قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، إن أي اتفاق تهدئة يتم إبرامه مع الاحتلال الإسرائيلي، يجب أن يضمن حل خمس مشكلات يعاني منها قطاع غزة، مؤكدا أن الاتصالات حتى الآن تبدو إيجابية، لكن "لم نصل إلى اتفاق". وأضاف مشعل في حوار مطول أجرته معه صحيفة "العربي الجديد" نشرته اليوم، أن المشكلات الخمس هي مشكلة إعادة الإعمار، ورفع الحصار وفتح المعابر، والموظفين، وميناء ومطار غزة، بالإضافة إلى مشاكل البنية التحتية من مياه وكهرباء وطرق ومجاري وغيرها. وقال إن أطرافا دولية لا تريد أن تنفجر غزة من جديد بادرت وتواصلت مع قيادة "حماس"، بعضهم زار قطاع غزة وبعضهم التقى بقيادات في الخارج، بهدف "كيفية حلّ مشاكل غزة وإن كان هناك من إمكانية للاطمئنان على وجود هدوء أمني في القطاع". وأضاف مشعل أن "بعض الأطراف تحدثت عن هدنة، وبعضهم تحدث عن تهدئة، وبعضهم تكلّم عن بعض الإعمار أو بعض المدد الزمنية وأتى ردُّنا باختصار، وهذه هي حقيقة ما قلنا لهم: مشاكل غزة لا بدّ أن تحل". وتابع "قلنا لهم إذا حُلّت مشاكل غزة، تصبح هناك بيئة طبيعية لتثبيت وقف إطلاق النار الذي جرى في العام الماضي بعد الحرب الصهيونية على غزة، هذا هو موضوع التداول، ولا يوجد أي بُعد آخر. لا نزال نقول موقفنا ونستمع إلى ملاحظات الآخرين". وحول اتهامات بعض الفصائل بأنه حماس تريد أن تؤسس دولة في غزة من خلال إبرام هذه التهدئة وتعزلها عن الضفة، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إن "غزة والضفة وحدة موحّدة، وحماس جزء من هذا النظام السياسي الفلسطيني، و"نريد أن يكون هذا الحل في الإطار الوطني الفلسطيني ومشاركة جميع القوى". وقال مشعل إن حركته منفتحة على كل الجهود  الفلسطينية، والدولية لها، من الرئاسة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية، مضيفا أنها ستتفاعل وتتعامل إيجاباً مع من يعرض حل مشاكل غزة، طالما أنّ ذلك لن يتم على "حساب المصلحة الوطنية ولا على الثوابت الوطنية ولا حقوق شعبنا ولا على وحدة غزة والضفة كوحدة وطنية فلسطينية في إطار السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية". وأكد مشعل أن "الاتصالات حتى الآن تبدو إيجابية، لكن حتى الآن لم نصل إلى اتفاق. لم نصل إلى شيء نستطيع أن نقول من خلاله إننا أمسكنا بيدنا شيئاً محدّداً. لا يزال هناك حديث، ولذلك نحن نتعامل مع هذه الجهود مع من يتصل بنا ونعرض هذا على القوى الفلسطينية المختلفة". وأضاف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن حركته دعت الرئاسة الفلسطينية لمناقشة إعادة تشكيل حكومة رامي الحمد الله في إطار الفصائل الموقعة على اتفاقيات المصالحة وفي إطار منظمة التحرير  لكنهم "لم يستجيبوا"، وتججوا بالمكان. وأكد أن حماس اقترحت عقد اجتماع في القاهرة أو في مكان آخر، لكن مسؤولي السلطة اقترحوا أن يتم الاجتماع في رام الله، مضيفا، "عرضوا أن يكون هناك لقاء في رام الله، كيف نلتقي في رام الله وجزء من القيادات المهمة في الفصائل لا يستطيعون الذهاب إلى رام الله؟" وقال مشعل إنه زار تركيا قبل أيام والتقى الرئيس رجب طيب آردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، مؤكدا أن حماس على تواصل دائم مع أنقرة، فيما أعرب عن شكره لتركيا وقطر لأنهم حريصون على رفع الحصار عن غزة. وحول دور قطر في مفاوضات