يتكاسل أطفال السيدة أم حسن الغولة (43 عامًا) في إحضار بعض المياه التي تساعد والدتهم على قضاء حوائج المنزل اليومية وغسل شواهد القبور بعد أن يستيقظوا من النوم. وتقيم المواطنة "الغولة" برفقة عائلتها المكونة من عشرة أفراد مقسمين بين ستة ذكور وفتاتين، إضافة إلى الأب والأم في مقبرة للأموات بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، دون أدنى مقومات الحياة اليومية. وتشجع أم حسن أبنائها مع كل إشراقه شمس يوم جديد للإسراع في إحضار المياه، واعدة إياهم بتحضير وجبات الإفطار التي يشتهونها. ويتهرب أطفالها كثيرًا من سؤال والدتهم اليومي لبعد المسافة التي يحضروا منها المياه، ووعرة الطريق بين الشواهد وثقل حجم أوعية المياه. وتشعر الغولة بالحزن والإرهاق الكبير بسبب عيشتها وممارسة حياتها بين شواهد القبور دون أن تنظر بشأنها المؤسسات الاجتماعية والخيرية في القطاع. وتقول المواطنة أم حسن لـ"الوطنيـة" إنها تحارب مع أطفالها يوميًا الحشرات الزاحفة والحيوانات البرية المفترسة كالكلاب الضالة، والقطط المنتشرة، من أجل طردهم من المقبرة. ورفعت الغولة مرات عديدة رأسها نحو السماء في محاولة منها لمنع دموعها من السقوط، لكن جميع محاولاتها فشلت بعد أن شاهدت أطفالها الصغار وهم يلعبون على أرجوحة متهالكة. ويعاني زوج المواطنة الغولة من أمراض مزمنة، بسببها لا يستطيع إيجاد عمل مستمر يمكنه من استئجار أحد المنازل والخروج من المقبرة. ولا يدخل على أم حسن أموال إلا "شيك" الحكومة الذي تصرفه وزارة الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة أو أربعة شهور. وتروي الغولة اللحظات الصعبة التي تعيشها العائلة بسبب قلة الدخل المالي وعدم انتظام ابنائها في عمل معين يعيشون من خلاله. وتأمل المواطنة أم حسن أن تتوفر لديها جميع الإمكانيات التي تؤهلها من الخروج والعيش كباقي المواطنين في قطاع غزة، وتطمح أن توفر وتعوض أبنائها جميع الأشياء التي حرموا منها خلال إقامتهم بين القبور ووسط المخاطر الحقيقية. وطالبت أصحاب القلوب الرحمة بالنظر إلى أوضاع عائلاتها في شهر رمضان المبارك، داعية الجميع إلى زيارة بيتها لمشاهدة حجم الخوف في ساعات الليلة الأخيرة.

المصدر :