أصدر المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بياناً في ختام اجتماعه برئاسة الأمين العام نايف حواتمة، قال فيه إن قيادة السلطة الفلسطينية تخلفت مرة أخرى عن النهوض بدورها القيادي في معركة «سيف القدس»، ودعا إلى حوار وطني فوري لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني الذي وصل إلى مرحلة بات فيها عاجزاً عن خدمة القضية الوطنية.

وقال البيان إن المكتب السياسي بصدد التحضير لمبادرة وطنية تحمل رؤية الجبهة للمرحلة القادمة، سيطلقها خلال الأيام القليلة القادمة.

1) يوجه المكتب السياسي أرقى وأصدق كلمات الإجلال والإكرام النضالي لشعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وقد خاض بجدارة وعنفوان، معركة «سيف القدس» ضد «لصوص الأسوار»، في المناطق المحتلة، وفي داخل الكيان، وصنع استراتيجية نضالية جديدة، وحدته في الميدان، في مواجهة المشروع الصهيوني، ما أحدث نقلة نوعية وتاريخية في مسارنا النضالي، وعمّق وحدته، وفتح الآفاق لمرحلة جديدة، وفق معادلات سياسية جعلت من معركة «سيف القدس» محطة تاريخية، لها ما قبلها، ولها ما بعدها، وسوف تتبدى تداعياتها ونتائجها، بما يعزز، موقع القضية الوطنية، في المعادلات والاهتمامات الدولية.

ويخص المكتب السياسي أبطال المقاومة الفلسطينية، في قطاع غزة: كتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية (قوات الشهيد القائد عمر القاسم) وباقي أذرع المقاومة، وقد قدموا صورة مشرفة للمقاتل الفلسطيني، وهم يذودون عن أبناء شعبهم وكرامتهم الوطنية.

كما يوجه بكل إجلال، التحية لكل الشهداء، ضحايا العدوان الإسرائيلي الهمجي، ويؤكد ضرورة متابعة العمل الدؤوب لمساءلة قادة العدو، عن جرائمهم ضد شعبنا، باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

كما يقرأ في النهوض العارم للحراكات الشعبية، في القارات الخمس، إلى جانب شعبنا وحقوقه المشروعة، وضد جرائم الاحتلال وسياسات التمييز العنصري والتطهير العرقي، نقلة نوعية في الرأي العام، على المؤسسات والمنظمات الفلسطينية، الرسمية والأهلية، التفاعل معها، وتطويرها لعزل دولة الاحتلال، كما تم سابقاً عزل نظام الأبارتهايد البائد في جنوب إفريقيا.

2) خلص المكتب السياسي في مراجعته لمجربات المعركة إلى أن قيادة السلطة الفلسطينية تخلفت مرة أخرى عن النهوض بمسؤولياتها الوطنية في اتخاذ الخطوات الضرورية لتوفير الغطاء السياسي للهبة الشعبية، والمساهمة في دفعها على طريق الانتفاضة الشاملة، والرد على العدوان الوحشي ضد قطاع غزة، من خلال التنفيذ الفوري لقرارات المجلس الوطني الفلسطيني بالتحرر من الالتزامات المجحفة لاتفاقيات أوسلو، وبخاصة وقف التنسيق الأمني والتحلل التدريجي من إملاءات «اتفاق باريس الاقتصادي». إن استمرار هذه السياسة التي تتمسك بخيار الالتزام باستحقاقات وقيود أوسلو، والإغراق في وهم الرهان الخاسر على إحياء المفاوضات العبثية برعاية الرباعية الدولية التي ما زالت أسيرة الاحتكار الأميركي، بات يعطل الدور الريادي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويتنكر لقرارات مجلسيها الوطني والمركزي، ويغذي محاولات اصطناع البدائل لها، ويزيد بالتالي من تفاقم أزمة النظام السياسي الفلسطيني وعجزه عن التقدم إلى الأمام في مواكبة المسيرة الكفاحية لشعبنا، وفي تجاوز حالة الانقسام المدمر التي تعمق هذه الأزمة وتزيدها تعقيداً.

ويحذر المكتب السياسي من خطورة الرهان على إمكانية إطلاق عملية سياسية جادة لحل الصراع في الأمد القريب، مشدداً على ضرورة استمرار النضال في الميدان وعلى الصعيد الدولي، من أجل تغيير حاسم في ميزان القوى يملي على العدو الإذعان لقرارات الشرعية الدولية وبخاصة القرار 2334، الذي ينص على وقف الاستيطان الاستعماري اللاشرعي وقفاً تاماً، باعتبار ذلك شرطاً ضرورياً لإطلاق عملية سياسية قابلة للنجاح في إطار مؤتمر دولي تحت الرعاية الجماعية للأمم المتحدة، ممثلة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، من أجل تنفيذ القرارات ذات الصلة بما يضمن الحل الشامل للقضية الفلسطينية بكافة جوانبها، بما في ذلك حل قضية اللاجئين وفقاً للقرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.

