بعد أن انتهت الجرافات التي أحضرها على نفقته الخاصة من هدم منزلي والده وعمه في حي وادي قدوم ببلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، يوم أمس الثلاثاء، انشغل المواطن المقدسي محمد نصار في إقامة خيمة من القماش المهترئ، وألواح الصفيح المتهالك، بجانب ركام مأواه الوحيد رفقة أبنائه وأشقائه، علها تتسع لإيواء 20 فردا من الأطفال والنساء والرجال

عائلة نصار ليست وحدها من تعيش في العراء اليوم، فقد أجبرت عائلتي الطويل وبرقان في الحي ذاته على هدم ثلاثة منازل يمتكلونها منذ زمن بعيد ذاتيا، بعد محاولات عديدة ومتواصلة منذ 28 عاما لترخيص المنازل.

في المقابل، رفضت بلدية الاحتلال في مدينة القدس الشريف كافة المحاولات التي أبدتها العائلات الثلاث، بحجة أن الأرض مصادرة لصالح المنفعة العامة، يحظر البناء فوقها، وجراء ذلك كان قرار المحكمة العليا مماثلا، إذ تتضمن هدم ما على الأرض وإخلائها لصالح المنافع العامة.

20 عاما في أروقة المحاكم

بين أنقاض منزل والده وعمه، يتنقل محمد باحثا عن مراده، لينجح في إيجاد ما تبقى من الأثاث المنزلي تحت الأنقاض، وهي بقايا ألواح خشبية، وفراش الأرض، وقطع قماش بالية، لتعيش تلك العائلة المقدسية، إلى جانب عائلتي برقان والطويل، فصلا بشعا من فصول نكبة التهجير القسري.

وتمتلك عائلة نصار منزليها منذ 50 عاما ونيف، وفي العام 2003 تسلمت العائلة أول إخطار من قبل الاحتلال، يقضي بهدم منزليه، بذريعة البناء دون ترخيص.

ومنذ ذلك الحين، لم تغادر عائلة نصار أروقة محاكم الاحتلال، في محاولة منهم لوقف قرار هدم شققهم السكنية، الذي نفذته العائلة مجبرة بكلتا يديهم.

وسترافق حالة التشرد هذه العائلات الثلاث التي حرمت منازلها الخمس دفعة واحدة طويلا، فقد أمهلتها محكمة الاحتلال في مدينة القدس الشريف، هدم منازلهم ذاتيا، وحال عدم تنفيذ قرار الهدم، ستنفذه آليات بلدية الاحتلال، مقابل فرض غرامات مالية تكلفة هدم المنازل، وقدرها 200 ألف شيكل تفرض على المنزل الواحد.

وهذا ما جرى فعلا، لتضطر عائلات الطويل وبرقان ونصار إلى تفريغ محتويات منازلهم على عجالة، قبل هدمها، لتتحول في غضون ساعات قليلة إلى أنقاض متناثرة، فيما بات أفراد العائلات الثلاث عرضة للتشرد في العراء.

11 طفلا في العراء

عاصم برقان هدم على نفقته الخاصة عمارتين سكنيتين تأوي أكثر من 30 فردا، جلهم من النساء والأطفال.

وبينما يتكئ على بقايا جدران منزله المدمر، يتسائل برقان بحزن شديد: "ما ذنب أطفالنا، ليواجهوا مصيرا قاتم السواد كهذا؟، فعائلاتنا الثلاث تأوي 11 طفلا، جميعهم يقضون يومهم في بكاء مستمر يريدون الرجوع إلى بيوتنا التي أصبحت في غمضة عين كومة من الركام".

ويسترسل برقان: "سنبقى مشردون إلى وقت غير معلوم، فنحن لا نمتلك ثمن إيجار منزل واحد، والذي يبلغ أكثر من ٣ آلاف شواكل في الشهر الواحد، حيث أنفقنا كل ما نملك من أموال في بناء منازلنا الثلاثة، والمرافعات القضائية لحمايتها من الإزالة".

المصدر : الوطنية – مدينة القدس المحتلة: