاح الانتخابات حسب توقعي، إلا أن هناك ثمّة تساؤلات تحوم في خاطري حال نجحت الانتخابات! هل يستطيع الحزب الخاسر في الانتخابات تسليم الحكم للحزب المُنتخب من الشعب؟ وهل ستعترف الأحزاب والائتلافات المشاركة بأصوات الأغلبية من الشعب؟ أم ستضرب بكل النتائج عرض الحائط ونعود مرة أخرى لفصلٍ جديد من فصول الصراعات الحزبية والخلافات التي تودي بنا إلى الهاوية.

أتمنى أن تحدث الانتخابات الفلسطينية وان يعبر الناس عن حريتهم وان يمارسوا حقهم في الانتخاب واختيار الحكومة التي يرغبون بها، وأن ترجع الحياة حياة بعدما طمس الخلاف شبابنا وأنهكت البطالة أعمارنا، صارت أيامنا عبارة عن أرقام لا فائدة منها.

أتمنى أن يعيش الشعب الفلسطيني عرساً ديموقراطياً جديداً يفتح لنا آمالاً جديدة وأفق واضحة ونتّحد معاً من أجل مجابهة الاحتلال الإسرائيلي ودحره من أرضنا ونحقق سيادتنا المستقلة بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف.