يتجدد القلق العالمي مع الكشف عن ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا، حيث أعلنت عدة دول تعليق الرحلات الجوية مع بريطانيا، بينما تجاوز عدد المصابين بالوباء حول العالم 77 مليونا.

فقد كشفت الصحة العالمية وصول السلالة الجديدة لفيروس كورونا إلى خمسة دول بينها جارة للعراق بأقل من يومين، لافتة إلى أن “السلالة الجديدة من كورونا وصلت إلى الدنمارك، هولندا، أستراليا، إيران واليابان بأقل من 48 ساعة من إعلان ظهوره في بريطانيا”.

وفي الوقت الذي بدأ التفاؤل يسود العالم بقرب نهاية وباء كورونا وعودة الحياة إلى طبيعتها، مع بدء حملات التطعيم ضد الفيروس في عدد من دول العالم، فاجأت بريطانيا العالم بالإعلان عن سلالة متغيرة من الفيروس، تنتشر بصورة أسرع من السلالة القديمة.

وتفيد إحصاءات موقع ورلد ميتر (worldometers) بأن الوباء أصاب حتى صباح الإثنين أزيد من 77 مليونا حول العالم، توفي منهم حوالي مليون و700 ألف شخص، بينما تماثل للشفاء أزيد من 54 مليونا.

ولا تزال الولايات المتحدة الدولة الأكثر تضررا من الفيروس على صعيدي الوفيات والإصابات، حيث سجلت حتى الحين أكثر من 18 مليون إصابة، و324 ألف وفاة.

وجاءت في المرتبة الثانية الهند بأزيد من 10 ملايين إصابة و145 ألف وفاة على الأقل، تليها البرازيل بـ 7 ملايين و238 ألف إصابة، و186 ألف وفاة.

وتحتل روسيا المرتبة الرابعة بمليونين و848 ألف إصابة ونحو 51 ألف وفاة، بينما تأتي فرنسا في المرتبة الخامسة بمليونين و470 ألف إصابة وأزيد من 60 ألف وفاة.

سلالة جديدة

وفي وقت بدأت فيه بعض الدول تقديم اللقاح ضد الفيروس، يثور قلق كبير إزاء سلالة جديدة منه خرجت عن السيطرة في بريطانيا وظهرت في دول أخرى، في حين اكتشفت تايلند بؤرة جديدة في سوق للمأكولات البحرية.

وقد أوقفت الحكومة الهولندية الأحد كل رحلات الطيران من المملكة المتحدة، بعدما اكتُشفت في هولندا إصابة بالسلالة الجديدة التي ظهرت في بريطانيا.

وعلقت تركيا الرحلات القادمة من بريطانيا وهولندا والدانمارك وجنوب أفريقيا بعد ظهور السلالة الجديدة، كما علقت إيران الرحلات الجوية مع بريطانيا لمدة أسبوعين.

وأعلنت حكومة المغرب تعليق الرحلات مع بريطانيا بدءا من فجر الإثنين، بينما أعلنت الكويت تعليقها بدءا من الساعة 11 من صباح اليوم بتوقيت مكة الكرمة.

وعلقت بلجيكا كذلك الرحلات الجوية وحركة القطارات القادمة من بريطانيا، وتلتها إيطاليا التي قررت تعليق الرحلات الجوية مع المملكة المتحدة بعد اكتشاف السلالة التي يشتبه في أنها أكثر عدوى، لكن لم يحدد موعد بدء تنفيذ هذا الإجراء.

وفي وقت متأخر من الليل، قررت فرنسا وألمانيا وبلجيكا والسويد وأيرلندا وكندا تعليق الرحلات الجوية القادمة من بريطانيا.

ودعت رئاسة الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء إلى اجتماع عاجل صباح اليوم الإثنين لتفعيل آلية الطوارئ الخاصة بمكافحة كورونا.

