أكد المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، ان الحكومة الإسرائيلية ، تواصل نشاطاتها الاستيطانية، ما يعني تنصلها من وعودها الكاذبة التي اطلقتها في قمتي "العقبة" و"شرم الشيخ" الاخيرتين، والتي تعهدت فيهما بعدم القيام بخطوات احادية الجانب.

وأشار المكتب في تقريره حول الاستيطان الى انه وبعد هذه القمة مباشرة، صادقت الهيئة العامة للكنيست الاسرائيلي بالقراءات الثانية والثالثة على مشروع قانون "إلغاء قانون الانفصال" في الضفة الغربية وقطاع غزة، بأغلبية 31 عضوا في الكنيست مقابل 18 معارضا.

ويهدف مشروع القانون هذا إلى إلغاء البنود التي كانت تحظر على المستوطنين دخول نطاق أربع مستوطنات أخليت في الضفة الغربية المحتلة في العام 2005، وهي مستوطنات: "جانيم"، و"كديم"، و"حومش"، و"سانور"، على نحو يفتح المجال أمام إعادة استيطانها من جديد، وذلك في إطار السياسة والاتفاقيات الائتلافية لتشكيل الحكومة والتي تهدف إلى شرعنة بؤر استيطانية عشوائية شمالي الضفة الغربية المحتلة. وعلى الرغم من أن القانون المذكور لا يصادق على بناء مستوطنة على الأرض لكنه يمنح إذنا للمستوطنين بدخول أرض فلسطينية تم إخلاؤه، ومن المرجح أن يتبع المصادقة على القانون بدء المستوطنين بمحاولة بناء بؤر استيطانية توطئة لخلق حقائق جديدة على الارض يجري تسوية اوضاعها لاحقا كما هي العادة.

حجر الزاوية لاعادة بناء "حومش"

ومن المتوقع ان يشكل هذا القانون حجر الزاوية لإعادة بناء مستوطنة "حومش" بشكل خاص على أراض فلسطينية خاصة مسجلة في الطابو، لانه رغم إخلاء هذه المستوطنة، ما زالت هناك مدرسة دينية فيها، وقد باتت تشكل مصدرا كبيرا لعنف المستوطنين ممن يتلقون حماية من جيش الاحتلال لحرمان الفلاحين الفلسطينيين من فلاحة أراضيهم. وجاء قانون "فك الارتباط" هذا، لاحقا لقرار المجلس الوزاري المصغر في الشهر المنصرم بـ"تبييض" 9 بؤر استيطانية والشروع في إجراءات بناء 7200 وحدة استيطانية وغيرها وفعليا سيؤدي هذا القانون إلى ضم فعلي لأجزاء كبيرة من أراضي الضفة الغربية.

ولم يتردد الوزير "بن غفير" في التعقيب على هذا القانون قائلا بتغريداته أنه فخور بالمشاركة في إلغاء القانون، وفي شرعنة مستوطنات جديدة، وفي العودة إلى كل أجزاء بلادنا على حد زعمه. كما قالت وزيرة الاستيطان اليمينية المتطرفة والفاشية "أوريت ستروك"، التي رفضت النقد القاسي في البيت الأبيض بجملة موجزة " أقترح على الأمريكيين أن لا يتحدثوا عن الاتفاقات التي لم تحترم".

