لم تتوقع ماجدة مراد " أم محمد " أن تجد فرصة عمل بعد أن فقدت قدميها جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2008، إلا أن مشروع إرادة  الممول من الحكومة التركية وفر لها هذه فرصة لتعيل أسرتها. وكانت مراد تعيش حياتها بشكل طبيعي برفقة أولادها وزوجها قبل أن تفقد قدميها في حادثين منفصلين أجبراها على ترك مهنة التدريس. وتروي مراد تفاصيل الحكاية لـ الوطنيـة , فتقول " خلال ذلك العام المذكور سابقا وقعته على ركبتي الاثنتين خلال تدريبي لحفل للأطفال وبنفس العام وقعتً أيضا خلال محاولتي لإنقاذ أبناء أخي من القصف خلال حرب 2009 " . مراد التي تبلغ من العمر (47) عاما هي أم لأطفال ومربية لأجيال حيث كانت تعمل معلمة  لخمسة عشر عاما , لكن حلمها تغير بسبب إعاقتها مما جعلها تسلك طريقا مغايرا لمهنة التدريس . وتبدع مراد بتنجيد الأثاث والكنب وتعلمت فنون قص الخشب وتجميعه وموديلات وألوان الأقمشة المستعملة للكنب , فداخل المعمل هي القائد والأقدم بين زملائها وبذات الوقت تستعمل طرقها المهنية بالتدريس لهم . وتضيف ماجدة " بدايتي بهذه المهنة كانت صعبة لوضعي الذي تغيرا جذريا وكيفية التأقلم , وبنفس الوقت كان تحديدا لإثبات نفسي أنني أستطيع أن أتعلمها وعدم اليأس , فنجحت والحمد الله " . ومشروع إرادة الذي تحتضنه الجامعة الإسلامية ممول من الحكومة التركية ويختص في إعادة التأهيل المهني للأشخاص ذوي الإعاقات، ويعتمد على إعداد مختلف برامج التأهيل المهني، وتنفيذ ذلك من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المحلية المتاحة. ويعيدُ المشروع الحياة مجدداً للنساء ذواتِ الاحتياجات الخاصة لتبدع أناملهن الناعمة بتخصصاتٍ مختلفة ويصبحن أصحاب مهنة احترافية .

سلاح مهني

ولم يتوقف الحلم الذي يحققه " إرادة  " لماجدة  مراد فقط بل يمتد عطاؤه لكافة النساء اللواتي يقف عاجزات أمام اعاقاتهن مما يتيح لهن فرصة عمل وسلاحا مهني للمستقبل . وبجوار الغرفة الملاصقة لمراد تميزت قرينتها الشابة خلود شمالي التي تبلغ من العمر (24) عاما بالقص والحفر على الخشب برسوماتٍ جميلة و صناعة علب الحلوى والبراويز والساعات والمجسمات الخشبية، إضافة للمساتها المبدعة التي تضعها عند تصنيع المشغولات المطرزة بألوانها الزاهدة . ورغم إعاقتها الحركية الجزئية بقدمها اليمني لم تتوقف من استكمال مشوار حياتها ,  فبكثير من الإرادة والعزيمة والإصرار تقف شمالي لساعات أمام ماكينة الحفر والقص تنتظر إبداعاتها من التجهيز لتبدأ بعدها بتشكيلها وتركيبها حسب رؤيتها . وتقول شمالي للوطنية إنها تشعر بسعادة كبيرة لانضمامها بمشروع إرادة, حيث بدأت بالبداية كمتدربة تم أتيحت لها الفرصة لأن تصبح عاملة داخله لفترة مؤقتة . ويوافق اليوم الثامن من أذار اليوم العالمي للمرأة اليوم، وفيه يحتفل بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء.

أمنيات وطموحات

وتطمح شمالي بعد الانتهاء من الفترة التي حصلت عليها داخل إرادة من فتح باب رزق لها يعيلها كشابة ترغب التخفيف عن أسرتها وبذات الوقت تواصل المهنة التي أبدعت وتميزت بها . وأضافت شمالي أنها لا تقف عاجزة أمام إعاقتها، مؤكدة على أن المشروع حفزها لاستكمال الحياة , حيث حصلت سماح على شهادة البكالوريوس بالخدمة الاجتماعية  لكنها لم تحظى بسوق العمل لتخصصها . وتؤكد ماجدة بهمة عالية أنهم ليسوا مجرد معاقين بل أنهم أصحاب إرادة وعزيمة قوية لكنهم يحتاجون من يشد على أياديهم ويقدم المساعدة لتوظيف مهاراتهم  ويهيئ سبل الراحة لاحتياجاتهن . وأما زميلتهم الثالثة أمنة فياض التي تميزت بتنجيد الخشب, حيث  تتمني أن يكون هناك مشاريع قادمة  في المستقبل توفر لهم احتياجاتهم وتحقق طموحاتهم . وتضيف فياض لـ الوطنية "  رغم الصعوبات التي نواجهها أثناء العمل كاستعمال الخشب ببداياتنا و المعيقات التي كانت ستقف عائق أمامنا , استطعنا أن نتغلب عليها بقوة ايماننا بأننا نستحق الأفضل والتفوق" .

مشروع إرادة

بدورها، تؤكد نائب المدير للتمويل والعلاقات العامة داخل "إرادة " منال حسنة أنه يتم تدريب أكثر من 700 شخص من كلا الجنسين من ذوي الإعاقة في تخصصات أكاديمية وحرفية مختلفة , وتشغيل 400 شخص منهم وإضافة إلى دعم إنشاء 9 وورش حرفية . وتقول حسنة لـ الوطنية : " نهدف إلى تسهيل دمج الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم من الخروج من حالة الاعتمادية الاقتصادية القائمة على استقبال المساعدات ليصبحوا قادرين على توفير الدخل بشكل مستقل وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم ولأُسَرِهم " . ويضم مشروع إرادة منذ انطلاقته عام 2012 عدة تخصصات لتناسب اختلاف الإعاقات ودرجاتها , فمنها النجارة والدهان و تجنيد الأثاث و الكتب وإضافة لتجهيز الهدايا والرسم على الزجاج والحفر اليدوي وباستخدام الكمبيوتر وصناعة منتجات الألمنيوم والتطريز وصيانة الجوال .        

المصدر :