دعا مركز التعليم البيئي التابع للكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة إلى تكثيف غرس الأشجار الأصيلة، وتجنب زراعة الأنواع الدخيلة، ومتابعة ري الأشجار في فصول الجفاف، وتفادي رش مبيدات الأعشاب الكيماوية، وحماية الأشجار من القطع والرعي الجائر، واستثمار أوقات الإغلاق وظروف الجائحة في الاهتمام بالحدائق المنزلية بزراعات خالية من الكيماويات.

جاء ذلك في ورقة حقائق ليوم الشجرة، الذي يصادف في 15 كانون الثاني سنويًا، أصدرها المركز اليوم الخميس.

وحث المركز على تبني مبادرات مطران الكنيسة الإنجيلية اللوثرية سني إبراهيم عازر التي أعلنها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، لتنفيذ حملات غرس للأشجار في المدارس والأحياء، و"ساعة تطوع لأجل فلسطين"، وغرس شجرة عن روح كل فلسطيني توفي بفعل "كورونا".

وجدد المركز الدعوة إلى إحياء مبادرة المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي سيمون عوض (شجرة لكل طالب)، التي أطلقها عام 2005-2006، واعتمدتها وزارتا الزراعة والتربية والتعليم والمؤسسات المختصة، وشُكلت لجنة لمتابعتها، والتي تطورت لاحقًا إلى "شجرة لكل طالب ومعلم".

وأشاد بجهود وزارة الزراعة، التي تنفذ منذ سنوات مشاريع تخضير فلسطين، وتوسّع الرقعة الخضراء، وتوزع الأشتال على المزارعين والمواطنين، وتقدم إرشادات متواصلة للعناية بالأشجار، في الوقت التي تتعرض له الأشجار وبخاصة الزيتون لعدوان الاحتلال والاستيطان بالتجريف والمصادرة والاقتلاع والحرق والقطع، ومنع المزارعين من العمل بحرية خلف جدار الفصل العنصري.

وأثنى على مبادرة المجلس الأعلى للشباب والرياضة" أحياء يرزقون" التي نفذها في يوم الشهيد، والتي غرس فيها أشجارًا باسم شهداء الحرية.

رئة العالم

وتتبعت الورقة أهمية الأشجار، التي تُعد مصدرًا مهمًا للأكسجين، الذي لا نستطيع العيش دونه 3 دقائق، كما تعتبر حجر الزاوية في الحماية من التلوث، والتقليل من ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، ومركبات الكربون الكلورية فلورية، وغيرها من الملوثات، وتزيل التلوث وتوفر الهواء النقي، كما تساهم في مركبات الطب والأدوية، مثلما تمنحنا الإلهام، ونتعلم منها دروسًا لأهمية الانتظام في الرعاية، والري، والتقليم، والمعالجة من الآفات.

وأضافت: إن الأشجار تزيد من جودة الهواء، وتمنع تآكل التربة، مثلما تعمل الحواجز المصنوعة من الأشجار كمرشح فيزيائي، ومحبس للغبار، وتعمل على امتصاص الملوثات من الهواء، إذ أن كل شجرة فردية تزيل ما يصل إلى 1.7 كيلوغرام من الملوثات سنويًا، وتوفر الظل من الإشعاع الشمسي وتقلل الضوضاء. كما تظهر الأبحاث أنه في غضون دقائق من إحاطة الإنسان بالأشجار والمساحات الخضراء، ينخفض ضغط الدم لديه، ويبطئ معدل ضربات القلب، وتقل مستويات الإجهاد.

وتابعت الورقة أن الأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون أثناء نموها، كما يساعد الكربون الذي تخزنه في خشبها على إبطاء معدل الاحتراز العالمي، وتقلل سرعات الرياح وتبرد الهواء لأنها تفقد الرطوبة، وتعكس الحرارة لأعلى من أوراقها، وبوسعها أن تقلل درجة الحرارة في المدن بنحو 7 درجات مئوية، وتساعد على منع الفيضانات وتآكل التربة، والشجرة دائمة الخضرة الناضجة، على سبيل المثال، يمكنها اعتراض أكثر من 15000 لتر ماء سنويًا.

