شب حريق ضخم صباح اليوم الأحد في كنيسة بمحافظة الجيزة في مصر، وقالت تقارير إعلامية إن الحريق أدى إلى سقوط 41 قتيلا وعشرات المصابين.

وقالت وزارة الداخلية إن حريق كنيسة الجيزة ناجم عن خلل كهربائي في أحد المكيفات، وإن الدخان الكثيف الناتج عن الحريق هو السبب الرئيسي للوفيات والإصابات.

وتساءل الكثيرين عن الحكم الشرعي في الترحم على غير المسلم وتعزيته، وهو ما نضعه لكم خلال السطور التالية :-

حكم تعزية المسيحي :-

اختلف العلماء في حكم تعزية غير المسلمين، فأجازها بعضهم ، وحرمها بعضهم، وبعض من أجازها شرط للجواز أن يستثمر المعزي التعزية في دعوة أهل الميت إلى الإسلام، وبعضهم شرط شروطا أخرى للجواز.

والراجح جواز تعزية غير المسلم بشرط أن لا يكون من المحاربين للمسلمين أو المتعاونين مع المحاربين، وهو اختيار الشيخ الألباني– رحمه الله-، ويشترط عند جميع من أجاز أن لا يدعو المسلم لغير المسلم بالرحمة والمغفرة.

حكم الترحم على غير المسلم :-

اتفق الفقهاء على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، لكن بعضهم أشدُّ عذابا من بعض؛ بحسب جرائمهم"، أي إن الدعاء للكفار ليس يحرم فقط بل لا يُجدي نفعا مع موتهم على الكفر.

اختلف الفقهاء فى حكم هذه المسألة على رأيين:

الرأى الأول : يرى القائلون به عدم مشروعية الترحم على غير المسلمين، ويعضدون قولهم بقول الله تعالى: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجحيم" التوبة (113) كما يرون أنه من باب الاعتداء فى الدعاء المنهى عنه فى قول الله عز وجل: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ "الأعراف : (55)والاعتداء فى الدعاء -كما قال ابن تيمية- كأن يسأل الرجل الله -تعالى- "منازل الأنبياء وليس منهم، أو المغفرة للمشركين ونحو ذلك".

الرأى الثانى: يرى القائلون به مشروعية الترحم على غير المسلمين، وأصحاب هذا الرأى يعضدون قولهم بما يأتى:

1– قوله تعالى : "رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا" غافر: (7) وهذا يتناول بعمومه الناس جميعا مسلمين وغير مسلمين، على النحو الذى أوردته الآية الكريمة فيما يتعلق برحمة الله عز وجل .

2 - قول الله تعالى :" وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" الأعراف :(156)

قال الشوكانى :" أى وسعت كل شيء من الأشياء من المكلفين وغيرهم " وقال الواحدى فى تفسيره :" يعنى إن رحمته فى الدنيا وسعت البر والفاجر" وهو مروى عن الحسن وقتادة، وقال السعدى عند تفسير هذه الآية :"ورحمتى وسعت كل شيء " أى من العالم العلوى والسفلى، والبر والفاجر، المؤمن والكافر، فلا مخلوق، إلا قد وصلت إليه رحمة الله، وغمره فضله وإحسانه "

وقال ابن كثير :" آية عظيمة الشمول إرساءوالعموم كقوله تعالى إخبارا عن حملة العرش ومن حوله أنهم يقولون :" ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما "

3 – قوله تعالى :" لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " الممتحنة :(8) والبر كما يقول العلماء هو جماع كل خير، وهو يشمل االأمور المادية التى تتناول الإحسان والمعاملة الحسنة، وكذا الأمور المعنوية، كطلب الرحمة ونحو ذلك، كما أن البر الوارد فى الآية لا ينقطع بالموت، وليس من البر ولا من القسط الإساءة إلى الميت من غير المسلمين ،لاسيما من يشاركنا فى الدفاع عن مقدراتنا، وأوطاننا، ومقدساتنا .

4 – قوله تعالى :" هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ " الرحمن :(60) وهل هنا حرف استفهمام بمعنى النفى، والمعنى ما جزاء الإحسان إلا الإحسان، وغير المسلمين الذين يحسنون الدفاع عن قضايا الأوطان، ومقدسات الأديان، يعمهم الإحسان الوارد فى الآية الكريمة سالفة الذكر، وهو يعم الإحسان فى حياتهم وبعد مماتهم .

المصدر : وكالات