بعد إعلان البيت الأبيض إصابة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وزوجته بفيروس كورونا، ضجت مواقع التواصل الإجتماعي، بعدد من التساؤولات لعل أبرزها، هل يجوز الدعاء لغير الكافر بالشفاء؟ ، وما الحكم الشرعي في الدعاء لغير الكافر.

جمهور الفقهاء أجاز الدعاء للكافر بالشفاء ونحوه من منافع الدنيا إذا لم يكن هذا الكافر حربياً، بل كان مسالماً، أو كان في شفائه نفع للمسلمين، أما المحارب والمعادي ومن يكون في شفائه مضرة على المسلمين فلا يدعى له.

وقد دل على هذا الأصل قوله تعالى: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8].

ويمكن أن يستدل لهذه المسألة بما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن ناساً من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- أتوا على حي من أحياء العرب فلم يَقْروهم [يضيفوهم] فبينما هم كذلك إذ لُدغ سيد أولئك [لدغته عقرب] فقالوا هل معكم من دواء أو راقٍ؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلاً [عطاءً] فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بُزاقه ويتفل، فبرأ فأتوا بالشاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي –صلى الله عليه وسلم- فسألوه، فضحك وقال: (وما أدراك أنها رقية؟! خذوها واضربوا لي بسهم).

فهذا الحديث دل على جواز رقية الكافر، والرقية دعاء له بالشفاء، ولكن الدعاء للكافر بالشفاء لا يعني موالاته ومحبته،، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : عن حكم موالاة الكفار ؟

فأجاب بقوله : موالاة الكفار بالموادة والمناصرة واتخاذهم بطانة حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم قال الله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ).

الدعاء لغير المسلم بالهداية:

وهذا مطلوب، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع كثير من أهل الشرك قبل إسلامهم ومن ذلك:

1- ما جاء في قصة إسلام عمر رضي الله عنه وأبي جهل، روى أحمد في مسنده عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اللهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَانَ أَحَبُّهُمَا إِلَى اللهِ عُمَر بْنَ الْخَطَّابِ[5]".

2- ودعا لدوس روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ، عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، قَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ[6]".

3- وكما في دعائه صلى الله لعيه وسلم لأم أبي هريرة، روى مسلم عن أَبُي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ".

المصدر : وكالات