الوطنية – وجيه رشيد

بثواني معدودات، أعادت المقاومة الفلسطينية في غزة ملف تبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي إلى الواجهة من جديد، بعد حالة الجمود الذي واجه هذه القضية الأكثر تعقيدًا مستغلة الحالة المتمزقة في "تل أبيب".

وحركت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة "حماس" المياه الراكدة ببثها فيديو من 44 ثانية عن الأسير الإسرائيلي لديها  أفراهام منغستو.

ووجه أفراهام منغستو في الفيديو رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو بأنه "إلى متى سأظل هنا في الأسر أنا ورفاقي بعد هذه السنوات الطويلة من المعاناة والألم؟ أين دولة وشعب إسرائيل من مصيرنا؟

وجاء توقيت عرض الفيديو تزامنًا مع استلام هرتسي هاليفي رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي بدلًا من أفيف كوخافي الذي ينهي مهامه في هذا المنصب بعد أن خدمة عسكرية استمرت أكثر من 35 عامًا.

وتحتفظ حركة "حماس" بـ4 أسرى إسرائيليين، بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على قطاع غزة صيف عام 2014، وهما شاؤول آرون (20 تموز/ يوليو 2014)، وهدار غولدن (آب/أغسطس 2014).

أمّا الآخران أباراهام منغستو (7 أيلول/سبتمبر 2014) وهشام السيد (في نيسان/أبريل 2015) فقد دخلا القطاع في ظروف غير واضحة. وترفض الحركة الكشف عن أيّ تفاصيل تتعلق بهما من دون دفع الاحتلال الثمن.

وأسرت كتائب القسام الجندي الإسرائيلي "أفراهام منغستو" عام 2014م، وهو من مستوطني مدينة عسقلان المحتلة، وسمحت الرقابة الإسرائيلية في تموز (يوليو) 2015م بنشر نبأ اختفائه بعد تسلله من السياج الفاصل شمالي قطاع غزة.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية في ذلك الوقت، أن "منغستو" حمل معه ظرف طلقة رصاص وحقيبة فيها كتاب التوراة كان قد تركها قرب السياج الفاصل شمالي القطاع ساعة تسلقه للسياج.

ومنذ انتهاء العدوان على غزة في العام 2014، جرت العديد من الاتصالات والمفاوضات بين "حماس" و"إسرائيل" بوساطة مصر حول تبادل أسرى، لكن هذه الاتصالات لم تصل إلى نتيجة حتى اليوم.

رسائل وتوقيت

ورأى الكاتب والمحلل الساسي حسام الدجني، أن عرض كتائب القسام للمقطع المصور بمثابة رسائل للمقاومة في أكثر من اتجاه أولها للمجتمع الإسرائيلي ولحكومة الاحتلال، بأنه حي وبصحة جيدة وعلى عكس ما كان يدعي نتانياهو أنه مريض نفسي.

وأضاف الدجني: "بالتالي على المجتمع الإسرائيلي تقع مسئولية الضغط على حكومته للعمل على الإفراج عنه عبر صفقة تبادل، خاصة في ظل فشل كافة الجهود الاستخباراتية بالوصول إلى ماكن احتجازه".

وأكد أن الرسالة الثانية لحكومة نتانياهو ورئيس أركان جيش الاحتلال " إياكم وأن يتكرر نموذج الاعتذار تعالوا لنوقع صفقة تبادل ونختصر الوقت".

ملف لم يغلق

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، إن كتائب القسام تريد أن تقول من خلال فيديو منغستو أن هناك ملفًا لم يغلق في قطاع غزة وهو ملف الجنود الأسرى.

وأضاف القرا: "اليوم نحن أمام حدث مهم جداً في داخل الكيان الصهيوني، واليوم كوخافي يغادر وهو يفشل في الوصول إلى أي صفقة لتبادل الأسرى".

وتابع: "القائد الصهيوني الجديد وأمام هذه الرسالة مطلوب منه أمام شعبه أن يعالج ملف الجنود الأسرى لدى حماس بأي وسيلة".

في حين رأى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أن الرسالة التي نشرتها كتائب القسام إلى من تولى رئاسة هيئة الأركان الجديد، وهذا الفيديو الذي لم يتجاوز الـ 10 ثواني حمل الكثير من الرسائل، وأن على القائد الجديد أن يتجاوز الفشل الذي لحق بـ كوخافي.

