تسعى جمهورية مصر العربية من خلال الانفتاح الجزئي على مكونات مختلفة من المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة للإمساك بالورقة الفلسطينية والتأثير المباشر على خارطة المنطقة، وفق ما يرى محللون.

ويؤكد المحللون في أحاديث منفصل مع الوطنية أن الحراك المصري الجديد تجاه قطاع غزة يحكمه المصلحة السياسية، وربما الوضع الاقتصادي هو الدافع الأساسي لإعادة العلاقة مع غزة.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف:  "إن غزة تشكل بيئة اقتصادية كبيرة، حيث قدر الخبراء أن حجم التجارة مع القطاع يشكل قرابة 5 مليار دولار في حال فتحت المعابر وتم إقامة العلاقة التجارية مع مصر".

وأشار إلى أن هذا هو المنطلق الأول لديها لتغيير صورة التعامل مع غزة بعد فشل الاعلام المصري في حملاته باتهام غزة بالإرهاب.

وأكد الصواف أن الرؤية الجديدة تأتي من منطلق سياسي أيضًا، حيث تريد مصر العودة لقيادة المنطقة الإقليمية، لحاجتها لورقة قوية من أجل ذلك، معتبرًا القضية الفلسطينية هي الأهم، من خلال الدفع بالقيادي المفصول عن حركة فتح محمد دحلان ليكون على رأس السلطة المقبلة بعد رحيل الرئيس محمود عباس.

وشدد على أن مؤتمري العين السخنة الأول والثاني لم يتمخض عنها شيء على الأرض حتى الآن والمعبر فتح فقط لإدخال الوفود وليس لخدمة الشعب الفلسطيني إنما لخدمة رؤية مصرية ومصالح فقط.

وأشار إلى أن المنطقة سريعة التغير والدليل ذلك أنه بالأمس كانت مصر قريبة من السعودية والأمارات والأردن واليوم أصبح التقارب مع إيران وروسيا وسوريا، فكان هذا التناغم ومحاولة إظهار رؤية مصرية جديدة تجاه غزة لكنها لا تزال على الورق.

وبدأ الحرك المصري الجديد تجاه غزة بعد انعقاد المؤتمر الأول في العين السخنة الذي ضم عددًا من المفكرين وأعضاء المجلس التشريعي وقيادات الفصائل، حيث تكللت بفتح معبر رفح لأسبوع لأول مرة منذ سنوات مما ساهم بكسر الجمود بين مصر وغزة بعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي عام 2013.

ويقول رئيس مركز الدراسات المصري أحمد الشربيني إن مؤتمر عين السخنة ناقش مدى إمكانية توظيف التفاعلات الإيجابية التاريخية بين المجتمعين المصري والفلسطيني، في طرح رؤى وحلول إنسانية واقتصادية مشتركة لتخفيف معاناة المواطن الفلسطيني، عبر تعزيز العلاقات التجارية، وتفعيل التعاون المشترك بين رجال الأعمال في البلدين.

فيما قال القيادي في حركة حماس خليل الحية للوكالة الوطنية إنه ليس لديهم معلومات مباشرة من مصر حول فتح المعبر للتبادل التجاري والأفراد، وأن كل ما يتم تداوله تقارير صحفية وإعلامية فقط، ولا يوجد أي تواصل من أجل عقد لقاءات جديدة مع مصر حتى اللحظة.

تغيير خارطة المنطقة

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب: "هناك سياسة مصرية جديدة تجاه غزة للامساك بالورقة الفلسطينية  من خلال الرباعية العربية كي تأثر بشكل مباشر على خارطة المنطقة".

وأضاف حبيب " ومن هنا لجئت مصر  لتشكيل الرباعية العربية والاتصال بالقيادة الفلسطينية لعقد مصالح داخلية لحركة فتح بالإضافة لمصالحة بين حماس وفتح  لكنه استضم  بمعارضة الرئيس محمود عباس، مما دفع  مصر إلى الفئات الشعبية في غزة والتي تمخضت عن عقد المؤتمر الأول بالعين السخنة وتبعها المؤتمر الاقتصادي الثاني".

وأكد حبيب أن التسهيلات ستكون مباشرة مع الفئات الشعبية التي تم مقابلاتها في العين السخنة، ولكن فتح المعبر بشكل نهائي سيتم مع الشرعية الفلسطينية متمثلة بالرئيس محمود عباس، موضحاً أن  الدبلوماسية الشعبية هي عمل موازي وليس بديلا عن الشرعية الفلسطينية.

ويتطلع السكان الغزيون إلى بصيص أمل يكسر الإغلاق المحكم عليهم ويوفر متنفس لهم من أجل العيش بكرامة كباقي شعوب العالم بعد حصار مستمر منذ أكثر من عشر سنوات أدى لانهيار كافة القطاعات "الاقتصادية، والصناعية، والصحية، والاجتماعية والسياسية".

المصدر : الوطنية_ بلال عاشور