نشرت منظمة "يكسرون الصمت" الإسرائيلية الاثنين تقريرا يضم افادات أدلى بها أكثر من 60 جنديا وضابطا شاركوا في الحرب على قطاع غزة خلال الصيف الماضي. ونقلت صحيفة "هآرتس" عن المنظمة أن السياسة التي اتبعها الجيش الإسرائيلي خلال الحرب أدت إلى المس الضخم وغير المسبوق بالمدنيين وبالبنى التحتية في قطاع غزة. وقال أحد الجنود إن اوامر إطلاق النيران مررت رسالة مفادها أن " كل من يتواجد في منطقة الجيش، أي المنطقة التي احتلها الجيش، لا يعتبر مدنيا، وهذه هي نقطة الانطلاق". وذكر أحد جنود سلاح المشاة الذي خدم مع وحدته في شمال القطاع أنه تم إطلاق النار على مسن اقترب من قوات الجيش في ساعات الظهر، مشيراً إلى أنه تم تحذير القوة العسكرية من مسن يتقدم حاملا قنابل، وتم إطلاق النار "الذي أخذ يتلوى من الألم". وروى جندي آخر من الوحدة أن أحد الجنود قام بتنفيذ إجراء "تأكيد مقتل المسن" بعد إصابته، وبعد ذلك وصلت الى المكان جرافة من نوع "D-9"، وغطت الجثة بالتراب! وفي حادث آخر، حسب افادة أحد جنود المشاة، تم إطلاق النار على امرأتين حملتا جهاز هاتف. وقال الجندي لصحيفة "هآرتس" : " ان القوة شخصتهما اثناء سيرهما في حقل زراعي، واشتبهت بهما، ولم تتمكن قوة المراقبة من تشخيص ما تفعلنه في الأرض على بعد عدة مئات من الامتار، فقرر الجنود ارسال طائرة غير مأهولة لمراقبة ما يحدث، ولما شوهدتا تتحدثان في الهاتف تم توجيه الطائرات اليهن وقتلهن". وأضاف الجندي أن الجيش ادعى بأنهن كن متورطات في الحرب، لكن هذا هرا، لافتاً إلى أن قائد كتيبة الدبابات وصل الى المكان لتمشيط المنطقة وعثر على الجثتين، وكانتا لشابتين في الثلاثينيات من العمر، ولم يكن معهن أي سلاح، وتم تحويل التقرير الى قائد الكتيبة. وبين أنه " رغم ذلك ادعى القائد انه تم تصنيفهن كمخربات، لقد تم قتلهن، واعتبارهن مخربات"، وفق الجندي. وفي حادث آخر وقع في اليوم الأول للحرب، أطلقت القوة ذاتها النار على فلسطينية غير مسلحة دون ان تشكل أي خطر على القوة العسكرية، كمال ذكر المركز. وحسب إفادة أحد الجنود، فقد شخص الجنود امرأة بدت لهم غريبة، لكنهم قرروا انها ليست مشبوهة، وطلب منها قائد الكتيبة الاقتراب من المنطقة التي تواجدت فيها الدبابات، وعندما شاهدوها تتقدم نحوهم اطلقوا عليها النار وقتلوها. وتصف الافادات المنشورة في التقرير طرق مختلفة مارستها بعض الوحدات العسكرية التي عملت في القطاع خلال الحرب.

إطلاق قذائف

وفي احدى الافادات، روى أحد جنود المدرعات أن قائد كتيبته أمر بإطلاق القذائف على بيوت الفلسطينيين " إحياء لذكرى أحد جنود الوحدة الذي قتل". وقال الجندي ان الجنود تصرفوا كما يتم في الجنازات العسكرية، لكنهم أطلقوا القذائف على البيوت وليس في الهواء. وحسب اقواله فقد قال قائد الكتيبة: " أطلق النار على ابعد بيت كي يصيبهم بأكبر قدر ممكن، نوع من الانتقام". ووصف جندي آخر من سلاح المدرعات كيف بدأت بعد ثلاثة أسابيع من الحرب، منافسة بين رفاقه في الوحدة، محورها من ينجح بإصابة سيارة على الطريق الذي سافرت عليه السيارات والشاحنات وسيارات الاسعاف. ويقول الجندي: "رأيت سيارة أجرة، وحاولت إطلاق قذيفة ولم انجح بإصابتها، ثم جاءت سيارتان فأطلقت قذيفة لكني اخطأت الهدف، فقال لي القائد، يلا، خلص، انت تنهي لي القذائف، وعندها انتقلنا لاستخدام الرشاشات الثقيلة". وحسب اقواله فقد فهم انه يطلق النار على مدني، وعندما سئل عن ذلك قال: "في داخلي هذا أزعجني، ولكن بعد ثلاثة اسابيع في غزة، وعندما تطلق النار على كل ما يتحرك، وما لا يتحرك، بكميات جنونية، فإنك لا تبقى على حقيقتك، تتوقف عن التمييز بين الخير والشر، وتفقد اخلاقياتك، وتفقد وجهتك، وأصبح ذلك مثل لعبة الحاسوب، مثيرة وحقيقية جدا".

دهس السيارات

ومن السلوكيات الأخرى التي قال الجنود إنها اصبحت نمطا مقبولا، دهس السيارات الخصوصية بالدبابات خلال الحرب. وقال أحد الجنود : " في إحدى المرات، نزل جندي من الدبابة كي يأخذ شيئا لنفسه من إحدى السيارات التي تم دهسها، ولم تتم معاقبة ذلك الجندي". وقال جندي آخر تم ضمه الى وحدة المشاة، إنه فهم بأن كل بيت تواجدت فيه القوات سيتم هدمه لاحقا بواسطة الجرافات. واوضح: "لم يفسروا لنا في أي مرحلة حتى انتهاء العملية، ما هي الفائدة من تدمير هذه البيوت"، مشيراً إلى أن  قائد الوحدة قال لهم ان الهدم ليس عملية انتقام، " ولكننا فهمنا في مرحلة معينة ان هذا نمط، انت تخرج من البيت ولا يبقى البيت بعدك، وبعد هدم بيتين وثلاثة تفهم ان هذا هو التوجه، الجرافة الضخمة تصل وتمسح البيت". وفي افادة لاحد الجنود وصف عمل الجرافات في غزة خلال الحرب قائلا: "احد القادة الكبار يحب جدا جرافات D-9، ويؤيد جدا مسح البيوت، وقد عمل كثيرا مع الجرافات، تعال نقول انه في كل مكان تواجد فيه تم تدمير كل البنى التحتية المحيطة بالمكان، وترى كل بيت وقد اخترقته قذيفة، لقد كان يؤيد ذلك جدا". وذكرت هآرتس أن الناطق العسكري طلب من تنظيم "يكسرون الصمت" تحويل الافادات والادعاءات التي يقوم بجمعها حول عمليات الجيش قبل نشرها ليتم فحصها ومعالجتها، لكن التنظيم اختار مرة اخرى عدم تحويل المواد.      

المصدر :