وأعتقد الصواف، أن رسالة اليوم كانت مهمة جداً وسيكون لها تأثيرها على المجتمع الصهيوني، خاصة في ظل الحالة السياسية الحالية للاحتلال.

فشل ذريع

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد، إن الفيديو الذي ظهر فيه الجندي منغستو يبدوا أن كتائب القسام قد أظهرته تتويجاً لما انتهى إليه كوخافي الذي وعد كثيرًا بإعادة الجنود الصهاينة إلى عائلاتهم، وقد انتهى بفشل ذريع.

وأضاف العقاد: "اليوم الجندي منغستو يوصل رسالة قوية جداً إلى المجتمع الصهيوني المتهالك والمتهاوي".

وتابع: "اليوم عامة الجمهور الصهيوني يقترب من حالة اليقين المطلق بأن ما تقوله المقاومة هو الصواب، وهذا ضمن معركة كبيرة من الوعي".

ولفت إلى أن ملف الأسرى هو ملف شائك وتديره كتائب القسام بعقلية أمنية فائقة.

رسائل مزلزلة

إلى ذلك، أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية ناجي البطة، أن رسائل القسام من خلال الفيديو جاءت مزلزلة وقد تصل إلى 9 درجات على مقياس ريختر، وهذه الرسائل تدلل على أن المقاومة هي سيدة القرار.

وقال البطة: "لو أن الاحتلال لديه شعبًا متماسكًا كانو سيسألون عن أسراهم، فهم تجمع من كل العالم وليسو شعبًا".

ردود إسرائيلية

وحظي المقطع المصور الذي نشرته كتائب القسام للجندي الإسرائيلي الأسير لديها " أبارا منغستو" باهتمام اسرائيلي رسمي وشعبي كبيرين.

وأصدر مكتب رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" بيانًا قال فيه :" إنه لا يمكن في هذه المرحلة التأكد من مدى صحة الفيديو لـ منغستو الذي وقع في أسر القسام قبل حوالي 8 سنوات".

وجاء في البيان، أن حركة "حماس" تعرقل كل فرصة لإبرام صفقة ".

وأضاف: "نشر الفيديو مع جملة من التصرفات السابقة تؤكد بأن حركة حماس عبارة عن تنظيم إرهابي يحتجز المواطنَين ابارا منغستو وهشام السيد، وهما مواطنان يعانيان من أزمات نفسية وذلك خلافاً للقانون الدولي، ونتحدث عن حالات انسانية وحماس مسئولة بشكل مباشر عن سلامتهم".

وأكد " أن حكومة الاحتلال ستواصل عمل كل ما بوسعها وبكافة الوسائل سعياً لإعادة الأسرى والمفقودين، من جنود الجيش المستوطنين المتواجدين في أسر حركة حماس" على حد تعبير البيان.

وفي السياق، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن فيديو "منغستو" يأتي متزامنًا مع اليوم الأول لتقليد "هرتسي هليفي" قائداً جديداً لهيئة أركان جيش الاحتلال.

بدوره قال شقيق "منغستو"، " يالو" في حديث مع الصحيفة العبرية، إنه لا يمكنه التأكيد 100% بأن من ظهر في الفيديو هو شقيقه، ومع ذلك فقد لفت الى أنه يشبهه بشكل عام، لافتا أن الفيديو أثار مشاعر العائلة.

وجاء في بيان لعائلة "منغستو"، "أنه من المهم استعادة ابارا بالسرعة القصوى بدلاً من رؤيته على الفيديو، وأنه يثبت أنه حي يرزق ويتوجب على الحكومة الإسرائيلية العمل بسرعة لاستعادته حيث بدا سليماً معافا".

وأضافت العائلة:" لا يوجد أي سبب لبقائه في الأسر ليوم إضافي آخر، وعدا ذلك فقد كانت المشاعر مختلطة بالألم فهذه المرة الأولى التي نراه فيها منذ وقوعه في الأسر".

أما القناة "12" ، فذكرت أن الدوائر الأمنية الإسرائيلية تدرس الفيديو لمعرفة تفاصيله وموعد تسجيله، لافتة إلى أن حركة "حماس" اختارت موعد نشره بعناية، وذلك في اليوم الأول لتسلم "هرتسي هليفي" مهام منصبه قائداً جديداً لأركان الجيش.

ونقلت القناة عن مصدر أمني إسرائيلي، بأن الفيديو يدلل على ضعف من جانب حركة "حماس" على حد تعبيره.

