نشرت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" الأربعاء تقريرًا عن سياسة قصف البيوت السكنية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، واصفة نتائج تطبيقها "بغير المتوقعة والفظيعة". وأفاد التقرير أن عمليات القصف قتلت عائلات فلسطينية ودمرت بيوتها وحياتها في ثانية واحدة. وأضاف "أن هذه الاعتداءات لم تكن مبادرة ذاتية من الجنود أو الطيارين أو القيادة الميدانية، بل هي انعكاس للسياسة التي وضعها المستوى السياسي العسكري الإسرائيلي". وأشارت إلى أن هذه السياسة حتى لو كانت سيؤدي إلى وقف إطلاق القذائف على البلدات الإسرائيلية، فإن تطبيقها يظل محظورا بسبب نتائجها المتوقعة والفظيعة.

القتل بدعم حكومي

وأوضحت أنها أرسلت التقرير قبل نحو أسبوع إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للحصول على رده، حيث كتب مدير عام المنظمة "حجاي إلعاد": "لقد دعمت المستويات الرفيعة بقيادتك الاعتداءات على البيوت". وأضاف إلعاد لنتنياهو "وكررت مرة بعد أخرى الادعاء القائل بأن هذه الاعتداءات تستوي مع أحكام القانون الإنساني الدولي، وتنصلت من أي مسؤولية عن المس بالمدنيين، وألقت بكامل المسؤولية على كاهل حركة حماس". وأكد التقرير على أن هذا التفسير يهدف لصد أي ادعاء ضد إسرائيل مقدمًا، وأن أي رد من طرفها على أفعال حماس، مهما كانت نتائجه فظيعة، هو رد شرعي، مشددًا أنه غير معقول وغير قانوني، وهو يفرغ من مضمونها القاعدة التي تنص على: عدم انعتاق الطرف الثاني من واجبه تجاه السكان المدنيين والمواقع المدنية. وقال إن "حماس انتهكت أحكام القانون الإنساني الدولي، وعلى الأخص الواجب الملقي عليها بالتمييز بين الأهداف المدنية وبين الأهداف العسكرية، معتبرًا أنها لم تحصر الأمر في أطلقها النار صوب مدنيين، بل أنها فعلت ذلك من خلال نشاط أفرادها من داخل السكان المدنيين، وهم يطلقون النار من أماكن مجاورة لبيوتهم. وأكد التقرير على قتل مدنيين خلال عمليات القصف، موضحًا أن نحو 70% منهم كانوا دون سن الثامنة عشرة أو فوق سن الستين أو من النساء. ووصف أن الجيش عمل خلاف تعليمات القانون الإنساني الدولي، مشيرًا إلى استمرار المنظمة بنشر الاستقصاءات حول أحداث إضافية تتعلق بالمس بالمدنيين أثناء هذه العدوان.

    أسباب سقوط المدنيين

وأرجع التقرير سبب مقتل هذا العدد الكبير من المدنيين للتعريف الفضفاض لمصطلح "هدف عسكري" يُسمح المس به. وتابع قصف الاحتلال خلال العدوان عشرات المباني السكنية التابعة لناشطي حماس والجهاد الإسلامي، ومن الم"مكن أن تشكل هذه المنازل أهدافا عسكرية شرعية، شريطة أن تلبي متطلبات الاختبار المزدوج الذي وضعه القانون الإنساني. وأوضح أن "الهدف العسكري" يجب أن يسهم بشكل فعال في النشاط العسكري ويجب على المس به أن يمنح أفضلية عسكرية جلية للجهة المعتدية. وأوضح أنه خلافا لذلك، لم تدعِ أي جهة رسمية إسرائيلية وجود علاقة بين بيت سكني هوجم، وبين أي نشاط عسكري جرى فيه، مكتفية بتفصيل ضلوع أصحاب البيوت في النشاطات الموجهة ضد إسرائيل في الراهن والماضي. وتابع في الأسباب، التفسير المَرن لمصطلح "ضرّر عرضي"، موضحًا إلى فرضية التزام القوات المقاتلة بالعمل بمبدأ "التناسبية"، الذي ينص على وجوب الامتناع عن هجوم ما إذا ما كان المس المتوقع بالمدنيين نتيجة له مبالغا به، قياسا بالأفضلية العسكرية المرجوة من وراءه. ويُفحص حجم الهجوم بناء على التوقعات بخصوص الضرر المتوقع الذي سيلحق بالمدنيين والأفضلية العسكرية التي ستنجم عنه، وليس بناء على الضرر الذي يقع فعلا. وأكد أن في كل قصف إسرائيلي انهارت البيوت فوق رؤوس ساكنيها، وقُتل مدنيون لم يكونوا ضالعين في القتال، مشددًا على تواصل هذه الهجمات على طول فترة القتال، ولم يطرأ أي تغيير على سياسة إطلاق النار على البيوت، وقد امتنعت جهات رسمية للاحتلال عن التطرق إلى حالات عينية، وكررت طيلة الوقت الادعاء العام بأن الجيش ينشط وفقا لمبدأ التناسبية.

غياب الإنذار

وتابع أن غياب الإنذارات أو إصدار إنذارات غير فعالة كان سببًا مهمًا في سقوط المدنيين الفلسطينيين، مؤكدًا على منح فترة زمنية قصيرة لترك المدنيين لبيتهم، وأحيانا لم يكن من الواضح عن أي بيت مستهدَف يتحدثون، وفي حالات أخرى قام السكان الذين تلقوا الإنذار بترك البيت فعلا، إلا أن القصف لحق بيوتا مجاورة وأصيب سكانها الذين لم يتلقوا إنذارا. ونوه إلى أنه في بعض الحالات لم يتلق المدنيين أي إنذار قبل الاعتداء على بيوتهم، مشيرًا إلى استخدام المناشير للإخلاء والتوجه أماكن آمنة حددتها المناشير ثم يتم قصف هذه المناطق وقال إن القتال ضد حماس يفرض حقا تحديات صعبة في تحديد الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين، متسائلا عن كيفية الامتناع عن إلحاق الأذى بالمدنيين الذين لا يشاركون في القتال. ونوه التقرير إلى أن المنظمة لا تدعي أنها ستقدم للحكومة الإسرائيلية وللجيش مخططات عينية واضحة لإدارة القتال في غزة، فهذه ليست مهمتا، محملًا حكومة مسؤولية العثور على طرق لمواجهة هذه التحديات، من خلال الحفاظ على البعد الإنساني، وعلى أحكام القانون.

المصدر :