الاستيطان في القدس

وفي القدس تتواصل مخططات الاستيطان، حيث من المقرر أن تناقش لجنة التخطيط المحلية الإسرائيلية في بلدية القدس أربعة مخططات استيطانية في التاسع والعشرين من الشهر الجاري وهي: مركز واد الجوز للأعمال (وادي السيليكون)، وخطة القناة السفلى، وخطتان للتوسع الكبير في مستوطنة راموت. خطة القناة السفلى هذه هي لمستوطنة جديدة في جنوب القدس على امتداد الخط الأخضر وتقترب من خطواتها النهائية قبل الموافقة عليها، وستتم مناقشة المخططين لتوسيع مهم في مستوطنة "راموت" للمرة الأولى، حيث تقدم السلطات الإسرائيلية خطة وادي السيليكون على أنها توفر فرص عمل وتعزز اقتصاد القدس الشرقية، ولكن من الناحية العملية يمكن أن تؤدي إلى إغلاق وإخلاء حوالى 200 منشأة فلسطينية، لتحل محلها شركات إسرائيلية، حسب مصادر اسرائيلية. تجدر الإشارة هنا إلى أن الأشهر الثمانية عشر الماضية شهدت زيادة في الترويج لمخططات استيطانية، بما في ذلك هذه المخططات الأربعة، إلى جانب خطط أخرى مثل خطة عطاروت الاستيطانية، وخطة توسيع مستوطنة "نوف تسيون"، وخطة لمضاعفة حجم مستوطنة "جفعات هاماتوس".

وبشأن مخطط مركز أعمال وادي الجوز (وادي السيليكون)، الذي أطلقته سلطة تطوير القدس، فهو لمركز أعمال على مساحة 80 دونماً في المركز الحضري للقدس الشرقية – ليس بعيداً عن البلدة القديمة. وقد انتهت فترة تقديم الاعتراضات على المخطط في 26 شباط، حيث تم تقديم عدد كبير من الاعتراضات التي اشارت إلى أن المواطنين قلقون بشأن التأثير السلبي للخطة على حقوق الملكية وسبل عيشهم (59 اعتراضاً من أصحاب الأراضي وأصحاب الأعمال في المنطقة المعنية).

وعلى الرغم من مرور شهر فقط على انتهاء فترة تقديم الاعتراضات، فإن الخطة تقترب بالفعل من مناقشة ستقربها من الموافقة النهائية بهذه السرعة العالية بشكل استثنائي بفعل إصرار السلطات الإسرائيلية. جدير بالذكر ان المنطقة المخططة لوادي السيليكون هي منطقة تجارية مزدحمة بها متاجر وكراجات وغيرها من الأعمال الصغيرة وجميعها يتهددها خطر الهدم واستبدالها بمباني مكاتب شاهقة لشركات التكنولوجيا الفائقة. كما تتضمن الخطة 194 وحدة سكنية. وتثير الخطة مخاوف بشأن تأثيراتها السلبية الجوهرية خاصة وانها تنطوي على إخلاء معظم المصالح القائمة، إن لم يكن جميعها، دون الحصول على أي تعويض. ويقدر أصحاب المتاجر المحلية أن إغلاق الشركات القائمة يعني أن 2000 عامل سيفقدون وظائفهم، حيث من المرجح أن تقوم الشركات الإسرائيلية أو الدولية بتوظيف عمال إسرائيليين بالدرجة الرئيسية. هذا إلى جانب حقيقة أن المنطقة المعنية تربط بين الشيخ جراح حيث تعمل منظمات المستوطنين على إخلاء العائلات الفلسطينية والبلدة القديمة، وهو ما يثير القلق. فتحت ستار التنمية الاقتصادية، قد تعمل السلطات الإسرائيلية على بدء توسيع نطاق إخلاء الشركات الفلسطينية واستبدالها بمستوطنة "تجارية" إسرائيلية في حوض البلدة القديمة.


أما خطة مستوطنة القناة السفلية، فهي في التوجه العام لبناء مستوطنة جديدة على مساحة 190 دونماً على جانبي الخط الأخضر. وهي خطة بادرت اليها سلطة الأراضي الإسرائيلية، وتشمل بناء 1230 وحدة سكنية استيطانية. ومن شأن ذلك أن يربط المنطقة المعنية بين مستوطنتي "هار حوما" و"جفعات هاماتوس". لذلك، فإن بناء مستوطنة إسرائيلية هناك سيزيد من قطع الممر بين القدس الشرقية وبيت لحم بشكل خاص وجنوب الضفة الغربية في اتجاه الخليل بشكل عام. وتشمل الخطة أيضا طريق وصول يمر عبر أراضٍ فلسطينية خاصة. وبالتالي، ستنطوي الخطة أيضاً على مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة لصالح البناء للإسرائيليين.