3) يؤكد المكتب السياسي أن ما حققه شعبنا من انتصارات، نقل قضيتنا الوطنية إلى مرحلة جديدة، باتت تستوجب سياسة وطنية جامعة، ترتقي إلى التحديات والاستحقاقات التي باتت تطرحها هذه المرحلة، ما يتطلب سريعاً، إعادة تنظيم الصف الوطني، على أسس ائتلافية، تستعيد قيم حركات التحرر الوطني، ووفق برنامج نضالي يأخذ بالاعتبار الدروس الغنية لمعركة «سيف القدس» وفي مقدمها وحدة الشعب والأرض والقضية والحقوق.

كما يدعو المكتب السياسي إلى حوار وطني على أعلى المستويات، وبقرارات ملزمة للجميع، تشارك فيه القوى الفلسطينية كافة، وبجدول أعمال، وبآليات، تكفل الوصول إلى قرارات ومخرجات، من شأنها أن تنهي الانقسام، وأن تعيد بناء م. ت. ف. وإصلاحها، وتعزيز موقعها السياسي والنضالي، ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا الفلسطيني، مسلحة ببرنامج نضالي واستراتيجية كفاحية، تكفل مواصلة استنهاض قوى شعبنا، واستعادة عناصر القوة في صفوفه، وقد أكدت التجربة كم هي فاعلة ومؤثرة، وقادرة على صياغة معادلات سياسية جديدة.

كما يؤكد المكتب السياسي ضرورة قراءة دروس ثورة الغضب الشعبية لأهلنا في مناطق الـ48، وما أحدثته من تطور في تجسيد وحدة شعبنا ونضالاته، الأمر الذي يتطلب توفير آليات نضالية تكفل صون هذه الوحدة، مع الاعتبار لخصوصية كل منطقة من مناطق النضال وأهدافها السياسية المرحلية، في سياق المشروع الوطني الفلسطيني الموحد، برنامج العودة وتقرير المصير والاستقلال والسيادة.

وفي هذا السياق قرر المكتب السياسي للجبهة أن يطلق في الأيام القليلة القادمة مبادرة وطنية، تحمل وجهة نظر الجبهة الديمقراطية وقراءتها لدروس المعركة البطولية «سيف القدس»، ورؤيتها للمرحلة القادمة، وما تتطلبه من استراتيجية وطنية، ترتقي إلى مستوى الانتصار الكبير الذي حققه شعبنا، وإلى مستوى التضحيات الغالية التي قدمها، وتكفل إعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني، بما يستجيب لاستحقاقات المرحلة، وبما يعيد للقضية الوطنية الفلسطينية اعتبارها قضية تحرر وطني لشعب تحت الاحتلال، بعيداً عن الرهانات الفاشلة والأوهام المزيفة حول إمكانية الوصول، في ظل الاحتلال الحالي وموازين القوى الحالية، إلى تسوية وطنية تكفل لشعبنا حقوقه الوطنية المشروعة كاملة.

4) يتوجه المكتب السياسي بتحيات الإجلال والإكبار لشهداء شعبنا كافة، في مقدمهم شهداء معركة «سيف القدس»، ويقدم التعازي النضالية لعائلاتهم، كما يتوجه بالتحية إلى الجرحى الأبطال متمنياً لهم الشفاء العاجل، مؤكداً في السياق نفسه على ضرورة إزالة العراقيل من أمام إعادة بناء ما دمره الاحتلال في قطاع غزة من دور ومنازل وأبراج ومدارس ومؤسسات صناعية وتجارية وبنية تحتية، كي يتوفر لشعبنا الصامد، في القطاع ضرورات الحياة الكريمة.

ومع حلول اليوم الوطني لشهداء الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 4/6 من كل عام، يؤكد المكتب السياسي ثقته العالية أن منظماتنا الجبهة في كافة أماكن تواجدها، وبرعاية جماهيرية مميزة، سوف تحيي هذا اليوم، بما يليق بذكرى الشهداء وتضحياتهم، شهداء الجبهة الديمقراطية الذين عمدوا بالدم الغالي البرنامج الوطني لشعبنا الفلسطيني، والذين شقوا الطريق الصعب أمام منظمة التحرير الفلسطينية، لتحتل موقعها الذي تستحقه، ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا، مسلحة بالبرنامج الوطني، برنامج العودة وتقرير المصير والاستقلال والسيادة.

المصدر : الوطنية