لم يألف المارة بين أزقة مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين الاستماع لـ "حوارٍ وطني" من نوع آخر يتفقون عليه بإيماءات الرضا وابتسامة القبول.

ومع احتدام حوار "موطني ونسم علينا الهوى" بين كمنجة ريتا أبو رحمة، وعود عبدالعزيز أبو شرخ، اجتمع وجلس أطفال المخيم بهدوء وإنصات، كأنهم يحاولون رؤية المفاتيح الموسيقية المنبعثة من أوتار آلات صنع الموسيقى التي ربما يشاهدونها لأول مرة عن قرب.

وتجولت كاميرا الوطنيـة برفقة ريتا وعبدالعزيز موثقة مشاهد قلّ نظيرها في مدينة عُرفت بالبؤس واشتهرت بالدم، عارضة نموذجًا لجانب إبداعي يحتاج للاهتمام والدعم بمختلف أوجهه.

رؤية ومنظور ريتا هي أن كل شخص يمتلك موهبة يجب أن يطورها ويهتم بها، إلا أن هذا يتعذر على الكثير منهم بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، وبسبب الحصار والاحتلال الإسرائيلي.

وتقول عازفة الكمنجة ريتا أبو رحمة لـ الوطنيـة، إنه ليس هناك اهتمام بالمواهب بشكل عام، وذلك بسبب توجه غالب الاهتمام لتطوير الجوانب المتردية في فلسطين، موضحة أن انعدام دعم المواهب سيؤدي لاندثارها.

وتضيف أنها تبادلت السرور والفرحة مع أطفال المخيم من خلال الموسيقى، مؤكدة أنها تجربة فردية تأمل من خلالها دفع الأطفال لتنمية مواهبهم وتطوريها.

ويقع مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة على شاطئ البحر، معظم سكانه من قرى الجورة، وبرير، وحمامة، وهربيا، والسوافير، والفالوجة، بالإضافة إلى مدن المجدل ويافا الذين هجروا منها عام 1948 ويصل عدد سكانه إلى أكثر من 100 ألف نسمة.

وشهد المخيم العديد من مجازر الاحتلال خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث تم استهداف أرجوحة للأطفال خلال صيف 2014، راح ضحيتها عشرة أطفال وذلك بأول أيام عيد الفطر.

رسالة للعالم

أما عازف العود عبدالعزيز أبو شرخ فيقول إنه اختار مخيم الشاطئ للاجئين لتنفيذ جولة العزف حتى يعرّف الأطفال بالمواهب التي يمتلكونها.

ويأمل أبو شرخ من موهبته كعازف رفع اسم فلسطين عاليًا، وايصال رسالة لكل العالم أن أطفال غزة يحبون السلام ولديهم مواهب قيمة تؤكد مدى وعيهم، رغم السمعة الدولية أنها مكان للعنف، وأن أطفالها لا يعرفون سوى أصوات القذائف والقصف والحرب.

ويعاني الفنانون في قطاع غزة من نقص الخبرة والتجارب والتبادل الفني بسبب الحصار وتعذر التواصل مع معاهد فنية دولية، حيث يقتصر التعلم وممارسة الموسيقى على المجهود الفردي وعلى معاهد محلية متواضعة.

كما يعاني الأطفال الفلسطينيون من العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية والاقتصادية، بسبب ظروف مدينة غزة التي أكدت منظمات دولية أنها ستصبح غير صالحة للسكن خلال السنوات الخمس المقبلة.

المصدر : خاص الوطنية