الصحة الأوروبية توافق على لقاح “فايزر – بونتيك”

بدورها، وافقت مفوضية الصحة الأوروبية، اليوم الإثنين، على لقاح “فايزر – بونتيك” ضد فيروس كورونا، وبهذا تكون قد أعطت الضوء الأخضر ببدء التطعيم في أوروبا، ومن المنتظر أن تبدأ ألمانيا بعملية التطعيم خلال الأيام القادمة.

في بريطانيا، يترأس رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاثنين اجتماع أزمة بشأن إمدادات المملكة المتحدة بعد قرار عدد من الدول، تعليق الرحلات بسبب السلالة الجديدة من كورونا.

وأصبحت بريطانيا اليوم معزولة عن معظم أوروبا بعدما قطع أقرب حلفائها روابط النقل معها بسبب المخاوف من السلالة الجديدة من فيروس كورونا ما أثار حالة من الارتباك للعائلات والشركات قبل أيام فقط من خروجها من فلك الاتحاد الأوروبي.

وقطعت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنمسا وسويسرا وإيرلندا وبلجيكا وإسرائيل وكندا روابط السفر مع بريطانيا بعدما حذر رئيس وزرائها بوريس جونسون من أن السلالة الجديدة شديدة العدوى من الفيروس تمثل خطرا على بلاده.

وأغلقت فرنسا حدودها أمام القادمين من المملكة المتحدة من أشخاص وشاحنات لتغلق بذلك واحدا من أهم شرايين التجارة بين بريطانيا والبر الرئيسي بأوروبا في خطوة وصفها وزير النقل غرانت شابي بأنها مفاجئة.

وقال شابي “أنا على اتصال مع نظيري في فرنسا ونبذل كل ما في وسعنا لاستئناف الحركة، أبلغونا حقيقة بأنهم يرغبون في استئناف النقل في أسرع وقت ممكن”، وأضاف أن “رفع الحظر في أسرع وقت يمثل أولوية بالنسبة إليه، ولكن في ظل استعدادات بريطانيا لانتهاء الفترة الانتقالية للخروج من الاتحاد الأوروبي، فقد كانت مستعدة جيدا لانقطاع الروابط”.

من جهة أخرى، قال وزير الصحة النرويجي في بيان اليوم إنه سيتم تعليق الرحلات الجوية القادمة من بريطانيا إلى بلاده بأثر فوري لمدة 48 ساعة على الأقل بسبب المخاوف من السلالة الجديدة لكورونا، ومن المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يوم 31 كانون الأول.

وتم التعرف على الطفرة الجديدة من الفيروس بعد زيادة في حالات الإصابة بهذا النوع المتحور، في لندن ومقاطعة كنت، الواقعة جنوب شرقي البلاد، أُطلق عليها اسم “VUI – 202012/01” على النوع الجديد من الفيروس.

وشهد التطور الأخير للفيروس 17 طفرة على الأقل قد تؤثر على شكله الخارجي، خصوصا على النتوآت الشوكية.

وقال الدكتور مروان سالم، إخصائي الصيدلة الإكلينيكية والتغذية بجامعة زويل، إن هذه السلالة الجديدة أكثر خطورة من السلالة الأخرى وقاتلة، مضيفا ” أنها تستهدف عضلة القلب والأوعية الدموية وتسبب جلطات شديدة الخطورة في الرئة، وأشار إلى أن المصاب بالسلالة الجديدة تدهور حالته بسرعة على خلاف السلالة القديمة التي تكون أعراضها حمى وضيق تنفس.

أسرع انتشارا

بينما أكد الدكتور يحيى عبد المؤمن مكي، اختصاصي وخبير علم الفيروسات في معهد كلود برنار في مدينة ليون الفرنسية، أنه لا يستطيع أحد تحديد مدى خطورة الفيروس في الوقت الحالي، ونحتاج إلى 3 أو 4 أسابيع لتحديد ذلك، مبينا أن الذي يمكن تأكيده الآن أنه أسرع انتشار من الفيروس القديم، لكن بالنسبة لدرجة الخطورة والوفيات نحتاج فترة لمعرفة نسبة الأشخاص الذين يحتاجون الدخول إلى المستشفى عند الإصابة به.

