اتفق مختصون ومحللون سياسيون على أن تنظيم الدولة الإسلامية في قطاع غزة غير موجود فعليا، لكن هناك جماعات تحمل فكراً متطرفاً أعلنت ولاءها للتنظيم الذي يسيطر بشكل فعلي على مساحات كبيرة في سوريا والعراق، وبعض الدول العربية. ويرى هؤلاء في أحاديث مع "الوطنيـة" أن هذه الجماعات لا زالت في بداياتها ولم تنتظم في إطار سلم تنظيمي واضح، لكن هناك تقاطعا فكريا قويا بينها وبين تنظيم الدولة الذي يعرف اختصاراً بـ" داعش"، وأن الأعداد إن وجدت في غزة فهي بالمئات فقط، وأنها عبارة عن جهود فردية وبتمويل ذاتي. وشددوا على أن هذه المجموعات ولدت من بعض الفصائل الفلسطينية، لافتين إلى أن هناك ارتفاعا في وتيرة فعالية وعمل هذه الجماعات من أجل أن تحصل على دعم ومبايعة من خارج فلسطين. وشنت الأجهزة الأمنية في غزة حملة اعتقالات في صفوف بعض عناصر هذه الجماعات وتقول إن لا وجود لتنظيم داعش في غزة، وأن الأمن مستتب، لكن المحللين أكدوا على ضرورة اعتماد لغة الحوار والدعوة مع أي جماعات تنتهج فكرا متشددا أو تتبع لتنظيم "داعش".

نشاطات سابقة

ويقول المختص في الجماعات الإسلامية خالد صافي إن للتنظيم نشاطات سابقة وبرزت في بعض بيوت العزاء من خلال رفع لافتات مؤيدة لتنظيم الدولة الإسلامية وراياتها، والتي تمت ملاحظتها خلال المسيرة التي حدثت قرب المركز الثقافي الفرنسي، مستبعدا بأن يكون التنظيم "متكاملا على صعيد هرمي وسياسي ضمن هيكلية إعلامية واضحة أـو سياسية أو عسكرية". ونظم التنظيم في يناير الماضي مسيرة هاجموا فيها المركز الثقافي الفرنسي غرب مدينة غزة، احتجاجا على نشر صحيفة شارلي ابدو الفرنسية رسوما مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم. ورفع المشاركون في المسيرة أعلام تنظيم الدولة الإسلامية السوداء، كما رفعوا لافتات مكتوب عليها شعارات ينتهجها التنظيم. وحذر صافي من خطورة بيانات التنظيم خلال الفترة الأخيرة، وما قد تحمله من مؤشرات وتحديدا المتعلق بالجانب الإعلامي وتحديها لحركة "حماس". وأكد صافي أن بعض التفجيرات التي حدثت في الأيام الأخيرة تحمل رسائل تهديد للأجهزة الأمنية في غزة بضرورة الإفراج عن معتقلي التنظيم، معربا عن اعتقاده من إمكانية تطور مثل هذه الأحداث في حال تزايد ملاحقة الأجهزة الأمنية لأفراد "داعش". ناقوس خطر من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي جمال أبو نحل، إن ناقوس الخطر دق الفعل بعد قيام هذه المجموعات بتنفيذ تفجيرات في مناطق متفرقة من القطاع خلال الأيام الأخيرة، مشيرا إلى احتمالية أن يتمدد فكر هذه الجماعات نتيجة الحصار وتفشى البطالة ووجود آلاف الخريجين العاطلين عن العمل. وفي سؤال حول كيفية التعامل مع هذه الجماعات وفكرها، أكد المحلل والكاتب السياسي أن حركة حماس يجب "أن تقوم بتوعية أصحاب هذا الفكر والحديث معهم بوسطية الدين والشريعة وبذلك نستطيع معاجلة الفكر الضال الذي أصبح بعقولهم".

غزة بيئة خصبة

بدوره، أرجع المحلل السياسي وسام عفيفة ظهور هذه الجماعات إلى البيئة الموجودة في قطاع غزة وتواجد عدد كبير من الفصائل والمجموعات المسلحة التي تواجه الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى ما حدث في مدينة رفح قبل عدة سنوات بظهور حركة السلفية الجهادية وتحديدا في مسجد ابن تيمية والتي أرادت مواجهة حركة حماس. وأضاف أن هذه الجماعات تصبح خطيرة في حال تلقيها تمويلا من جهات خارجية، ناصحا أن تتم معالجة أي تصعيد أو تطور من قبل الكل الفلسطيني وليس حركة حماس لوحدها. وتابع" يفترض أن يتم التعاطي مع الموضوع بأنه شأن فلسطيني يهم كل الفلسطينيين لأن الموضوع لا يهم حماس وحدها"، محذرا من استغلال هذه الجماعات لتحقيق "مصالح لدى بعض الأطراف"، كما قال. وأضاف أنها لن تحصل بسهولة على عتاد وسلاح طالما أنها لم تتلق دعما من الخارج.      

المصدر :