وأكدت أنها توفر الموئل والطعام لمجتمعات مذهلة من الطيور والحشرات والفطريات، وتعتبر جذوعها أغطية جوفاء لأنواع من الخفافيش، والخنافس، والبوم، ونقار الخشب، فعلى سبيل المثال يمكن أن يكون البلوط الناضج موطناً لما يصل إلى 500 نوع مختلف من الكائنات الحية.

ثروة وثراء

ووفق الورقة ينجذب الناس للعيش والعمل والاستثمار في المحيط الأخضر، وتظهر الأبحاث أن متوسط أسعار المنازل أعلى بنسبة 5-18٪ عندما تكون العقارات قريبة من الأشجار الناضجة،

وبحسب منظمة "الفاو" يمكن للأشجار أن تسهم في زيادة الأمن الغذائي والتغذوي المحلي، وأن توفر الأغذية مثل الفاكهة، وأصناف الجوز، والأوراق للاستهلاك البشري والأعلاف. كما يتم استخدام خشبها لأغراض الطهي والتدفئة.

وتابعت: كما يمكن للشجرة الناضجة أن تمتص ما يصل إلى 150 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. ونتيجة لذلك، تلعب الأشجار دورًا هامًا في التخفيف من آثار تغير المناخ. ويمكن للأشجار تحسين نوعية الهواء، وخاصة في المدن التي ترتفع فيها مستويات التلوث، لتجعلها أماكن أفضل صحيا للعيش فيها.

وجاء في الورقة: يمكن للتخطيط الإستراتيجي لمواقع الأشجار في المدن أن يساعد على تبريد الهواء بين 2 و8 درجات مئوية، وبالتالي الحد من تأثير "جيوب الحرارة" الحضرية، ومساعدة المجتمعات المحلية الحضرية على التكيف مع آثار تغير المناخ. كما تعد الأشجار الكبيرة مرشحات ممتازة للملوثات الحضرية والجسيمات الدقيقة، إذ تمتص الغازات الملوثة (مثل أول أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، والأوزون، وأكاسيد الكبريت) وتصفية الجسيمات الدقيقة، مثل الغبار، والأوساخ، أو الدخان، من الهواء عن طريق احتجازها في أوراق ولحاء الأشجار.

وقالت: إن الأشجار تساعد أيضا على الحد من انبعاثات الكربون من خلال المساعدة على الحفاظ على الطاقة. فعلى سبيل المثال، زرع الأشجار في الأماكن المناسبة حول المباني يمكن أن يقلل من الحاجة لتكييف الهواء بنسبة 30 %، وخفض فواتير التدفئة في الشتاء بنسبة 20-50 %. ويمكن لزراعة الأشجار ضمن تخطيط المدن أن يزيد قيمة العقارات بنسبة تصل إلى 20 %، وأن يجذب السياحة والأعمال. 

لكن، بحسب دراسة نشرت في دورية "نيتشر" فإن البشر كثيرًا ما يتعاملون مع الأشجار بلا اكتراث، فيقطعونها لجني مكاسب اقتصادية أو لأنها تعيق الزحف العمراني البشري. إذ اقتلع البشر منذ 12 ألف عام نصف أشجار العالم تقريبًا التي يقدر عددها بنحو 5.8 تريليون شجرة. فيما تُقطع نحو 15 مليار شجرة سنويا، خاصة في المناطق الاستوائية. وتراجعت رقعة الغابات منذ الثورة الصناعية بنسبة 32 في المئة. وزاد عام 2019 عدد الحرائق في غابات الأمازون البرازيلية بنسبة 84 % مقارنة بنفس الفترة من السنة التي سبقتها. وزادت عمليات قطع الأشجار وحرقها لاستصلاح الأراضي في إندونيسيا ومدغشقر.

