استهل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، مساء اليوم الأحد، بحديثه عن ذكرى انطلاقة الحركة الثالثة والثلاثين هذا العام في ظل تطورات ومتغيرات كبيرة وضخمة لها تأثير عميق في قضيتنا.

وقال هنية، إن انطلاقة "حماس" امتداد لمسيرة شعبنا الفلسطيني، وكفاحه الطويل، ومقاومته المتواصلة منذ ثورة الشهيد عز الدين القسام، مشيرًا إلى أن "حماس" وُلدت من رحم الشعب والقضية، وجاءت تتويجًا للمسار الخاص بالحركة الإسلامية على أرض فلسطين، حيث انتقلت من مرحلة الإعداد والبناء إلى جيل التحرير، إلى مرحلة المواجهة المفتوحة والمتواصلة.

وأوضح أن انطلاقة حركته كما انطلاقة كل الفصائل مناسبة وطنية بامتياز، وليست حزبية، وهذا تأكيد أن الفصائل انطلقت من أجل الشعب، وهي في خدمته، لافتًا إلى أن الشعب هو الذي يمنح الشرعية للفصائل وديمومة بقائها ووجودها على رقعة العمل السياسي والميداني.

وأكد أن حركته أعادت الاعتبار لمشروع المقاومة، وقدمت إضافة نوعية وكمية مهمة، ولها بصمتها الخاصة في مسيرة مقاومة الشعب الفلسطيني، مشددًا عل أنها استطاعت أن تخوض المقاومة بكل أشكالها وأنواعها، ونجحت من خلالها في أن تبني قاعدة صلبة للمقاومة متمثلة اليوم في غزة.

وأوضح أن المقاومة كخيار استراتيجي أسهمت فيه "حماس" إسهامًا حقيقيًا، واستطاعت أن تقول لشعبنا ولأمتنا إن خيار المقاومة خيار مثمر لما أنجزه من تحرير الأرض والأسرى وحماية القدس والأقصى، ومواجهة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.

وأضاف: "حماس استطاعت أن تبني نظريات الردع، وأن تقض مضاجع العدو الصهيوني في غزة وفي الضفة، وأيضًا بصمود الشعب في الداخل المحتل، وتمسك الشعب الفلسطيني في الخارج بحقه في العودة إلى أرض فلسطين".

وبين ان محور تحركنا هي ثوابت الشعب وثوابت الأمة، الثوابت الإيمانية الدينية، والثوابت الوطنية، منوهًا إلى انه من أجل ثوابت شعبنا قدمت حماس آلاف الشهداء والجرحى والأسرى والمبعدين، وتحملت الكثير من الأعباء، وتعرضت للكثير من المؤامرات القريبة والبعيدة من أجل أن تتخلى عن ثوابت شعبنا وقضيتنا.

وتابع: "حماس قالتها في الماضي وتقولها اليوم: لن تسقط القلاع، ولن تخترق الحصون، ولن ينتزعوا منا المواقف"، مبينًا أنها استطاعت بناء شراكة حقيقية مع الأمة من خلال استراتيجية الانفتاح على جميع الدول وعلى كل مكونات الأمة، وإعادة الاعتبار للعمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية.

ونوه إلى ان قضية فلسطين ليست قضية تراب وفقط، هي قضية وطن وعقيدة وحاضر ومستقبل لأجيالنا الفلسطينية، ولأمتنا العربية والإسلامية، مؤكدًا أن "حماس" تعمل على تفعيل المقاومة وتطويرها في كل الساحات حتى نرغم العدو الإسرائيلي على الإقرار بحقوق الفلسطيني، الشاملة بكل أشكالها ومستوياتها، من المقاومة الشعبية إلى العسكرية والمسلحة.

وأردف: "حماس ستستمر في استراتيجية تطوير وبناء القوة في قطاع غزة وستعمل مع كل أبناء شعبنا على استنهاض المقاومة وروحها في الضفة الغربية"، مؤكدًا أن الضفة في الماضي والحاضر والمستقبل تشكل الساحة الأهم في إدارة الصراع مع العدو، وفي مشروع الانتفاضة والمقاومة، ومَن يعتقد أن الضفة ساكنة أو هادئة أو مردوعة فهو واهم.

ملف المصالحة

وقال هنية، إن "حماس" منذ أن انطلقت وحتى هذه اللحظة ستظل مع وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ومع المصالحة والشراكة وإنهاء الانقسام.

وأكد أن حركته مع إعادة بناء المرجعيات الوطنية والقيادية والسياسية لشعبنا الفلسطيني، بدءًا بمؤسسات منظمة التحرير، ومرورًا بكل المؤسسات التي ترعى وتقود شؤون شعبنا في الداخل والخارج، لأنها تشكل الإطار الناظم لشعبنا.

وأكمل: "دفعنا بكل قوة ووعي واقتدار نحو إنجاح مسار المصالحة الذي بدأناه مؤخرًا مع إخوتنا في حركة فتح والفصائل الفلسطينية".

وأشار إلى أنه قدمنا كل ما يلزم من أجل إحداث الاختراق المطلوب لإنجاز المصالحة، ولكن للأسف الاستدارة السياسية التي قامت بها السلطة بالعودة للعلاقة مع الاحتلال والتعاون معه والحديث مجددًا عن أوسلو شكّل عائقًا كثيفًا أمام تحقيق الاختراق في المصالحة التي كنا نتطلع إليها.

وأوضح أن نحن أحوج اليوم إلى وحدة الموقف الفلسطيني، ونقول ذلك عن وعي وقوة واقتدار ومسؤولية تاريخية.

واستطرد: "مددنا يدنا وما زالت ممدودة من أجل بناء شراكة حقيقية، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير لتكون هناك شراكة سياسية ووطنية وميدانية في آن واحد".

مشاريع التصفية

وأكد رئيس المكتب السياسي لـ "حماس"، أننا أمام مشاريع خطيرة لتصفية القضية من خلال "صفقة القرن" و"خطة القرن"، ومن خلال التطبيع.

وقال إنه نتابع ونراقب ما يجري في المنطقة من بعض الدول العربية، ومن أشقائنا العرب في جريمة التطبيع التي لا يمكن لأحد لا في الشعب الفلسطيني ولا في شعوب الأمة أن يستوعب ما الذي يجري.

وأكد ان التطبيع يمهّد الطريق لأن يخترق الاحتلال الإسرائيلي المنطقة، وأن يفتت وحدتها، وأن يتسيد المشهد الإقليمي، وأن يسخر الدول المطبعة معه لمصالحه السياسية والأمنية والاقتصادية.

ودعا كل النخب سواء في الدول التي طبعت أو غير المطبعة إلى أن تعلن موقفها بكل وضوح برفض التطبيع، وأن تعيد الاعتبار لثقافتها وفكرها ووعي أجيالها تجاه القضية الفلسطينية والقدس.

وشدد على أن العدو الإسرائيلي الذي قتل وشرد ودمر واستباح كل شيء لا يستحق أن يمد له الحبل، ولا يجوز لكائن من كان أن يمد له جسور العلاقة في ظل الوضع الراهن.

صفقة الأسرى

وأكد أن "حماس" التي أنجزت صفقة وفاء الأحرار ومن خلال ما هو بين يديها وما يمكن أن تقوم به مع فصائل المقاومة ستنجز لأسرانا الحرية والتحرير والعودة إلى أهلهم وديارهم.

وبين أن حركته وفصائل المقاومة تعمل بصمت وقوة ووعي من أجل تحريركم وكسر قيدكم، ولن تترككم في غياهب السجون.

 

المصدر : الوطنية