ضعف البصر أو فقدانه تماما يعد أحد أبرز مظاهر الشيخوخة، التي يعكف العلماء على التوصل لعلاجات تحد من تأثيرها. كانت آخر هذه الجهود دراسة أجراها أطباء بكلية الطب في جامعة هارفارد ونشرتها مجلة "نيتشر" العلمية مطلع ديسمبر الجاري.

وتعد الشيخوخة عملية تنكسية تؤدي إلى اختلال وظائف الأنسجة، وفقدان الجهاز العصبي المركزي قدرته الوظيفية والتجديدية.

لكن أملا جديدا أحيته الدراسة المنشورة حديثا في دورية "نيتشر"، حيث تبشر بإمكانية عودة البصر بإعادة البرمجة الجينية عن طريق استعادة معلومات وراثية "فوق جينية" من مرحلة الشباب لتجديد المحاور العصبية بعد تلفها، ومن ثم استعادة القدرة على الإبصار.

ووفقا للدراسة فإن أنسجة الثدييات تحتفظ بسجل من المعلومات الوراثية فوق الجينية لفترة الشباب، يجري تشفير جزءٍ منها، ويمكن الانتفاع بهذا السجل، بهدف تحسين أداء وظائف الأنسجة، وتعزيز القدرة التجديدية في جسم الكائن الحي.

وقام عالم الوراثة في كلية الطب بجامعة هارفارد ديفيد سنكلير وزملاؤه بإعادة ضبط الساعة البيولوجية لمجموعة من الخلايا لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم تجديد الخلايا المصابة بالشيخوخة، وهو ما تم تطبيقه عمليًا على فئران مصابة بالشيخوخة المبكرة وحققت التجارب نتائج مبشرة للغاية.

ونتيجة لنجاح نمو المحاور العصبية الجديدة من الخلايا الجذعية الجنينية التي وصلت إلى الدماغ، تم إيقاف تقدم الغلوكوما (المياه الزرقاء)، واستعادت الفئران المصابة ما يقرب من نصف حدة البصر المفقودة، وهي المرة الأولى التي يعود فيها البصر إلى فئران مصابة بحالة تشبه الغلوكوما.

وفي تصريحات صحفية، أبدى الباحث الأول بالفريق العلمي، ديفيد سنكلير، اندهاشه من تحقيق النتائج، وأكد عدم تصديقه لخبر إبصار الفئران عندما تلقاه من أحد معاونيه، في العاشرة ليلًا، فلم يكن يُعتقد قبل ذلك أن هناك إمكانية للشفاء من " الغلوكوما" -على حد قوله-.

وفيما سبق، حاول العلماء تجديد الخلايا العقدية (وهي نوع من الخلايا العصبية في شبكية العين) خارج العين لتتم إعادة زرعها مرة أخرى.

وتُعد تقنية العلاج الجديدة قفزة علمية هائلة، إذ سيتم تجديد الخلايا العقدية في مكانها، فما تحتاجه فقط هو إعادة النمو وإعادة الاتصال.

وينتظر ملايين المصابين بأمراض من شأنها إضعاف البصر أو فقده خروج تقنية العلاج الجديدة إلى النور، وبدء تطبيقها على البشر بعد إتمام كافة مراحل البحث والتجريب.

 

 

المصدر : الوطنية