يستذكر الفنان التشكيلي الفلسطيني سمير ظاهر الذي يعاني من شلل نصفي وهو جالس على كرسيه البسيط، لحظات تجسيده لصورة حاتم أبو سيسي أول شهيد فلسطيني في الانتفاضة الفلسطينية الأولى. ولا يزال ظاهر الذي يقيم في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة يمارس هوايته المفضل بشكل يومي دون كلل أو ملل. وتمكن ظاهر بعدما شَكّل صورة أول شهيد في الانتفاضة من رسم رموز وشهداء الانتفاضة الأولى عام 1987 في وقت لم تتواجد فيه آلات الطباعة. ولم يجد الفنان ظاهر أفضل طريقة للتعبير عن الحزن الذي بداخله وداخل شعبه سوى بالرسم التشكيلي المقاوم لأحداث الانتفاضة التي تكشف عنجهية الاحتلال للعالم العربي والإسلامي. ويعتبر ظاهر خلال لقاءه مع "الوطنيـة" أن الانتفاضة الأولى هي مصدر إلهامه والسبب الرئيسي والأول في اشتعال ريشته لتوثيق أحداثها رغم مشاهد الألم والحزن والحسرة بحق الأطفال والشيوخ والنساء. وكانت لوحات ظاهر التي ترسم دون آلة طباعة تقدم لأهالي الشهداء وزوجاتهم تمجيدًا لنضالهم ومقاومتهم للعدوان الإسرائيلي. واكتشف ظاهر موهبته منذ صغره بمساعدة أستاذه خضر مراد الذي دفعه بكل قوة وسانده وقدم له الخبرة حتى وصولة للصف الثالث الابتدائي. والنقلة النوعية له كانت مرحلة الثانوية بعدما تمكن من تنمية مهاراته التشكيلية، حيث أُهِلّ للمشاركة في معارض فنية في القدس ومدن الضفة الغربية. ومشاركة ظاهر في المعارض ساعده بشكل كبير للحصول على عضوية من جمعية الفنانين التشكيلين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

العراقيل

وعن العراقيل التي واجهها ظاهر خلال مسيرة في الرسم التشكيلي في قطاع غزة هي قلة المواد الخام وندرة الألوان المميزة والمهمة في اللواحات الكبيرة. وواجه ظاهر أيضاً صعوبة كبيرة جدًا من الاحتلال الاسرائيلي خلال رسمه على الجدران، حيث كان الاحتلال يمطر الرسامين بقنابل الغاز المسيلة للدموع ومن يتمكن من الإمساك به يتعرض للضرب والشتم. ويعتبر أن اللوحات التشكيلية التي جسدها ورسمها على مدار السنوات حافلة بالأحداث كتاريخ الشعب وحلقة وصل ما بين الماضي والحاضر.

شلل الأطفال

ويسجل الفنان ظاهر الفضل الكبير بعد الله لزوجته التي ساعدته ووقفت بجانبه في مسيرته حتى وصل إلى مرحلة كان من أهم الفنانين التشكيليين. وتقول ظاهر لـ"الوطنيـة" يعاني زوجي منذ الصغر من شلل الأطفال وبالرغم من ذلك استمر في الرسم ومقاومة الاحتلال بريشته. وتعرض ظاهر قبل نحو شهرين من كتابة التقرير والكلام - لزوجته -لأزمة قلبية حادة أدخلته في غيبوبة وفقد على أثرها الذاكرة، لكن حبه للقضية وللفن وللألوان أرجعته للأحداث الماضية. ورغم ما تعرض له الفنان خلال مسيرته لم تتوقف زوجته من دعمه حتى يسمع العالم صوت ريشته ويعرض مهاراته التي يكشف من خلالها مدى بشاعة جرائم الاحتلال الاسرائيلي للعالم أجمع.  

المصدر :