كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، عن نتائج تحقيق أُجري داخل الجيش الإسرائيلي حول أخطاء تكتيكية ارتكبها قادة جيش الاحتلال في جنوب قطاع غزة خلال حرب 2014، أدت إلى عواقب وصفت بـ"الوخيمة".

ووفقًا للتحقيق الذي كشف لأول مرة هذه الأخطاء، وأدت إلى فقدان آثار الضابط الإسرائيلي هدار غولدين ومقتل اثنين من زملائه في محافظة رفح جنوب القطاع خلال حرب 2014، فيما عرفت الحادثة باسم "الجمعة السوداء".

وأشارت صحيفة "اسرائيل اليوم" العبرية، إلى أن عوفر وينتر قائد لواء جفعاتي في الجيش الإسرائيلي خلال فترة حرب 2014، عارض وبشدة العملية التي قام بها الجيش الإسرائيلي قُبيل تنفيذها ضد أحد الأنفاق التابعة لحركة حماس جنوب قطاع غزة، حيث فقد بداخلها آثار الجندي غولدين، وقُتل فيها ضابطين آخرين وهما بانيا سارييل ووليل جدوني (ووفق رواية الجيش فإن حماس اختطفت جثه الضابط جولدين).

وتابعت الصحفية، أن وينر عارض إطلاق عملية عسكرية بهدف تحديد موقع النفق التابع لحماس، بسبب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه صباح يوم الجمعة 1 أغسطس/ آب 2014 ودخل حيز التنفيذ في تمام الساعة 08:00 صباحًا لمدة 72 ساعة، بمبادرة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري .

وعلى الرغم من ذلك شرعت قوة في جيش الاحتلال تحت قيادة إسرائيلية، في تحديد موقع النفق بمدينة رفح، وفي ذات الوقت هاجمت وحدة النخبة في حركة حماس، القوة الإسرائيلية عبر فتحة النفق وقتلوا اثنين منهم وتم سحب جثة جولدين إلى داخل غزة وفق رواية الجيش.

وفي التفاصيل، قال وينتر لقادة العملية إنه يعتقد أنه ليس من الصواب التحرك وقت إعلان وقف إطلاق النار، وقدر أن الخطر على القوة المنفذ سيكون أكبر من فرصة تحديد موقع النفق، وأعرب عن قلقه من أن العملية سوف تتعقد، وعشية النشاط العملياتي، أعرب وينتر عن معارضته لقائد الفرقة المنفذة آنذاك ميكي إدلشتاين، الذي قرر مع ذلك الموافقة عليه رغم المعارضة من قائد اللواء.

وبحسب موقع "عكا"، استند الجنرال الإسرائيلي ميكي إدلشتاين في موقفه على تنفيذ العملية، إلى حقيقة أن أحدث المعلومات الاستخبارية لجهاز الشاباك والجيش الإسرائيلي أنه يوجد في تلك المنطقة الشرقية لرفح نقطة وصول إلى نفق هجومي لحماس، ولم يتم تحديد مكانه بعد على الرغم من العمليات العديدة الموجودة في كتيبة جفعاتي للدوريات في القطاع.

وفي وقت لاحق قُدمت معارضة وينتر إلى سامي ترجمان قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي آنذاك، وبعد نقاش مُطول، أقر ترجمان بأن العملية ستنفذ في وقتها.

وبدوره قال مسؤول إسرائيلي كبير، شارك في الجلسة، إن "مواقف وينتر كانت منطقية بالتأكيد، لكن القلق الأكبر كان أن النفق الذي علمنا بوجوده هناك سيتم تفعيله أيضًا لتنفيذ هجوم ضدنا".

وذكر مصدر آخر شارك في المناقشة أن المهمة الرئيسية لعمليات الجيش بالحرب كانت تحديد وتدمير جميع أنفاق حماس الهجومية في وقت قريب.

وأضاف: "لم يكن لدينا بعد ذلك أي وسيلة لتحديد مواقع الأنفاق عن بعد، وكان علينا أن نصل بأجسادنا إلى مدخل كل نفق، وعندها فقط ندمره، لذلك لم يكن هناك بديل عن هذا النشاط".

وقال هذا المصدر إن العملية استندت أيضًا إلى رأي قانوني أكد أن الجيش الإسرائيلي يمكنه مواصلة جهوده لتحديد مواقع الأنفاق في المناطق الخاضعة لسيطرته.

وأثنى مصدر ثالث بالجيش على وينتر، قائلاً إن سلوكه في الجلسة كان "مثالاً نموذجياً على الطريقة التي ينبغي أن يتصرف بها قائد عسكري".

وقال: "قدم وينتر منصبًا مهنيًا منظمًا ومنطقيًا، كما حذر مما سيحدث لكن تم اتخاذ قرار آخ، لقد كان فينتر على حق".

وعقب أحد قادة الجيش أيضا بالقول: "لو لم تقع الأحداث على الأرض، لما كان أحد ليتذكر الخلافات".

ومن جانبها قالت عائلة الضابط الإسرائيلي هدار غولدين الليلة الماضية في تعقيبًا لها على نتائج التحقيق: "جاء إلينا تورجمان وإيدلشتاين ووينتر في يناير 2015 لتقديم التحقيق في الحادث، وجلسوا معنا في غرفة المعيشة وتجادلوا فيما بينهم، وقال وينتر صراحة إنه قاتل طوال الليل ضد هذا النشاط حتى لا نتسبب في وقوع إصابات، وهو أيضًا نسي منذ أن بقي جنوده في غزة لم يفعل شيئًا لإعادتهم إلى منازلهم، حتى توافق حماس؟".

وبعد انتهاء الحرب الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014، أعلن ابو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، عن أسر الضابط الإسرائيلي هدار جولدين في عملية عسكرية شرق محافظة رقح، وفي أعقاب عملية اختطاف الضابط ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، حيث قصفت بشكل عنيف وعشوائي منازل المواطنين، أسفر عن استشهاد أكثر من 100 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

المصدر : الوطنية