التهدئة، أكد مشعل أن القطريين ليس لهم دور فقط في مثل هذه التحركات الإقليمية والدولية، ولكن الدوحة هي من بادرت بخطوة عملية جريئة بإدخال مواد الإعمار إلى غزة والبدء بمشاريع الإعمار، و"لعلّ ذلك هو الذي أحرج الأطراف الدولية وأشعرهم بأن الانتظار لا يجدي، وهناك إمكانية لخطوات عملية" وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن مشروعهم الأساس سيبقى كما هو في إنهاء الاحتلال، لكن "علينا التركيز اليوم على حلّ مشكلة غزة، باعتبارها ملفاً عاجلاً لا يقبل الانتظار". وحول ما إذا سيكون للتهدئة تأثير على المقاومة في الضفة الغربية، قال مشعل إن "وقف إطلاق النار مرتبط بالمعركة والحرب التي جرت في غزة، فهذا مرتبط بجغرافية محددة. أما الضفة الغربية، فلم يحصل فيها أي اتفاق. الضفة الغربية تعيش احتلالاً واستيطاناً، وفيها عدوان، وهناك أسرى عظماء في السجون يعانون، وبعضهم مضرب عن الطعام ويكاد يموت. هناك تهويد وهناك مس بالمسجد الأقصى، كل مبرّرات المقاومة موجودة في الضفة الغربية طبعاً". وقال مشعل إن حركته ترفض الحديث عن ربط ملف التهدئة بملف الأسرى لدى حماس، مضيفا أن "حل مشاكل غزة مسار والتفاوض من أجل الإفراج عن أسرانا وأسيراتنا في سجون الاحتلال مقابل الجنود الأسرى عند "حماس"، عند المقاومة الفلسطينية في غزة، مسار آخر". وأكد أنه لا توجد أي قناة للحوار في ملف الأسرى، لكن هناك محاولات إسرائيلية، مضيفا "نحن لم نستقر بعد لا على قناة ولا على آلية محددة، لأننا لا نزال نصرّ على مطالبنا، وأهم هذه المطالب أن تفرج إسرائيل عن أكثر من خمسين أسيرا ممّن أعادت اعتقالهم من أسرى محرري صفقة شاليط. وقبل أن تفرج عنهم، لا حديث عن مفاوضات جديدة لتبادل الأسرى". وقال مشعل إنه ناقش مع المسؤولين السعوديين خلال زيارة الرياض قبل نحو شهر عدة قضايا، وتم الاتفاق على بداية استئناف صفحة جديدة تتضمن التفاهم والوضوح والشفافية، بما يخدم المصلحة الفلسطينية والمصلحة العربية والإسلامية. وبالنسبة لمصر أضاف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إنه في السنتين الأخيرتين، كانت هناك أجواء غير طبيعية، إذ "اتُّهمت حماس بمسائل غير صحيحة، بأنها تتدخل في الشأن المصري وثبت للجميع أن حماس لم تتدخل". وأضاف أن هناك "تحسّن في العلاقة، ونحن حريصون على العلاقة مع مصر باعتبارها الجار لفلسطين والشقيقة الكبرى وحريصون على أن تكون علاقتنا مع مصر ومع كل الدول العربية علاقات طبيعية وجيدة لمصلحة فلسطين ولمصلحة الأمن القومي العربي وللمصلحة العربية بشكل عام". من جهة أخرى قال مشعل إنه لن يتحدد بعد موعد الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها وفد من الحركة لروسيا، موضحا " بعد اللقاء مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في الدوحة، قدّم لنا دعوة كريمة لزيارة موسكو، استجبنا لها وننتظر ترتيب الموعد، إن شاء الله في أقرب فرصة". كما أقر مشعل بوجود خلاف مع إيران بفعل الأزمة السورية، مؤكدا أن حركته معنية بعلاقة جيدة مع جميع الدول العربية والإسلامية. وطالب الجميع  ألّا يديروا علاقاتهم على أساس هذا الصراع، وهو "صراع تضارب المصالح الممتزج بالأبعاد الطائفية والمذهبية. وهذا يتطلّب من عقلاء الأمة أن يعالجوا ذلك بروح رياضية تحقق مصلحة الجميع من دون أن يطغى أحدٌ على أحد".

المصدر :