ووفقا للسلطات الصحية البريطانية، فإن التغير الأخير تسبب بطفرة في البروتين المكون للنتوآت المميزة لسطح فيروس كورونا، والتي تساعده على الالتصاق بالخلايا البشرية وإلحاق الضرر بها، كما أن النوع المتغير الأخير من الفيروس يحمل مجموعة من الطفرات، بما يشمل طفرة “N501Y”

ومن المحتمل أن تمنح هذه الطفرة، في هذا الجزء تحديدا، الفيروس قدرة أكبر على العدوى والانتشار بسهولة أكبر بين الناس، وقال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إن التغير الجديد في الفيروس يجعله “أكثر قابلية للانتقال” بنسبة تصل إلى 70 بالمئة. إلا أن الدراسات لا تزال قائمة بهذا الشأن.

وطرأت طفرة N501Y بالتحديد على الجزء المحفز لارتباط نتوآت الفيروس بمستقبلات “ACE2” التي تحملها الخلايا البشرية.

وقال خبراء إن السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد “سارس-كوف2” تتطلب قيودا أكثر صرامة لكبح جماح انتشارها، مما دفع المملكة المتحدة إلى إعادة فرض تدابير الإغلاق في لندن وجزء من إنكلترا بما يشمل نحو 16 مليون نسمة، وفق تقرير نشرته وكالة فرانس برس.

كما أعلنت عدد من دول العالم في مقدمتها ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وكندا والمغرب والسعودية إلى تعليق رحلاتها الجوية مع بريطانيا، خوفا من انتقال السلالة الجديدة إليها.

انتشارها في العالم العربي

أما عن وجودها في العالم العربي، فقد أكد سالم أن هذه السلالة الجديدة موجودة في مصر وبعض الدول العربية منذ الموجة الأولى للوباء في مارس الماضي، وأضاف أنه لم يتم التعرف على السلالة الجديدة في البلدان العربية بسبب عدم مشاركتها في سباق اللقاحات أو الدراسات عن الفيروس.

وقال الدكتور محمد النادي، عضو اللجنة العلمية لمواجهة كورونا بمصر، إن السلالة الجديدة للفيروس والمنتشرة في بريطانيا، موجودة منذ فترة طويلة، وتنتشر في أفريقيا ويرجح احتمالية وجودها في مصر، وفقا لصحيفة المصري اليوم.

 

وأضاف “لو عملنا دراسة نلاقي هذه السلالة في مصر لأنها سريعة الانتشار”، وتابع “أعتقد السلالة الجديدة موجودة في مصر وهذا تحت قيد الملاحظة، ليس هناك دراسات بعد، لكننا لاحظنا ذلك من خلال مراقبة المرضى. . سرعة الانتشار وطريقته هي مؤشرات قد تدل على وجود السلالة في مصر”.

لكن الدكتور مكي إنه لا يمكن الجزم بوجود هذه المرض في العالم العربي، ولو وجدت ستكون بأعداد قليلة انتقلت عبر بعض الرحلات السياحية.

فعالية اللقاح

وبحسب الخبراء، فإن فيروس كورونا منذ ظهوره في أواخر ديسمبر 2019 سجل آلاف الطفرات ولكنها كانت غير مهمة، لكن بدأ الكثير يتساءل حول مدى فعالية اللقاحات، التي تم التوصل إليها، مع هذه السلالة الجديدة.

يرى مكي أنه من الممكن أن تكون اللقاحات الجديدة فعالة مع السلالة الجديدة حتى ولو بنسبة 80%، لكنه أكد أنه إذا كانت نسبة التغير في الفيروس جذرية 20 أو 30 % فنحن أمام فيروس جديد.

