ينشغل الاعلام العربي والإسرائيلي منذ أشهر في محاولة معرفة وتحديد معالم خليفة الرئيس محمود عباس، وهل سيأتي بإجماع دولي وإقليمي، أو بتوافق فلسطيني للمرة الأولى منذ حدوث حالة الإنقسام الداخلي.

ويقول محللون إن الفلسطينيين أكثر خسارة في ظل عدم وجود البديل الشرعي حال رحيل الرئيس عباس المفاجئ، مما سيزيد الوضع تعقيداً ويدفع حركة فتح إلى المزيد من التمزق.

وكانت تقارير إسرائيلية تحدثت عن وجود إجماع مصري أردني خليجي على قيادي في حركة فتح لخلافة الرئيس محمود عباس، حيث نشرت صحيفة "هآرتس" تقريراً يتحدث عن استعداد طاقم من جيش الاحتلال منذ أشهر لنهاية ولاية عباس في السلطة.

ويرى المحللون في أحاديث منفصله مع الوطنية أن الوضع الفلسطيني الداخلي ليس بحاجة إلى خليفة للرئيس عباس فقط، بل يحتاج إلى فريق إنقاذ، لأن وضع النظام السياسي الفلسطيني سيئ جداً، وبحاجة إلى إعادة بناء وإصلاح شاملة.

الخاسر الأكبر

ويقول الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب : " بغياب الرئيس عباس سيصبح الوضع الفلسطيني عامةً أكثر تمزقاً، وأكثر انشقاقاً في حركة فتح، وبالتالي الجانب الفلسطيني أكثر خسارة في ظل عدم وجود البديل الشرعي حال رحيله المفاجئ، والفلسطينيون سيخسرون شكلاً من أشكال الاستقرار في ظل أوضاع بالغة التعقيد".

وأضاف حبيب " في حال الغياب المفاجئ للرئيس عباس لن يكون هنالك انتخابات، وبالتالي عملية تعيين رئيس بديل سيكون مؤقت لحين حدوث الانتخابات، وأي رئيس دون ذلك سيكون غير شرعي بنظر الفلسطينيين".

وتابع "إسرائيل اذا لم تكن قد هيأت وساهمت في البديل ستكون خاسرة أيضاً، لأن الرئيس عباس أكثر صراحة في تبنية للعملية السياسية، واعتقد أن كافة الأطراف تحاول التعامل معه إلى حين الاتفاق على بديل له".

وتعقيباً على لقاء عباس وهنية ومشعل في الدوحة، قال حبيب :" إن اللقاء جاء نتيجة حالة التمزق في الساحة الفلسطينية وخصوصاً في حركة فتح، وهو عملية رد فعل على مؤتمر العين السخنة أكثر من أن يكون لوضع خطة وتوجه حقيقي لأنهاء الانقسام".

وأضاف "لا يختلف اللقاء عن الاجتماعات السابقة مع نفس الوجوه دون أي نتيجة، وستحال إلى الأرشيف كما حدث سابقاً، ونتمنى أن تنجح لوضع حد للانقسام الفلسطيني".

وكان الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح قد دعا الرئيس عباس ضمن مبادرة أعلن عنها، بأن يقوم بفعل شيء قبل مغادرته الرئاسة بهدف إنقاذ المشروع الوطني والقضية من الضياع، فيما رحبت فصائل فلسطينية بمبادرة شلح، كونها جامعة وشاملة ووطنية ستحرك المياه الراكدة.

فريق انقاذ وطني

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري أن الحديث في الاعلام عن خليفة الرئيس عباس بمثابة تضخيم للأمور ونوع من الضغط على الرئيس لتطبيق ما تم في الخطة التصالحية التي وضعتها الرباعية العربية لعودة وحدة حركة فتح وتهيئة الأجواء ليكون دحلان خليفة للرئيس عباس.