أما عضو الكنيست "موشي سولمون" عن حزب " الصهيونية الدينية" فقد عقب على الفيديو قائلاً بأن حركة "حماس" تجاوزت كل الخطوط الحمر في التعامل الإنساني مستغلة الوضع الصحي المعقد للأسير "منغستو" لتحدي قادة الجيش الإسرائيلي.

وبالعودة إلى تسلسل المعلومات التي أفصحت عنها كتائب القسام بشأن الجنود الذين تحتفظ بهم حاليًا في قطاع غزة، تستعرض لـ "الوطنية" ذلك:

5 سبتمبر 2016

كشف مصدر خاص عنردة فعل الجندي الإسرائيلي الأسير لدى كتائب القسام شاؤول آرون عند مشاهدة جنازة والده، عقب وفاته حينها.

وقال المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن "الجندي أرون انهار عند مشاهدته جنازة والده أمس".

5 فبراير 2020

كشف الناطق العسكري باسم "القسام" أبو عبيدة أن عددًا من أسرى الاحتلال الإسرائيلي لدى المقاومة أصيبوا بشكلٍ مباشر، في قصف قوات الاحتلال لقطاع غزة في مايو 2019.

وقال أبو عبيدة آنذاك: "نعلن عن حقيقة أخفيناها منذ عدوان مايو ٢٠١٩ على قطاع غزة، حين قصف العدو العمارات المدنية والأمنية وأماكن أخرى، فإن عدداً من أسرى العدو قد أصيبوا بشكلٍ مباشرٍ" دون مزيد من المعلومات حول حالتهم الصحية.

7 يونيو 2021

نشرت كتائب القسام للمرة الأولى ضمن برنامج "ما خفي أعظم" الذي تبثه قناة الجزيرة، تسجيلًا صوتيا منسوبًا لأحد الجنود الإسرائيليين الأسرى.

ولم تُفصح "القسام" عن هوية الجندي أو أية تفاصيل أخرى بشأنه.

وقال الجندي في التسجيل الصوتي: "أنا الجندي الإسرائيلي (تم إخفاء الاسم).. الموجود في الأسر لدى عز الدين القسام، أتمنى أن دولة إسرائيل لا تزال تعمل على استعادتنا".

وأضاف "إنني أموت كل يوم من جديد، وأشعر بالأمل في أن أكون عما قريب في حضن عائلتي".

وتساءل الجندي عما "إذا كان زعماء الدولة (إسرائيل) يفرقون بين الأسرى؟ وهل يتطرقون لهم ويعملون على إطلاق سراحهم؟".

27 يونيو 2022

أعلن أبو عبيدة عن تدهورٍ طرأ على صحة أحد أسرى العدو لدى كتائب القسام، دون الكشف عن هويته، مضيفا أن الكتائب ستنشر في الساعات المقبلة ما يثبت ذلك.

14 ديسمبر 2022

أذاعت كتائب عز الدين القسام صوراً قالت إنها لبندقية الجندي الإسرائيلي هدار غولدين الذي تحتجز الحركة جثته منذ العدوان الإسرائيلي على غزة في العام 2014.

وقالت كتائب القسام خلال مهرجان انطلاقة حماس إن "تاريخ 01/08/2014 شهد على خيبة جيش العدو الصهيوني عندما فُقدَ الاتصال بالضابط هدار جولدن"، وشددت على أنه "كان موصولاً بالأبطال المظفرين الغانمين".

16 يناير 2023

قناة الميادين تنقل عن مصادر لها في كتائب القسام بأنها تعتزم عرض معلومات ستجعل رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد يعيد التفكير في ملف جنوده الأسرى.

16 يناير 2023

كشفت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تفاصيل رسالتها لرئيس أركان جيش الاحتلال الجديد.

وعرضت كتائب القسام رسالة مصورة للجندي الأسير لديها "أفرها منغستو"، مؤكدةً "فشل رئيس الأركان أفيف كوخافي ومؤسسته وكذبه على شعبه وحكومته".

وفيما يلي نص الرسالة:

الأسير لدى كتائب القسام أفراها منغستو: إلى متى سأظل هنا في الأسر أنا ورفاقي بعد هذه السنوات الطويلة من المعاناة والألم؟ أين (دولة وشعب إسرائيل) من مصيرنا؟

 

المصدر : الوطنية - وجيه رشيد