حمَل رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة أحمد بحر بريطانيا المسؤولية الكاملة عما لحق بشعبنا من كوارث ومصائب وويلات منذ إطلاق وعد بلفور وحتى اليوم، مطالبًا إياها بالاعتذار والتعويض سياسياً ومادياً عن كل ما ترتّب على الاحتلال من وقائع وإجراءات.

وقال بحر خلال جلسة خاصة للمجلس التشريعي بمرور 105 أعوام على وعد بلفور :"إن اعتذار بريطانيا وتعويضها لشعبنا أبسط حقوق شعبنا، ولن يسقط هذا الحق مهما طال الزمن أو قصر".

وأضاف "وعد بلفور المشؤوم أسّس لأكبر جريمة في القرن العشرين، وشكّل خطيئة سياسية وقانونية وأخلاقية آثارها مستمرة، والذي أدى إلى إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وقتل وتهجير شعبها، في انتهاك فاضح لكل القيم والمبادئ الإنسانية، والأعراف والمواثيق الدولية".

وتابع "وتتزامن هذه الذكرى المشؤومة في ظل جرائم الاحتلال المتصاعدة بحق شعبنا من قتل وتهجير واستيطان وهدم للمنازل وتنكيل بالأسرى وحصار ظالم وهجمة تهويديه مسعورة بحق القدس والمسجد الأقصى المبارك، الأمر الذي يقتضي مساءلة ومقاضاة لمن تسبب بهذه الكارثة".
واستهجن د. بحر وعود رؤساء حكومة بريطانيا الجدد بنقل سفارتهم للقدس، والذي "يعد منافيًا للقانون الدولي ويعد امتداداً لسلوكها الاستعماري في فلسطين، الأمر الذي يجب أن تعدل عنه بريطانيا تصحيحا لخطئها التاريخي بحق شعبنا".

وأكد بحر أن كل من يدعم الاحتلال على حساب شعبنا وحقوقه مصيره السقوط والاندثار، مهنئاً رئيس البرازيل لولا دا سيلفا بفوزه في الانتخابات وهو أحد أبرز الزعماء الداعمين للقضية الفلسطينية في أمريكا اللاتينية.

واعتبر رئيس المجلس التشريعي بالإنابة أن اتفاقية أوسلو واتفاقيات التطبيع شكّلت الوجه الآخر لوعد بلفور المشؤوم، ومنحت الغطاء والدعم للاحتلال الصهيوني، وشجعته على ارتكاب المزيد من الجرائم والعدوان.

وقال :"أما آن الأوان للسلطة برام الله أن تنبذ أوسلو وإفرازاته الكارثية، وأن توقف التنسيق الأمني المُذل مع الاحتلال؟!، أما آن الأوان للسلطة أن ترفع يدها عن المقاومين الأبطال الذين تلاحقهم وتزج بهم في سجونها بدلاً من تكريمهم واسنادهم؟!، أما آن الأوان لها تترك الارتهان لأجندة الاحتلال وأن تتوحد مع مكونات شعبنا وفصائله التي ضربت نموذجاً رائعاً في الالتفاف خلف المقاومة الشاملة للمحتل في معركة سيف القدس وفي انتفاضة شعبنا المُباركة في القدس والضفة وأراضي الــ48 ؟!".

ووجه التحية لأبناء الشعب الفلسطيني في كل مكان على صمودهم ومقاومتهم الاحتلال، ومحييا أيضًا الأسرى الأبطال.
وأكد بحر على أن وعد بلفور المشؤوم يستهدف الأمة جمعاء بهدف تفتيتها وسرقة مقدراتها واختراق أمنها القومي وضرب قيمها وثوابتها، داعيًا القمة العربية المجتمعة في الجزائر الشقيق إلى الخروج من دائرة الشجب والاستنكار، واتخاذ مواقف عملية ترقى لمستوى الحدث وجسامة التحديات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية في هذا التوقيت.

وقال :"إن حق عودة اللاجئين إلى أرضهم وديارهم التي هُجروا منها، وتعويضهم عن سنوات الهجرة والحرمان، هو حق ثابت لا يسقط بالتقادم وقضية لا تقبل النقاش أو المساومة، وإن التنازل عن حق العودة يشكل خيانة عظمى وخروجًا عن الصف الوطني وفق ما نص عليه قانون حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذي أقره المجلس التشريعي عام 2008م، ولن يضيع حق وراءه مُطالب".

