يخصص عدد من المسلمين شهر رجب لعبادات معينة أبرزها الصيام أول أيامه، فما هو رأي الشريعة بذلك، وهل يجوز صيام أول ثلاث أيام من شهر رجب؟.

ففي حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه قال “قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”. رواه النسائي وأحمد.

ولم يثبت لشهر رجب من الخصوصية غير ما ثبت لغيره من الأشهر الحرم، التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} (التوبة: 36).

والأشهر الحرم تأتي ثلاثة منها متوالية هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، أما رجب فيأتي منفردًا عنها ومتقدمًا عليها، وسميت حرمًا لأن الظلم والمعاصي فيها أشد حرمة من غيرها ولتحريم الاقتتال فيها.

ويعد بعض العلماء “صيام رجب مكروهًا” لأنه من سنة الجاهلية، وقد صرح كثير من أهل العلم بكراهته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب، بحسب موقع الإمام ابن باز.

وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب مُنصّل الأسنّة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال “كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخيرُ منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرًا جمعنا جثوة (كومة من تراب) ثم جئنا بالشاة فحلبناها عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب” (رواه البخاري).

وقال البيهقي: كان أهل الجاهلية يعظّمون هذه الأشهر الحرم وخاصة شهرَ رجب فكانوا لا يقاتلون فيه.

وفي موقع “الإمام ابن باز” أنه إذا صام المسلم الاثنين أو الخميس أو ثلاثة أيام منه، فإن ذلك لا يضر، أما تعمّدُ صيامه خارج الأيام المستحب صومها فهو مكروه.

وصيام الاثنين والخميس في السنة كلها -ومنها شهر رجب- سنّة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان صيام الاثنين أثبت من يوم الخميس، ما لم يقصد الصائم بصيامهما تعظيم شهر رجب. فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم الاثنين فقال “فيه ولدتُ، وفيه أُنزل عليَّ”، رواه مسلم.

ونقل الموقع عن عدد من العلماء أن “من صامه معظّما إياه، أو اعتقد أن صيامه أفضل من غيره كان مبتدعًا، معظمًا له من عند نفسه، دون أن يكون له سند في ذلك من كتاب أو سنة”.

وورد عن سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه كان ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال “رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية”. صححه الشيخ الألباني في الإرواء.

وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية الدكتور محمد عبد السميع، “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رجب من الأشهر الحُرم، وتكلم عن فضل شهر رجب وأنه يُستجاب في أول ليلة منه الدعاء، لكن ليس هناك أمر مباشر بالصيام في أول يوم”.

وأوضح أمين الفتوى في بث مباشر، أن صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن الصيام المستحب “صم من الحرم واترك”، “أي أن صيام أول يوم من رجب هناك نصوص عامة يدخل فيها هذا اليوم وليس هناك نص بخصوصه، فمثلًا لو صادف أول يوم رجب يوم الخميس فهو يوم يُستحب فيه الصيام كما ورد عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم”.

المصدر : وكالات