فيما تستعد سلطنة عمان لإغلاق حدودها البرية والجوية والبحرية، اعتبارا من الساعة الواحدة من صباح الثلاثاء ولمدة أسبوع، وذلك لمواجهة النسخة المتحورة من فيروس كورونا المستجد.

وقال التلفزيون الرسمي إن القرار يأتي في أعقاب الإجراءات التي فرضتها عدة دول، بعد انتشار “سلالة جديدة” من فيروس كورونا المستجد.

بدوره، قال سالم إننا سنحتاج إلى إجراء تجارب على لقاحي فايز وموردنا على السلالة الجديدة لمعرفة مدى فعاليتها ولا يمكن الجزم بتأثيرها قبل إجراء التجارب، أما اللقاحات الصينية والروسية التي تعمل بالطريقة التقليدية سيكون من الصعب أن تؤثر على هذه السلالة الجديدة.

وقال وزير الصحة الألماني، ينس سبان، الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لقناة التلفزيون العامة زد دي إف “استنادا إلى كل ما نعرفه حتى الساعة، وإثر اجتماعات حصلت بين خبراء السلطات الأوروبية”، فإن “لا تأثير (للسلالة الجديدة) على اللقاحات” التي لا تزال “فعالة”.

كذلك، يتلقى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، جرعته الأولى من لقاح فيروس كورونا على الهواء مباشرة ضمن جهد متزايد لإقناع الأميركيين بأن اللقاحات آمنة.

أما في إيران، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الصحة والعلاج والتعلیم الطبي الإيراني سیما سادات لاري بأن عدد الإصابات بفیروس ورونا في البلاد، بلغ لغایة ظهر الیوم الإثنين ملیون و 164 ألفا و535 شخصا وبوفاة 191 شخصا آخر خلال الساعات ال24 الماضیة بلغ عدد المتوفین في إيران 53 ألف و816شخصا، مسجلة 6 الإف و 151 حالة جدیدة للإصابة بفیروس ورونا لیرتفع إجمالي عدد المصابین بالفیروس في البلاد إلى ملیون و164 ألفا و535 شخصا ويكون 5519 شخصا في وضع حرج.

ومن جانبها، ستجري تايلند أكثر من 10 آلاف فحص لكورونا المستجد بعد تفش للفيروس مرتبط على ما يبدو بأكبر سوق للمأكولات البحرية في البلاد.

 

وتم ربط نحو 700 إصابة جديدة بسوق ومرفأ “ماماتشي”، منذ تأكدت إصابة بائعة “قريدس” تبلغ 67 عاما الخميس بالفيروس.

تطعيم 50 مليون شخص ضد كورونا بالصين

على صعيد آخر، أكد ممثل مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في شنغهاي تاو لينغ، إن سلطات الصين تخطط لتطعيم 50 مليون شخص بلقاحات ضد فيروس كورونا المستجد، بحلول 15 شباط 2021.

وأضاف لينغ، في حديث نقلته صحيفة جيانكانغ شيباو” اليوم، أن “الدفعة الأولى من التطعيم في الصين ستشمل 50 مليون شخص”. وأشار إلى أنها ستنجز بحلول 15 فبراير المقبل.

في يوم السبت الماضي، أعلن تسنغ ييشين نائب رئيس اللجنة الحكومية للصحة العامة في الصين، أن الدفعة الأولى من التطعيم ستشمل في المقام الأول العاملين في مجال النقل بالبرادات، والرعاية الصحية، والنقل الدولية والمحلي، والمزارعين والعاملين في أسواق المأكولات البحرية، وكذلك كل من يتعرض لخطر العدوى بسبب العمل.

في وقت سابق، ذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”، نقلا عن مصادر مطلعة أن السلطات الصينية تخطط لاستخدام 100 مليون جرعة من اللقاحات الوطنية، لتطعيم ما لا يقل عن 50 مليون شخص قبل العام القمري الجديد (عيد الربيع)، الذي سيحل ليلة 10-11 شباط.

المصدر : وكالات