عالم بلا أشجار!

وقالت الورقة، نقلًا عن هيئة الإذاعة البريطانية، رغم أنه يكاد يكون مستحيلًا أن تسقط جميع الأشجار دفعة واحدة على كوكب الأرض، إلا في حالة وقوع كارثة لا تخطر على بال، إلا أن تخيل هذه الصورة الكئيبة للعالم بلا أشجار، قد يساعدنا في تقدير حجم كارثة فقدان الأشجار، فإذا اختفت الأشجار فجأة ستزول معظم مظاهر التنوع الحيوي على ظهر الكوكب كما أن تدمير جميع الغابات سيكون له عواقب كارثية على النباتات والحيوانات والفطريات وغيرها. وسيحدث انقراض جماعي لجميع الكائنات الحية محليا وعالميا.

وزادت: إن اختفاء الأشجار من العالم سيسبب بتغيرات مناخية غير مسبوقة، وسيتغير المناخ تماما على ظهر الكوكب في حالة اختفاء الأشجار على المدى الطويل والقصير. إذ تقوم الأشجار بدور المضخات البيولوجية في دورة الماء، فتسحب الماء من التربة وتطلقه في الغلاف الجوي في صورة بخار ماء. وبذلك تسهم الغابات في تكوين السحب وهطول الأمطار. وستصبح الأراضي التي اقتلعت منها الأشجار أكثر تأثرا بموجات الجفاف الشديدة. وستزداد الفيضانات، وسيؤثر تآكل التربة على المحيطات والكائنات البحرية. وقد تغرق جزر عديدة بعد أن تقتلع منها الأشجار، التي كانت تحجز مياه المحيط. كما أن الأماكن التي اقتلعت منها الأشجار ستصبح على الفور أكثر دفئا بمقدار درجتين مئويتين على الأقل.

ونقلت عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن إزالة الغابات يسهم بنصيب كبير في انبعاثات الكربون العالمية، إذ تخفف الأشجار من آثار الاحتباس الحراري الناتج عن تغير المناخ، فهي تختزن الكربون في جذوعها وتزيل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. كما تساهم إزالة الغابات الفعل بنحو 13 % من إجمالي انبعاثات الكربون العالمية، بينما يسهم تغيير أنماط استغلال الأراضي بنحو 23 % من الانبعاثات. وعندما تتحلل النباتات ستطلق كميات هائلة من الكربون في الغلاف الجوي، وسترتفع درجة حرارة الأرض بمعدلات غير مسبوقة، لم نر لها مثيلا منذ ظهور الأشجار. وستتسرب كميات ضخمة من الكربون إلى المحيطات وتسبب زيادة كبيرة في معدلات الحموضة إلى حد أنها قد تقضي على جميع الأحياء المائية باستثناء قناديل البحر.

وأضافت: في حال اختفاء الغابات فجأة سنصبح أكثر عرضة للإصابة بأمراض حيوانية المنشأ، مثل الإيبولا وفيروس نيباه وفيروس غرب النيل، وكذلك الأمراض التي ينقلها البعوض مثل الملاريا وحمى الضنك. وستتحول حياة البشر إلى جحيم بلا أشجار.

وأردفت: إن العالم العربي فقير بالغابات مقارنة بدول العالم، وحصته منها 2 % فقط، على مستوى العالم، معظمها يتواجد في السودان والمغرب والجزائر.

واختتمت الورقة بالتعريف بيوم الشجرة، الذي انطلق عام 1872، حين أسس الصحافي جولياس سيترلينج يوماً للاحتفال به في ولاية نبراسكا في الولايات المتحدة، عقب انتقاله من ولاية متشيغان، فكانت لديه الرغبة في رؤية الأشجار، ثم انتقلت الفكرة إلى دول مختلفة، بزراعة عن الأشجار، ونشر التوعية المجتمعية بأهميتها، ودورها في الحفاظ على البيئة.

المصدر : الوطنية