عقدت اللجنة المركزية لحركة "فتح" اجتماعاً لها، مساء السبت، برئاسة الرئيس محمود عباس، وذلك بمقر الرئاسة في مدينة رام الله.
واطلع الرئيس، المجتمعين، على آخر الاتصالات واللقاءات التي أجراها مع عدد من القادة العرب وزعماء العالم لوضع حد للتصعيد الإسرائيلي المتواصل ضد أبناء شعبنا، والذي ذهب ضحيته العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى منذ شهر رمضان الماضي، حيث استقبل الملك عبد الله الثاني في فلسطين، وكذلك في الأردن، كما استقبل عدداً من الوفود الأميركية على رأسها رئيسة مجلس النواب الأميركي ورئيس مجلس الأمن القومي الأميركي، وتلقى اتصالاً من الرئيس الفرنسي، وزيارته إلى قبرص، مؤكداً خلالها ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف سياساتها الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، الأمر الذي سيدفع القيادة الفلسطينية إلى اتخاذ إجراءات فعلية على الأرض لحماية حقوق ومصالح شعبنا.
وناقشت اللجنة المركزية وبشكل معمّق التصعيد الإسرائيلي الخطير والمتواصل ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، مؤكدة أن السبب الرئيس له هو أن هذا الاحتلال يدرك بأنه جرائمه تلقى صمتاً دولياً غير مبرر، وأن المجتمع الدولي من خلال سياسة الكيل بمكيالين بعيد جداً عن محاسبة "إسرائيل" وتطبيق قرارات الشرعية الدولية عليها، مما يدفعه للمضي قدماً في رفضه للقانون الدولي وتطبيق سياسة الإعدامات الميدانية وسياسة التطهير العرقي والفصل العنصري دون رادع أو محاسبة. إن هذه السياسة الإسرائيلية التي انتهجتها هذه الحكومة وما سبقها من حكومات إسرائيلية، تؤكد وبشكل عملي انه لا يوجد شريك إسرائيلي لصنع السلام، وأن رفض حكومة الاحتلال حتى الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ومبدأ حل الدولتين، وباعتبار القضية الفلسطينية قضية إسرائيلية داخلية، يوجب على المجتمع الدولي التدخل وبشكل سريع لتطبيق قراراته التي اتخذت سواء في مجلس الأمن الدولي أو في الجمعية العامة للأم المتحدة أو مجلس حقوق الإنسان، كما فعل في القضايا الدولية الأخرى من سرعة اتخاذ القرار وتطبيقه، وإلا فأن حكومة الاحتلال بسياساتها الإجرامية ستدفع الأمور إلى الانفجار الذي سيتحمل الجميع تبعاته.

وأكدت اللجنة المركزية، أنه أمام جرائم الاحتلال، وعمليات القتل اليومية سواء من قبل جيش الاحتلال أو من قبل المتطرفين اليهود الذين يعيثون فساداً وقتلاً بحماية حكومة الاحتلال وجيشها، والتي كان آخرها جريمة قتل الطفل محمد عبد الله حامد (16 عاماً) برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في بلدة سلواد بمحافظة رام الله والبيرة، وقيام أحد المستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال بطعن المواطن علي حسن حرب في قرية اسكاكا بمحافظة سلفيت، مما أدى إلى استشهاده، واستمرار الاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان وبعده في انتهاك للوضع التاريخي للمسجد، ومنع المؤمنين من الوصول للصلاة في كنيسة القيامة، وجريمة القتل العمد للشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة، فإن العالم مطالب بالعمل الفوري على توفير الحماية الدولية لشعبنا، وتنفيذ القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، والكف عن سياسة الاستنكار والصمت التي شجعت المحتل الإسرائيلي على ارتكاب المزيد من جرائمه البشعة.

وشددت على أن شعبنا لن يبقى صامتاً على هذه الجرائم، وغيرها التي تجاوزت كل المحرمات، إضافة إلى استمرار المتطرفين اليهود بتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية في استفزاز مباشر لمشاعر الملايين من المسلمين، محذّرةً من مخاطر الدفع باتجاه حرب دينية ستدفع المنطقة والعالم ثمنها في ظل هذا الصمت المريب من قبل العالم على الغي الإسرائيلي.

وأشارت، إلى أن دماء الشهداء والجرحى لن تذهب هدراً، وأن الاحتلال سيحاسب على جرائمه المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، في المحاكم الدولية وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية سواء فيما يتعلق بالاستيطان أو القتل أو سياسات التطهير العرقي والفصل العنصري التي تصل إلى درجة جرائم الحرب، وضرورة قيام مجلس الأمن والمنظمات الدولية كافة بدورها للوقوف إلى جانب الحق والعدل، وإنهاء الاحتلال والتمييز العنصري ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.
وتجدد مركزية فتح، على أن الطريق الوحيد لتحقيق السلام والأمن والاستقرار هو من خلال وجود أفق سياسي ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، وليس من خلال سياسة القتل والتدمير والطرد والاستيطان وتدنيس المقدسات التي لن تجلب الأمن والأمان لاحد، لأنه بدون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه فلن يكون هناك سلام ولا استقرار لأحد.

وحيت قيادة فتح، أبناء شعبنا في أماكن تواجدهم كافة في الوطن والشتات، على صمودهم وثباتهم على أرضهم في وجه المحتل، ونحيي بهذه المناسبة، أبناء شعبنا في القدس، وندعو الجميع لدعم صمودهم وثباتهم في وجه المحتل الذي يحاول تغيير طابع وهوية القدس ومقدساتها، كما نحيي صمود أبناء شعبنا في القرى والمخيمات الفلسطينية في الداخل والخارج، وصمود عائلات الشهداء والجرحى الذين لن نتخلى عنهم.

ودعت إلى تفعيل خيار المقاومة الشعبية السلمية وتوسيع رقعته في وجه هذا الجنون الإسرائيلي، خاصةً في المناطق المهددة بالمصادرة وكل مناطق التماس التي تعطي نموذجاً للإنسان الفلسطيني الصابر الصامد الثابت المتمسك بثوابته الوطنية وبحقوقه الوطنية.

وأعربت مركزية فتح، عن أملها بأن تشكّل زيارة الرئيس الأميركي إلى فلسطين منتصف الشهر القادم، فرصة حقيقية لتعزيز العلاقات الثنائية، وأن تسهم في تهيئة الأجواء لخلق أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل القائم على أسس الشرعية الدولية على حدود العام 1967، وذلك عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وأهمية إزالة منظمة التحرير الفلسطينية من قوائم الإرهاب الأميركية وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.
وتؤكد اللجنة المركزية، على أهمية أن تحقق هذه الزيارة ما تحدث عنه الرئيس بايدن، بأنه ينظر للجانب الفلسطيني كشريك وأنه سيعمل على إعادة فتح القنصلية الأميركية، والاعتراف بحل الدولتين، وعدم المساس بالوضع التاريخي القائم في القدس والحرم الشريف، ورفض التوسع الاستيطاني، ورفض طرد المواطنين من أحياء القدس، ووقف جميع الأعمال أحادية الجانب.

كما ناقشت اللجنة المركزية، عدداً من القضايا المتعلقة بالأوضاع الداخلية للحركة، واتخذت جملة من القرارات الهادفة لتصويب الوضع التنظيمي واستنهاض قدرات الحركة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها قضيتنا الوطنية.
 

المصدر : الوطنية