أكد القيادي في حركة حماس أحمد يوسف أن حركته لن تحصل على نسبة كبيرة تمكنها من التفرُّد بتشكيل حكومة لكى تدير الحكم وحدها لو أجريت الانتخابات الفلسطينية. وقال يوسف خلال لقاء مطول أجرته مه صحيفة "المصري اليوم" ونشر الأربعاء :" لا يمكن لحماس أن تقود المشروع الوطني وحدها وعليها أن تتحالف مع حركة فتح أو فصائل أخرى، حتى وإن كانت تحظى بمكانة مميزة فى نظر الناس تجاه دعم المقاومة وإمكانية حماية المشروع الوطني". وأضاف" اليوم أعتقد أن حركتي فتح وحماس أصبحنا ندرك أنه دون العمل معاً لا يمكن أن تكون لدينا فرصة للانتصار على الاحتلال، أو حتى كسب الشرعية داخل الساحة الفلسطينية، فالناس اليوم وفقاً لاستطلاعات الرأى غير راضين عن الحركتين". وتابع "هناك أغلبية لا تقدم رأياً، هى الأغلبية الصامتة غير القادرة على تحديد مسارات الرؤية السياسية لشعبنا، وتنتظر الانتخابات، وما يمكن أن تقدمه الفصائل من برامج، لذلك باتت الأوضاع اليوم محزنة والمخاوف كثيرة، فليس أمامنا إلا أن نعمل وفق عقلية الشراكة السياسية، على أسس التوافق الوطنى والتفاهمات بالعمل فى مساحة المشترك". وأكد يوسف أن رؤيتة الخاصة كمتابع للمشهد السياسى والمجتمعى الداخلى أننا جميعاً خسرنا، فلم تعد حركة فتح هى أم الجماهير، ولم تعد حركة حماس هى الحركة التى يثق فيها المواطن كل الوثوق بأنها خيار الخلاص، كلنا اليوم مجروحون فى الساحة الفلسطينية. وأوضح يوسف أن حماس عند انطلاقتها لم تكن لها اهتمامات بالموضوع السياسى، لكنها كسبت الرأى العام من خلال العمل الدعوى والفعل المقاوم، وبجهودها الإغاثية الواسعة. وقال :"اليوم، حركة حماس بحاجة لإجراء مراجعات حتى تعيد تموقعها بين الناس، وسنبقى موجودين فى المشهد السياسى والبرلمانى، وحماس ربما تضعف بسبب الحصار والضغوطات التى تلاحقها من كل جانب، لكنها بالتأكيد لن تغيب أو تتلاشى". وأضاف " الناس اليوم لديهم تحفظ تجاه الحركة بشكل عام فى قطاع غزة، والانتخابات التشريعية والرئاسية هى التى ستجدد شرعيات الجميع، ومن حق شعبنا أن نعطيه الفرصة، وهذا حق له فلسنا قَدَر الناس ومصيره".

تجربة حكم حماس لغزة

وقال يوسف :" الوضع كارثى، لكن هل يعنى ذلك أن تترك حماس غزة لإسرائيل لتصول وتجول فيها كما الضفة، ليس أمامنا إلا أن نتحمل المعاناة على هذه البقعة من الأرض التى تحررت، ولن ندعو لأن تترك حماس الحكم وتسلمها قَدَرنا أن حماس اليوم فى رأس السلطة، وعلينا أن نعيش هذه المكابدة وأن نتحمل المعاناة كجزء من حماية هذه الأرض". وأضاف "فى المحصلة الوضع صعب جداً ولا شكَّ أن الحصار الإسرائيلى جزء من مؤامرة إفشال حماس، والوضع الإقليمى أيضاً غير مرتاح لوجود إسلاميين فى الحكم وتمكين حركة حماس من تقديم نموذج ناجح فى مشهد الحكم والسياسة، خشية محاولة محاكاة التجربة". وتابع الحالة السياسية الفلسطينية مازالت للأسف تعانى من غياب الرجل الرشيد، فالكل يعمل وفق حسابات مصلحية، وقياداتنا السياسية بشكل عام هرمت، والكثير منها بحاجة للتقاعد أو التغيير، فضلاً عن تحفظ المجتمع الدولى تجاه خطابنا السياسى واتخاذه سياسات معادية، بدعوى رفضنا حل الدولتين.

الدور المصري

وأكد يوسف أن لا مصلحة لنا فى تغييب مصر أو توتير العلاقة معها ، وهناك تقدير موقف خاطئ يتحمَّل مسؤوليته حماس وفتح، ونحن معنيون بأن تبقى خيوط التواصل عامرة بيننا وبين مصر. وقال:" ما يربطنا بالإخوان هو شىء تاريخى وعاطفى، وهى صفحات من النضال نعتز بها، وهى فخر وسجلات مجد لمصر الغالية، مصر اليوم لديها خلاف مع الإخوان، ونحن لسنا طرفاً فيه". وأضاف" ونحن مع استقرار مصر، وسنكون مع أى جهد يحقق ذلك، ولا نتمنى أن يحدث فى مصر ما حدث فى دول أخرى بالمنطقة من دمار واستباحة للدماء". ودعا إلى العمل لسد باب الذرائع بأن حماس تشكل خطراً على مصر، فنحن ندين لمصر بفضيلتين؛ مصر عبدالناصر التى عززت الدور العربى لاحتضان قضية فلسطين، ومصر الإسلامية مع مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، موضحاً أن مصر هى من أعطت القضية الفلسطينية الثقل والقوة، وجعلت منها القضية المركزية للأمة. وأكد يوسف أن دون مصر لن تتحقق المصالحة بالشكل الذى ينهى كل الخلافات، فهى فى النهاية المحطة الأهم لضمان أى مصالحة أو اتفاق، فهى التى رعت كافة الاتفاقات السابقة، مصر صاحبة الحضور الدائم لاستقرار الحالة الفلسطينية. وقال :" لا أعتقد أن قطر أو السعودية أو تركيا يمكن أن تعارض أن تجري مباركتة وتوقيع ما ينتج عنه في الدوحة بالقاهرة، لان مصر هى أول من سيدعم هذه الخطوة، وسنكون من أسعد الناس إذا ما تم هذا الاتفاق وبهذا التوافق، وأن تكون مصر هى المكان الذى يقام فيه عرس المصالحة الوطنية.

العلاقة مع إيران والسعودية

وأكد يوسف أن حماس لا تريد أن تخسر إيران لكسب السعودية، أو السعودية لكسب إيران. وقال:" نريد أن يبقى عمقنا العربى والإسلامى على نفس المستوى من الود والتواصل، فإيران وقفت معنا كثيراً كحركة، وقدمت الكثير لنصرتنا على مستوى المال والسلاح والتدريب، ولكن بسبب الموقف تجاه سوريا تغيَّرت المواقف والسياسات، ولا نريد أن نقطع خيط العلاقة مع إيران لأجل العلاقة مع السعودية والعكس صحيح". ووصف يوسف على ما تحدث به موسى أبومرزوق عن عدم دعم إيران لحماس" زلة لسان غير موفقة، جاءت فى سياق العتب والشعور بالظلم الذى تتعرض له الحركة من كل ذوى القربى، لكن الحديث لم يكن من باب الغزل بالسعودية".  

المصدر :