 وقال المصري " نرفض أن يفرض علينا خليفة للرئيس من الخارج، بل يكون الخليفة من خلال انتخاب الفلسطينيين له، وأن يكون قادراً على خدمة الاحتياجات الفلسطينية، وهذا يتطلب برنامج وطني فلسطيني يستخلص الدروس والعبر من التجارب السابقة التي لم تؤدي إلى تحقيق أهدافنا".

وشدد على أننا لسنا بحاجة فقط إلى خليفة للرئيس، بل بحاجة إلى فريق كامل للإنقاذ، لان وضع النظام السياسي الفلسطيني سيئ جداً، وبحاجة إلى إعادة بناء واصلاح شامله.

وأشار إلى الوضع الفلسطيني الدولي حال غياب الرئيس، قائلاً :" سيؤدي إلى فوضى واقتتال داخلي  وتدخلات خارجية من الدول العربية وإسرائيل، لذلك مطلوب من الرئيس توضيح كيفية انتقال السلطة في حالة غيابة لأي سبب كون أن المجلس التشريعي غير فعال، بالإضافة لوجود الانقسام، مما يستعدي معالجة الأمر سريعاً، وعدم ترك الفلسطينيين في غموض سياسي".

بورصة أسماء

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب إن القضية الأكثر تشويقا والمتداولة في وسائل الاعلام هي بورصة الأسماء سواء عن حسن نية لتسليط الأضواء عليها لمعرفة مزايا وعيوب كل منها، أو بناء على معلومات وتقديرات لأوزان الاشخاص المتداولة أو مكانهم في النظام السياسي الحالي، ومدى القرب أو البعد من الرئيس عباس، وفرص نجاحها وفشلها في الخلافة.

وشدد حرب على أن الوضع الحالي يبدو الأكثر تعقيدا في مسألة الانتقال مما كانت عليه الحالة الفلسطينية عام 2004، بعد رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات،  " فلم يكن هناك انقساما سياسيا بين الضفة وغزة، أو منافسا سياسيا حقيقيا لحركة فتح متمثلا بحركة حماس، أو خلافا على شرعية رئيس المجلس التشريعي الذي من المفترض أن يتولى الرئاسة المؤقتة لمدة ستين يوما".

وتابع" الامر  يحتاج الى مفاوضة  لتحقيق مكاسب سياسية أو مصلحية بين الاطراف الفلسطينية المختلفة من جهة، وتحليلا لقدرات الاطراف الفلسطينية المختلفة في التأثير  على تحديد الخليفة في ظل تعقيدات الاتفاقيات الموقعة من جهة ثانية وهذا الأمر ينطبق فقط على رئاسة السلطة الفلسطينية".

وأكد حرب أن الفلسطينيين لن يقبلوا برئيس من الرباعية العربية تحت أي ظرف من الظروف، والرباعية تدرك ذلك وربما يعود شخص مثل دحلان إلى حركة فتح ولكن ليس بأن يكون زعيم للشعب الفلسطيني.

وقال حرب "من مصلحة حركتي فتح وحماس الذهاب لجلسة للمجلس التشريعي لتحديد رئيس مؤقت، وممكن أن تتنازل حركة حماس لفتح بالمنصب لأنه صعب على حماس أن تتعامل مع إسرائيل والعالم الخارجي، ولو أرادات المنصب سيحدث حصار على الضفة واشتداد الحصار على غزة".

وأوضح حرب أن البند الثاني من المادة 13 في النظام الاساسي لمنظمة التحرير يحدد آلية اختيار رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بشكل واضح؛ حيث ينص على انه "يتم انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية من قبل اللجنة والتي هي تنتخب فقط من قبل المجلس الوطني الفلسطيني وفقا لنص المادة نفسها".  

وأضاف " وبهذه الحالة يتم حصر البحث عن خليفة الرئيس محمود عباس لشغل هذا المنصب من بين أعضاء اللجنة التنفيذية من حركة فتح سواء كانوا تحت بند ممثلي الحركة أو مستقلين وهم صائب عريقات، فاروق القدومي، أحمد قريع، زكريا الأغا".

المصدر : الوطنية_ بلال عاشور