اختفى صوت المسعف جابر درابيه بين مزيج أصوات الانفجارت و"سرينة" سيارة الإسعاف بأضوائها المختلطة بالظلام، بعد أن أجاب على اتصال من أحد المواطنين بأنه يقترب من المكان الذي قصفته طائرات الاحتلال الإسرائيلي في أحد الأحياء الشرقية لمدينة غزة. كان هذا مشهداً صغيراً من الفيلم التسجيلي الوثائقي "الإسعاف" الذي صُوّر خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزّة في تموز (يوليو) 2014، بعدسةٍ رافقت طاقم وحدة إسعاف ميدانية أثناء عملها في أزقة وشوارع وأحياء القطاع خلال أيام العدوان الـ51، بهدف توثيق انتهاكات الاحتلال. وقال مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، عصام يونس لـ الوطنيـة بعد الانتهاء من عرض الفيلم الاثنين، في قاعة فندق الروتس غرب مدينة غزة: " هذا الفيلم يأتي ليؤكد على ما تعرضت له الطواقم الطبية والمرافق الصحية على طول القطاع في العدوان الأخير، فلم يكن هناك شيء آمن أو محصّن من الاستهداف". وأضاف يونس أن هدف عرض الفيلم ليس تقديم المعلومات وإظهار جرائم الاحتلال بحق المسعفين والمواطنين فقط، وإنما الدعوة لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي، ومساءلته وفق قواعد القانون الدولي. وجاء «الإسعاف» في 23 دقيقة للمخرج الفلسطيني خليل المزين. وعن المخاطر التي تواجه المسعف الفلسطيني خلال الحروب، قال ضابط إسعاف في الهلال الأحمر الفلسطيني، كايد عوكل، لـ الوطنيـة إن تعاملنا المباشر مع الاحتلال الإسرائيلي يشكل خطراً كبيراً ومهمة صعبةً تواجهنا دائماً، فهو " لا يرحم أحد، ولا يستثني سيارات الإسعاف من القصف والاستهداف". وأضاف " أحياناً لا نستطيع الدخول إلى أماكن تم قصفها، فنضطر إلى التنسيق مع الاحتلال الذي يؤخرنا من الحصول عليه حتى يتأكد من استشهاد المواطنين الذي استهدفهم في المكان". وينتهي المشهد بصوت أحد المواطنين صارخاً: “في الدار هادي في إصابات”، بعد أن يوقف درابيه سيارة الإسعاف فجأة في مكان الاستهداف، ويهرع المسعفون لانتشال الجرحى والشهداء؛ كأن المزين أراد أن يقول من خلال فيلمه، إن الحياة في قطاع غزة أشبه بحياة سيارة «الإسعاف».

المصدر :