تقرير/ وجيه رشيد

بعد جمودها لأكثر من عقد ونصف، أصدر الرئيس محمود عباس المرسوم الرئاسي لإجراء الانتخابات العامة في فلسطين، عقب التوافق الأخير الذي حصل بين حركتي "فتح" و"حماس"، وما قبله من لقاءات مكثفة في إسطنبول والقاهرة.

بموجب المرسوم ستُجرى الانتخابات التشريعية بتاريخ 22/5/2021، والرئاسية بتاريخ 31/7/2021، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني.

وسيتم استكمال المجلس الوطني في 31/8/2021 وفق النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات، بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن.

وتعهدت 4 دول وهي (مصر وقطر وتركيا وروسيا)، بضمان إجراء الانتخابات الثلاثة بالتتابع في غضون 6 أشهر، عبر الإشراف عليها لضمان نزاهتها، والعمل على إنهاء الانقسام المستمر منذ 14 عامًا.

ويأتي التطور بعد موافقة "حماس" على إجراء الانتخابات (التشريعية والرئاسية وتلك المتعلقة بالمجلس الوطني لمنظمة التحرير) على التوالي، بعدما كانت تشدد على ضرورة أن تتم كلها بالتزامن.

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية قد وجّه رسالة بهذا الشأن إلى الرئيس محمود عباس الذي رحّب بموقف الحركة الجديد بشأن الانتخابات.

وجرت الانتخابات الرئاسية بفلسطين مرتين، الأولى في 20 يناير 1996 في الضفة الغربية وقطاع غزة بين ياسر عرفات من حركة "فتح" والمستقلة سميحة خليل والتي أسفرت عن انتخاب عرفات فيها وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته عام 2004، حيث حصل على 87.1٪ مقابل 12.9٪ للمرشحة المستقلة.

وباشرت الانتخابات بناء على اتفاقية "أوسلو" حيث تشير المادة الثالثة منه إلى ضرورة إجراء انتخابات عامة حرة ومباشرة، لاختيار أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، وفي سبتمبر 1994 تم الاتفاق بين الطرفين على البدء بالمباحثات الخاصة بإجراء الانتخابات في القاهرة بتاريخ 3 أكتوبر 1994.

أما الانتخابات الثانية، فكانت عام 2006 والتي فاز بها محمود عباس، ومنذ ذلك الوقت وحتى اللحظة لم تجر أي انتخابات رئاسية.

ويرى محللون سياسيون، أن الطريق نحو إجراء الانتخابات العامة لا يزال محفوفًا بالمخاطر، معتبرين صدور المراسيم خطوة جيدة في طريق إنهاء الانقسام وتجديد عروق الشعب الفلسطيني.

ردود الفعل السياسية في الساحة المحلية، كانت تحت مجهر ""، التي راقبت منشوراتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعية "فيسبوك".

 

نجاح وفشل

الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، قال إن صدور مراسيم الانتخابات خطوة أولية جيدة على طريق إنجاز استحقاق انتخابي وتجديد النظام السياسي الفلسطيني لكل المؤسسات الفلسطينية.

وأضاف شرحبيل: "طريق الانتخابات ليست سهلة أو مفروشة بالورود، فلا زالت هناك تحديات كثيرة قائمة تعترض طريق الوصول إلى يوم الاقتراع".

وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يرفض بشكلٍ كبير إجراء الانتخابات الفلسطينية في مدينة القدس، مؤكدًا أنها لن تسمح بهدم ما بنته في عهد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب.

وتابع: "ما بين حوارات القاهرة المرتقبة ونتائجها، وموافقة الاحتلال بإجراء انتخابات في القدس يتحدد نجاح مسار الانتخابات من فشله".

سير بالمقلوب

بدوره، قال المحلل السياسي هاني المصري، إن إصدار المراسيم أولًا ثم البدء بالحوار ثانيًا هو سير بالمقلوب، لافتًا إلى أن اقتصار الحوار على مستلزمات إنجاح العملية الانتخابية، وتجاهله العديد من القضايا الجوهرية يؤدي إلى حصاد الفشل.

وطرح المصري، عدة تساؤلات أولها: هل ستُجرى الانتخابات، وهل ستستنسخ الوضع القائم بدون تغيير وتجديد حقيقيين؟، ثانيًا: هل إذا جرت ستنهي الانقسام أم ستكرسه، وهل ستكون حرة ونزيهة بدون تزوير وتمويل خارجي وهل ستحترم نتائجها فلسطينيًا وإسرائيليًا وأمريكيًا؟

ثالثًا: ما هو وظيفتها هل تكريس سلطة الحكم الذاتي والتزامات أوسلو أم الخروج عنها؟، وأخيرًا: هل تستكمل وتصل إلى المجلس الوطني أم تقف عند الرئاسية أو لا تصل حتى إليها؟

وأكد أنه لا بد من توفير مستلزمات إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتحترم نتائجها، مشيرًا إلى أنه يجب أن تكوم خطوة للتخلص من سلطة الحكم الذاتي والتزامات "أوسلو" وليس لتكريسهما.

ويرسم الأمل مجددًا على شفاه الصغير قبل الكبير في فلسطين عامة وقطاع غزة خاصة، الذي ذاق ولا يزال يذوق ويلات سنوات عجاف، طرق أبوابهم ودخلت منازلهم من غير استئذان.

وأمام هذه التردي للأوضاع المعيشية والاقتصادية القاسية، فإن ما يحتاجه الناس هو بارقة أمل بأن هذه الظروف ستؤول إلى تحسن وليس إلى مزيدٍ من التدهور.

المصدر : الوطنية- وجيه رشيد