تقرير اللجنة وتوصياتها

بدوره؛ تلا رئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي محمود الزهار تقرير لجنته بمناسبة مرور 105 سنوات على وعد بلفور المشؤوم، حيث أكد على أنه مُنعدم قانوناً لعدم شرعيته، ولانعدام الأهلية القانونية فيه، وهو يتناقض بشكلٍ صارخٍ مع مبدأ تقرير المصير الذي أقرته المواثيق الدولية لشعوب الأرض كافة، ويمثل جريمة متواصلة ضد الشعب الفلسطيني، وأجياله المتلاحقة.

وحملة اللجنة في توصياتها بريطانيا التبعات الناشئة عن "وعد بلفور" المشؤوم، وعليها رد الاعتبار المعنوي للشعب الفلسطيني واستعادة الحقوق، وعودة اللاجئين، وإزالة جميع الآثار المترتبة على هذا الوعد باعتباره جريمة.

وطالبت اللجنة بريطانيا كل الدول التي ساندت وأيدت الاحتلال الصهيوني بالتوقف عن ذلك وبإعادة النظر في علاقتها مع الكيان الصهيوني، وتحمّل مسئولياتها القانونية والأخلاقية اتجاه ضحايا هذا الوعد المشؤوم.

وطالبت اللجنة حكومة بريطانيا بتحمّل مسؤولياتها في سبيل إنهاء الاحتلال الصهيوني، وتعويض كل مَن تضرّر من "وعد بلفور" المشؤوم، عملًا بقرارات الأمم المتحدة، وخاصة المادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام1977، التي تُوجب التعويض المادي عن كلّ عملٍ فيه مخالفة للقانون الدولي الإنساني وسبَّب ضررًا للغير.

ودعت اللجنة الأنظمة العربية التي وقّعت اتفاقيات تطبيع مع كيان الاحتلال، بالتراجع عن ارتكاب هذه الجريمة السياسية التي تتنافى مع مبادئ العروبة والإسلام، وتتعارض مع الإرادة الحرة لجميع الشعوب العربية في المنطقة. 

وطالبت السلطة برام الله بالتوقّف عن التنسيق الأمني مع جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية، والتوقف عن عقد لقاءاتها المُذِلّة مع قادة الاحتلال، مما يوفر غطاءً سياسيًّا لاستمرار الاستيطان وجرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.

كما طالبت قيادة السلطة برام الله بالانسحاب الفوري من اتفاقية أوسلو المُذِلّة، وما تبعها من اتفاقيات أمنية واقتصادية عقدتها مع كيان الاحتلال، وسحب اعترافها المُهين بحق الصهاينة في أي شبر من أرض فلسطين، والإقرار بفشلها السياسي المتواصل منذ أكثر من ربع قرن من الزمن.

ودعت أبناء الأجهزة الأمنية في الضفة إلى إسناد المقاومة، "والنأي بأنفسهم عن نهج التنسيق الأمني الخياني"، الذي يمثل أبرز أدوات الاحتلال لضرب المقاومة في الضفة والقدس، مطالبة الشعب الفلسطيني التمسّك بخيار المقاومة بكلّ الوسائل، وعدم التساوق مع المخططات الرامية إلى التطبيع، أو التنازل عن حق العودة.

وطالبت اللجنة المجتمع الدولي بالعمل على تطبيق المواثيق والاتفاقيات الدولية، وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بإنهاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين، داعية المؤسسات الحقوقية الفلسطينية إلى إطلاق حملات قانونية وإعلامية تستهدف مجلس العموم البريطاني، والاتحاد الأوربي والبرلمانات العربية والأوروبية والمؤسسات الحقوقية الغربية والشخصيات الدولية المؤثرة، لإحاطتهم بما آلت إليه أوضاع الشعب الفلسطيني نتيجة "وعد بلفور" المشؤوم، والتنويه إلى مسؤولية بريطانيا عن استمرار معاناة اللاجئين الفلسطينيين.

وختامًا دعت اللجنة وزارات التربية والتعليم والأوقاف والشؤون الدينية، والإعلام، والهيئة العامة للشباب والثقافة إلى بذل الجهود اللازمة لتبصير المجتمع الفلسطيني بكامل شرائحه حول حقيقة "وعد بلفور المشؤوم".

المصدر : الوطنية