ما زال الأسير زكريا الزبيدي( التنين) محتجزا بالعزل منذ قرابة العام والنصف، يواجه الساعات والأيام بإرادة فولاذية صلبة، فهو اعتاد الحياة بين الرصاص والحجارة والسجن والمطاردة، عاش الموت مرات عديدة، عندما نجا من أربع محاولات اغتيال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

زكريا (47 عاماً) من مخيم جنين، ينحدر من عائلة مناضلة بالفطرة، توفي والده وهو صبي، واستشهدت والدته سميرة الزبيدي عام 2002 خلال الاقتحام الكبير لمخيم  جنين، وبعدها استُشهد شقيقه طه، وفي الـ15 من أيار/ مايو 2022 ، استشهد شقيقه داوود متأثرا بجروح أصيب بها في المخيم ، وما زال جثمانه محتجزا داخل ثلاجات الاحتلال حتى الآن، كما هُدم منزل عائلته ثلاث مرات.

اعتقلت قوات الاحتلال زكريا عام 2019، وبعدها تمكن هو و5 من رفاقه (أيهم كممجي، مناضل نفيعات، ومحمد ومحمود العارضة،ويعقوب قادري)، من انتزاع حريتهم بتاريخ 11 سبتمبر- أيلول/2021، حين قاموا بحفر نفق تحت سجن جلبوع المحصن، والهروب منه وتنفس الحرية، موجهين بذلك ضربة نوعية تثبت فشل منظومة الاحتلال الأمنية، التي لطالما تغنى بها.

وبعد محاولات عديدة تمكن الاحتلال من اعادة اعتقال الأسرى الستة، وحكم عليهم اضافة الى أحكامهم السابقة، بالسجن الفعلي لمدة 5 سنوات وغرامة مالية بقيمة 5 آلاف شيكل، مع وقف تنفيذ من 8 شهور إلى 3 سنوات. الى جانب التنكيل المتعمد بحقهم، عبر سياسة العزل الانفرادي، وإهمالهم طبيًا، كما تعرضوا لعدة اعتداءات جسدية و ضغط نفسي كبير من قبل السجانين، ولا زال هذا المسلسل العنصري مستمر لغاية اليوم.

وبالعودة الى حياة الزبيدي قبل اعتقاله الأخير، فقد عرف زكريا كأبرز قادة شهداء الأقصى في الانتفاضة الثانية في جنين، وشارك بالعديد من العمليات ضد الاحتلال الاسرائيلي، واتهم  بالمسؤولية عن عملية تفجير في "تل أبيب"، أدّت إلى مقتل مستوطنة إسرائيلية وإصابة 30 آخرين عام 2004، و في هذا السياق وصفه ضابط سابق في الشاباك بأنه "قطّ شوارع"، قائلا:( لطالما حاولنا الإمساك به، لكنه أفلت من أيدينا، والآن أعيد اعتقاله لانخراطه مرة أخرى في أنشطة إرهابية).

انتخب الزبيدي كعضو مجلس ثوري عام 2016، والتحق فيما بعد ببرنامج ماجستير الدراسات العربية المعاصرة في جامعة بيرزيت، لكن الاحتلال اعتقاله عام 2019، قبل مناقشة رسالة تخرجه التي تحدثت عن تجربة المطارد الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بين الأعوام 1968 – 2018، و جاءت بعنوان " الصياد و التنين".

وقد تمكَّن زكريا من استكمال باقي فصول رسالته داخل السجن بعد تعقيدات كثيرة، واجتياز المساق المتبقّي له بنجاح، ووافق على مناقشة رسالتع غيابيا، دون أن يكتب خاتمة الرسالة، بل قام على حذف النقطة من آخر سطر فيها، وأبدى رغبته في أن تبقى قصة الصياد و التنين مفتوحة، فما زال أمام زكريا العديد من الفصول لكتابتها و روايتها على أرض الواقع، و لا زلنا بانتظار سماع المزيد من البطولة و الفخر، وانتظار حرية التنين التي لا بد لها أن تشرق.

المصدر : صحيفة القدس