شهر شعبان شهر المنحة الربانية التي يهبها الله لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين؛ وتتجلى فيه رحمة الله تعالى بعباده، فيهبهم من خزائن خيراته، ويجزل لهم فيه من عطياته.

كما أن شهر شعبان كغيره من الشهور القمرية التي سميت أيام الجاهلية، فقد كان العرب يطلقون الأسماء على الشهور معتمدين على بعض الأحداث أو الأمور التي وقعت فيها، وليس أدل على فضله ومكانته أنه شهر انتسب إلى أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وبه من الأحداث العظام كتحويل القبلة.

وقيل إنه سمي بهذا الاسم، لأنه الشهر الذي يفصل بين شهر رجب وشهر رمضان. وبعض الروايات تقول إنه سمي بهذا الاسم لأن القبائل العربية تتفرق فيه للذهاب إلى الملوك لقصدهم والتماس العطية منهم.

وذكر الإمام ابن حجر في كتابه فتح الباري (4/213) في سبب التسمية: «وسمي شعبان لتشعبهم في طلب المياه أو في الغارات بعد شهر رجب الحرام»، وقد اختصه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدة فضائل منها صيامه وصلاته الأمر الذي جعل كثير من الفقهاء يؤكدون في سبب الحكمة من إكثار النبي صلى الله  عليه وسلم لصيامه وقيامه أنه مقدمة لشهر رمضان وتدريب عملي للاستعداد على الطاعة في شهر رمضان.

هل يكثر الموت في شهر شعبان؟

ويكثر بين الناس الحديث عن كثرة الموت في هذا الشهر وفضل من قبضت روحه فيه، إلا أن هذا الأمر لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فشهر شعبان كغيره من أيام السنة التي تقبض فيها الأرواح إلى بارئها، ولم يروى حديث واحد في شأن تفضلة ميته عمن مات دونه من الأشهر.

يقول الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن شهر شعبان شهر مبارك ففيه ش ترفع الأعمال إلى الله تعالى، وقد كان النبي  يكثر من الصيام في شهر شعبان حتى سأله الصحابي الجليل أسامة بن زيد فقال: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [أحمد.

وأوضح جمعة، عبر الفيسبوك: أن نستعد لاستقبال شهر رمضان بعدة أمور منها: تنظيم اليوم والرجوع إلى تقسيمه إلى يوم وليلة، ومنها :التدريب على الصيام، والتلاوة، والقيام ، والذكر ، والدعاء وغير ذلك من العبادات والطاعات.

وأضاف: لعل اتباع هدي النبي بالإكثار من الصيام في شهر شعبان ييسر على المسلم مهمة الصيام في شهر رمضان ولا يشعر بعناء في تلك العبادة العظيمة، وذلك لأن شعبان شهر يتناسب في المناخ وطول النهار وقصره مع شهر رمضان لأنه الشهر الذي يسبقه مباشرة، فالتعود على الصوم فيه ييسر على المسلم ذلك.

وأكمل جمعة: أمر آخر للاستعداد لاستقبال الشهر المعظم، وهو القرآن الكريم ومدارسته وتلاوته ومحاولة ختم المصحف في شهر شعبان، وذلك لتيسير قراءته وختمه في شهر رمضان، فقراءة القرآن عبادة نيرة، تعين المسلم على باقي العبادات في شهر رمضان وغيره، وهي تنير قلب المسلم وتشرح صدره، فلا ينبغي للمسلم أن يتركها ولا يقصرها على رمضان، إلا أنه يزيد منها فيه لاستغلال هذه الدفعة الإيمانية والنفحة الربانية.

وتابع: ولا ننسى أن نذكر بأهم ما يعين على ذلك كله ألا وهو ذكر الله عز وجل، وقد ورد الحث على الذكر في كتاب الله وسنة النبي ، فمن القرآن قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ  ويقول رسول الله  نصيحة عامة: «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ». [أحمد].

المصدر : وكالات