تمعن "إسرائيل" في إلحاق الأذى بشرائح مختلفة من الفلسطينيين، آخرها مصادقة اللجنة الوزارية الإسرائيلية في 9 يناير/ كانون الأول الجاري على مشروع قانون صاغته وزيرة داخلية الاحتلال إيليت شاكيد، يحظر لمّ شمل العائلات الفلسطينية.

وتأتي هذه الخطوة على الرغم من رفض المحكمة العليا الإسرائيلية الترخيص للوزيرة الإسرائيلية بالعمل بموجب قانون المواطنة المنتهية صلاحيته وفشلها في تمريره عبر الكنيست.

وقانون منع لم شمل العائلات الفلسطينية يجدد كل عام، لكن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي فشل في إقراره من جديد بعد رفض المعارضة التصويت لصالح القانون.

والتزمت وزيرة الداخلية بتقديمه من جديد، وأبلغت بذلك المحكمة العليا التي طالبتها برد حول طلبات لم الشمل، التي رفضت الوزيرة حتى النظر فيها.

وكانت محكمة الاحتلال العليا قد أصدرت قرارًا يمنع وزيرة الداخلية الإسرائيلية من الاستمرار بالعمل بموجب سياسة قانون المواطنة، الذي يمنع لم شمل عائلات فلسطينية، والذي انتهت صلاحيته في يوليو/ تموز الماضي.

ومنذ انتهاء صلاحية القانون وفشل الحكومة بإقراره في "الكنيست"، أصدرت الوزيرة تعليمات بعدم معالجة الطلبات التي قدمت للوزارة كما كان متبعَا قبل إقرار القانون عام 2003، وبمواصلة التعامل مع آلاف من طلبات لمّ الشمل، وكأن القانون ما زال ساري المفعول.

وفي هذا الإطار، اعتبر الباحث السياسي والأستاذ في معهد الدوحة للدراسات العليا إبراهيم الخطيب أن المحكمة العليا الإسرائيلية أمام مأزق، لأن القانون لم يمدد في شهر يوليو وبالتالي لا صلاحية لوزيرة الداخلية الإسرائيلية لمنع الفلسطينيين من لم شملهم.

وتابع في حديث لـ"العربي" من الدوحة أنه نتيجة لذلك، على السلطات الإسرائيلية أن لا تتعامل مع هذا القانون منتهي الصلاحية والتي حاولت شاكيد إقراره من جديد.

أسباب "منع لمّ الشمل"

وحول أسباب "منع لم الشمل"، لفت الخطيب إلى أن إسرائيل تعترف بأن القانون هو للحفاظ على يهودية الدولة، وذلك استنادًا لتصريحات وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد الذي أقرّ في وقت سابق بأن هناك اعتبارات ديمغرافية في إقرار قانون منع لم الشمل.

وشدد على أن الدواعي الأمنية التي تتذرع بها إسرائيل لمنع الشمل ما هي إلا "هراء" لمحاولة تبرير القانون، خصوصًا أن المخابرات الإسرائيلية تراجع كل الملفات وهي على اطلاع على وضع جميع الفلسطينيين الذي يتزوجون من داخل الخط الأخضر والضفة وقطاع غزة، مضيفًا أن هناك سياسة إسرائيلية ممنهجة بهدف الحد من زيادة عدد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر.

هل يبصر القانون النور؟

وحول إمكانية إقرار القانون مجددًا، أوضح الخطيب أن هناك خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية الحالية إزاء هذا القانون، خصوصًا وأن الوزيرة شاكيد تحاول تمريره بدعم من المعارضة.

وتابع أن الوضع السياسي في إسرائيل والحديث عن إمكانية عقد صفقة بين رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، والنيابة العامة الإسرائيلية وإخراج نتنياهو من الحياة العامة السياسية سيخلط الأوراق من جديد، ما يجعل إمكانية إقامة حكومة جديدة مبنية من اليمين واليمين المتطرف غير واردة، الأمر الذي يؤجل القانون لفترة أخرى حتى يتم بناء حكومة جديدة.

وأردف الخطيب أنه على الرغم من تأكيد المنظمات الدولية عدم قانونية هذا القانون، فإن إسرائيل تنتهج نهجًا مخالفًا للقرارات الدولية.

ويؤرق ملف "لم الشمل" آلاف الأسر الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث ترفض إسرائيل الاعتراف بقانونية وجود بعض أفرادها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد يكون أحد الأبوين.

ولا تملك السلطة الفلسطينية في الضفة ولا حركة "حماس" في قطاع غزة، سلطة إجراء أي تغيير على السجل السكاني للفلسطينيين، سوى تسجيل المواليد والوفيات واستبدال بطاقات الهوية الشخصية.

وتبرز المشكلة بشكل خاص، لدى العائلات التي دخل بعض أفرادها إلى الضفة وغزة، بتصاريح مؤقتة أو سياحية، ولدى الفلسطينيين الذين تزوجوا من جنسيات أخرى دون أن يحصلوا على قرار "لم الشمل".

وتعتبر إسرائيل هؤلاء "مقيمين غير شرعيين"، وفي حال اضطر بعضهم للسفر، فإنه لا يستطيع العودة للعيش مع أسرته.

المصدر : الوطنية