وفي ما يتعلق بتوسيع مستوطنة "راموت"، فهي خطة جديدة لتوسيع هذه المستوطنة باتجاه الشمال الشرقي باتجاه الجدار الفاصل وجيب بير نبالا. وتشمل الخطة بناء 1318 وحدة سكنية على مساحة 65 دونماً. ومن المتوقع عقد الجلسة الأولى للتقدم بالخطة في وقت قريب وبعدها سيتعين على لجنة المنطقة اتخاذ قرار بشأن الإيداع المستقبلي للخطة للمراجعة العامة. أما الخطة الثانية الخاصة بمستوطنة "راموت"، فهي في المنطقة المتاخمة لراموت كما أنه يوسع المستوطنة شمال شرق باتجاه الجدار الفاصل وجيب بير نبالا. وتشمل الخطة بناء 600 وحدة سكنية على مساحة 28 دونماً.


وتعمل سلطات الاحتلال ضمن مخطط استيطاني جديد لإقامة "مطلة ومقهى" تهويدي فوق المدرسة التنكزية وحائط البراق، والأبنية المطلة على المسجد الأقصى المبارك. وتُشرف بلدية الاحتلال وما يسمى "صندوق إرث المبكى" على إقامة هذا المقهى التهويدي، لصالح المستوطنين المتطرفين الذين يقتحمون المسجد الأقصى. وعن تفاصيل المخطط التهويدي، بدأ الاحتلال العمل على إقامة "لمقهى والمطلة"، بعدما وضع كل الترتيبات والإجراءات اللوجستية والفنية اللازمة لذلك، من كاميرات مراقبة، وإضاءة، وسلالم حديدية، وغيرها من التجهيزات، سيقام على مساحة 300 متر مربع فوق المنطقة المذكورة.

كما تغطي المشاريع الاستيطانية التي تخطط لها سلطات الاحتلال بقية المحافظات في الضفة الغربية ، فقد أصدرت هذه السلطات قراراً بالاستيلاء على أراضٍ في محافظتي رام الله وسلفيت وذلك بوضع اليد على أرضٍ بمساحة 49 دونماً من أراضي قرية رنتيس في رام الله ومثلها في دير بلوط بسلفيت، لأغراض عسكرية. ويتضمن القرار تجديد وضع اليد على 27.6 دونماً، بالإضافة إلى وضع اليد على 21.39 دونما جديدا حتى عام 2027، وهي قرارات قابلة للتجديد، كما أصدرت سلطات الاحتلال قراراً بالاستيلاء على أراضٍ في قرية صفّا غرب رام الله ، لأغراض عسكرية.


فضلا عن ذلك، نشرت سلطات الاحتلال يوم الاربعاء الماضي مناقصات لبناء 1029 وحدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، في انتهاك لتعهداتها في اجتماع شرم الشيخ، الذي عقد في التاسع عشر ون آذار الجاري، بتجميد العطاءات الاستيطانية لفترة محدودة منها 940 وحدة سكنية جديدة في مستوطنتَي "إفرات" و"بيتار عيليت" بالدرجة الرئيسية، و89 في القدس الشرقية في استهتار واضح بوعودها، وهي وعود كاذبة، وفي استهتار بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومعارضة المجتمع الدولي بما في ذلك حلفاء اسرائيل في الولايات المتحدة وفي دول الاتحاد الاوروبي في محاولة لتهدئة التوترات بالمنطقة قبل شهر رمضان. وسوف يجري قسم من مخططات البناء هذه في مستوطنات صغيرة نسبياً، ما يعني أنه سيتم توسيعها بصورة كبيرة. ويقع 80% من مخططات البناء هذه في مستوطنات في عمق الضفة الغربية ما يؤشر على استحالة إقامة دولة فلسطينية في أية تسوية سياسية محتملة.

المصدر : الوطنية